كان هذا الأسبوع من الأسابيع التأسيسية في تاريخ الإمارات، إذ ودَّعت رئيسًا وانتخبت رئيسًا جديدًا، وعاشت بعد ذلك تفاعلًا خليجيًّا وعربيًّا وعالميًّا غير مسبوق مع الحدثين التاريخيين الجَلَلين.
فعلى مدى ثلاثة أيام متواصلة توافد إلى عاصمة الإمارات، أبوظبي، زعماء العالم ورؤساؤه وقادته بكثافةٍ لم تشهدها الإمارات في تاريخها المعاصر.. جاءت الوفود للمشاركة أولا في أحزانها على رحيل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان -طيّب الله ثراه- والمشاركة ثانيًا في فرحتها وسعادتها بانتخاب رئيسها الثالث صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
جاءت الوفود من شتى أنحاء المعمورة تحمل في جَعبتها رسائل عديدة، أُولاها وأهمها رسالة تقدير لمصداقية الإمارات، والرغبة في الاستثمار في الصداقة والشراكة معها.
لقد اكتسبت الإمارات بأقوالها وأفعالها ونهجها وسلوكها مصداقية في كل عاصمة من العواصم المهمَّة في العالم، ولدى كل زعيم من الزعماء الذين توافدوا إلى أبوظبي في هذا الأسبوع.
صداقة وشراكة الإمارات عملة لها قدرها وتقديرها إقليميًّا وعالميًّا، ومصداقية الإمارات عملة نادرة، وهي من بين أكبر المكتسبات الوطنية، التي تحققت للإمارات في الخمسين عامًا الماضية، لذلك جاءت الوفود لتقول إنها تحزن لحزن الإمارات على فقيدها، وتفرح لفرحها بقائدها، وتود أن تقف معها جنبًا إلى جنب، ويدًا بيد في السّراء والضّراء، وفي رحلتها نحو مستقبلها المشرق.
قائمةُ مَن جاء من الزعماء للتعزية والتهنئة طويلة، وتضم سلطان عُمان، وولي عهد السعودية، وملك البحرين، وأمير قطر، وملك الأردن، ورئيس مصر، ورئيس العراق، ورئيس تونس، ورئيس تركيا، ورئيس فرنسا، ورئيس وزراء بريطانيا، ورئيس إندونيسيا -أكبر دولة إسلامية- وغيرهم من الزعماء.
جميع زيارات قادة العالم للإمارات مهمة، بل في غاية الأهمية، لكنَّ زيارة نائبة الرئيس الأمريكي لها أهمية استثنائية، فأمريكا هي القوة العظمى الوحيدة في العالم.. كذلك جميع الوفود المعزية والمهنّئة لها تقديرها، لكنَّ حضور الوفد الأمريكي غير العادي -المكوَّن من نائبة الرئيس، ووزيري الخارجية والدفاع، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية- له تقدير مضاعَف من حيث نوعه وحجمه، ولجهة توقيت الزيارة ورسالتها، التي تؤكد أن واشنطن -برغم انشغالها بالحرب في أوكرانيا- حريصة كلَّ الحرص على تقوية علاقتها بأبوظبي، الشريك الذي يُعتَدّ بشراكته.
ستتذكَّر الإمارات الزيارة الأمريكية الخاصة، التي ترمز إلى خصوصية العلاقات الإماراتية-الأمريكية، التي تمُرّ بلحظة مهمَّة وفارقة ومفصلية، تتطلب الكثير من الجرأة والحنكة السياسية في أبوظبي وواشنطن.
الرسائل الإيجابية، التي حملتها زيارة الوفود واضحة وضوح الشمس، والمؤكد أن الإمارات تُحسِن الرد على كل تحية بتحية أحسن منها.
بهذا الاحتضان والاحتفاء الاستثنائيَّيْن تبدأ الإمارات عهدها الجديد، ستتمسَّك أولًا بثوابتها الوطنية، وستُحافِظ ثانيًا على مكتسباتها الداخلية والخارجية، وستعمل ثالثًا على تحقيق طموحاتها العالمية كاملةً غير منقوصة، فلا شيء مستحيل في ظل العهد الجديد بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الذي أكد أنه "زايد زمانه"، وأنه خُلِق ليقود، وأكد بما لا يدع مجالًا للشك أنه يمارس القيادة بجدارةٍ وحنكةٍ ورثهما أبًا عن جد، وقد تعهد لإخوانه أعضاء المجلس الأعلى أنه سيُحافِظ على الأمانة، وهو صادق في وعده، واعترف لشعبه بأنه يدرك ضخامة المسؤولية، التي انتقلت إلى عُهدته، وأقسم أنه سيُكمِل المسيرة الاتحادية، التي وضع أسسها الراسخة الأبُ المؤسس الشيخ زايد، طيَّب الله ثراه.
نقلا عن موقع "مفكرو الإمارات"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة