أصعب أحجية في العالم.. إعادة تركيب لوحة رومانية مفقودة منذ 1800 عام

في مهمة بالغة التعقيد، تمكن أثريون بريطانيون من إعادة تجميع آلاف القطع المتناثرة من لوحة جدارية رومانية، لم تُرَ منذ أكثر من 1800 عام.
وتم العثور على تلك القطع داخل حفرة كبيرة في منطقة ساوثوارك أثناء أعمال تطوير الموقع عام 2021.
وقالت "هان لي"، خبيرة المواد المعمارية في متحف لندن للآثار، في بيان صحفي: "لقد كان الأمر أشبه بمحاولة تجميع أصعب أحجية في العالم".
وبعد ثلاثة أشهر من العمل الدقيق والمضني، استعادت اللوحة الجدارية، التي تعود إلى الفترة ما بين عام 43 و150 ميلاديا، شكلها الأصلي على الجص، كاشفةً عن زخارف مذهلة تتضمن طيورًا وفواكه وأزهارا وآلات وترية، إلى جانب كتابات غرافيتي قديمة وأدلة تشير إلى هوية الفنانين.
فن في قلب الفوضى
اللوحة كانت تزين 20 جدارا داخل مبنى روماني، يُعتقد أنه دُمّر في غضون 157 عاما من إنشائه. وتشير الأدلة إلى أن اللوحة كانت انعكاسًا لثراء ذوي المكان وذوقهم الفني، حيث استلهم رساموها عناصر تصميم من مناطق بعيدة مثل ألمانيا وفرنسا في ظل الإمبراطورية الرومانية، بما في ذلك نمط الألواح المستطيلة، مع لون أصفر نادر في الخلفية.
وتمثل الكتابات اليونانية المحفورة على الجص شكلا مبكرا من "الغرافيتي" الروماني، وربما استخدمت كقائمة أو سجل عدّ، ويُعتقد أن كاتبها كان ذا خبرة في الكتابة، نظرًا لجودة الخط الظاهرة.
توقيع غامض وقرائن فنية
في إحدى الزوايا، عُثر على الكلمة اللاتينية "fecit"، وتعني "صنع هذا"، داخل زخرفة معمارية تُستخدم عادةً لتوقيع الأعمال الفنية، لكن التوقيع نفسه مفقود بسبب كسر في الجص، ما أبقى هوية الفنانين طي الغموض. كما عُثر على خطوط إرشادية بالكاد تُرى إلا تحت إضاءة معينة، ورسومات أولية لزهور يبدو أن الرسامين تراجعوا عن تنفيذها.
ورغم نجاح الترميم، لا يزال الغموض يلف وظيفة المبنى الذي كانت تزينه هذه اللوحة. وتشير إحدى الفرضيات إلى أنه كان منشأة تجارية تُستخدم لتخزين أو توزيع الجرار القادمة إلى لندن من أنحاء الإمبراطورية الرومانية.