القمة العالمية للتسامح تدعو إلى مكافحة التمييز والتطرف الفكري
المشاركون في القمة العالمية للتسامح يطالبون بوجوب حماية وصون حياة وكرامة وحقوق جميع الأفراد، وتنوع اللغة والتقاليد والأديان والثقافات.
دعا المشاركون في القمة العالمية للتسامح إلى تكثيف الجهود لمكافحة التمييز والتهميش والتطرف الفكري، ومجابهة خطاب الكراهية الذي يؤدي إلى التحريض ضد الآخرين والصراعات، مشددين على ضرورة تحديث المناهج الدراسية، وتضمينها قيم السلام الأخلاقي والتربية الأخلاقية، وتعزيز وتشجيع الاحترام العالمي لحقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع، واحترامها دون تمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين.
جاء ذلك في ختام جلسات القمة، الجمعة، والتي نظمها المعهد الدولي للتسامح التابع لمؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، على مدار يومين في فندق أرماني دبي، تحت شعار "تحقيق المنفعة الكاملة من التنوع والتعددية: مجال حيوي للابتكار والعمل المشترك"، تحت رعاية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.
وطالب المشاركون بوجوب حماية وصون حياة وكرامة وحقوق ورفاهية جميع الأفراد، وتنوع اللغة والتقاليد والأديان والثقافات، لدورها في مكافحة الفكر المتطرف والممارسات القائمة على التمييز والتعصب والكراهية، والإسهام في نشر السلام والعدالة الاجتماعية والصداقة بين الشعوب والأفراد، معربين عن أسفهم لتفشي مظاهر التحيز الثقافي وعدم التسامح، وقلقهم إزاء تصاعد خطاب الكراهية وكراهية الأجانب والصور النمطية، وإساءة استخدام الدين، والتي كثيرا ما تستخدمها الجماعات المتطرفة لخدمة مصالحها الخاصة وإطالة دائرة العنف.
وأوصى المشاركون في القمة بضرورة الوعي بأن ثقافة التسامح يجب أن تستهدف مواجهة التأثيرات السلبية التي تؤدي إلى نشر الخوف وإقصاء الآخرين، وأن تساعد فئة الشباب على تنمية قدراتهم على التفكير النقدي والتفكير الأخلاقي.
ودعوا إلى ضرورة تعزيز شراكة العمل بين أصحاب المصلحة في العالم، من أجل تعزيز التسامح والوئام والسلام والكرامة لجميع الأفراد، كما ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والاعتراف بالقيمة العامة والمشتركة لجميع الأديان والتقاليد الدينية وثقافة السكان الأصليين، كما هو مذكور في تدريس القاعدة الذهبية، والتي تقول: "تعامل مع الآخرين بالطريقة التي تريد أن تُعامَل بها"، و هو مبدأ أساسي للحياة وحجر الأساس الذي بنيت عليه الأخلاق والقيم.
وأكدت القمة أن الإمارات مثال حي على الإدماج والتسامح، كما هو واضح في تعايش أكثر من 200 جنسية مختلفة بانسجام وسلام دون خوف أو نزاع أو تمييز، مشددة على أن تنوع الديانات واللغات والثقافات والعرقيات في العالم ليس عاملا مسببا للصراع، وإنما كنز يثري البشرية.
ونوهت القمة في توصياتها إلى ديباجة الميثاق التأسيسي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونسكو"، والتي تنص على أنه "لما كانت الحروب تتولد في عقول البشر، ففي عقولهم يجب أن تبنى حصون السلام"، وأن قبول التسامح ليس تساهلا ولامبالاة، وإنما هو احترام وتقدير للتنوع الغني لثقافات العالم، وطرق وأشكال التعبير الخاصة عن إنسانيتنا.
وأعلن المشاركون في القمة تبنيهم قيم التسامح والسلام واللاعنف، والعمل على توطيد العلاقات والتضامن معا، والتوسع في مجال العمل المشترك بما يصب في مصلحة البشرية جمعاء، والحفاظ على البيئة من خلال العمل عبر شراكات وثيقة مع الآخرين، بصفتهم مواطنين في العالم.
وأكدت التوصيات حاجة العالم اليوم إلى تدريس القاعدة الذهبية والتي تقول "تعامل مع الآخرين بالطريقة التي تريد أن تعامل بها"، لاسيما وأنه مبدأ أساسي يتعامل مع قضايا مهمة مثل كرامة الإنسان، والديمقراطية، وحقوق الإنسان، واحترام الآخرين، والمساواة بين الجنسين، والعدالة الاجتماعية، والوئام بين الأديان، وإقامة الحوار البناء بين الأمم، والحؤول دون الصراعات وبناء العلاقات الإنسانية على أسس صحيحة.
وشدد المشاركون على أهمية الأهداف والمبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لاسيما فيما يتعلق بالحق في حرية الفكر والوجدان والدين، معربين عن التزامهم بقرارات الأمم المتحدة بمناسبة اليوم الدولي للتسامح، واليوم الدولي للسلام، وأسبوع الوئام العالمي بين الأديان والإعلانات، وبرنامج العمل بشأن ثقافة السلام ومنظمة تحالف الحضارات والأجندة العالمية للحوار بين الحضارات، وتعزيز الحوار بين الأديان والثقافات، والتفاهم والتعاون من أجل السلام، والقضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز القائمة على الدين أو المعتقد.
ودعت القمة إلى العمل على تعزيز مبادئ التعايش السلمي والاحترام المتبادل، والتفاهم والكرامة الإنسانية، والصداقة بين البشر على تنوع واختلاف أديانهم ومعتقداتهم وثقافاتهم ولغاتهم، مؤكدين أن الحوار والتعاون بين الأديان والثقافات جزء لا يتجزأ من منظومة متكاملة تهدف إلى تعزيز روح التسامح وثقافة السلام والوئام والاحترام المتبادل بين الحضارات.
على صعيد متصل، قال الدكتور حمد الشيخ أحمد الشيباني العضو المنتدب للمعهد الدولي للتسامح رئيس اللجنة العليا للقمة العالمية للتسامح، إن الحدث قدم صورة إيجابية عن الإمارات، وسلط الضوء على جهودها في مجال ترسيخ قيم التسامح والتعايش واحترام التنوع والتعددية، وعزز دورها ورسالتها الخاصة بالتسامح والتعايش بين الأديان، مشيرا إلى أن القمة شهدت حضورا مكثفا لنخب سياسية ودينية وأكاديمية وحشد من المهتمين والمتخصصين.
وأوضح أن يومي الحدث كشفا عن جملة من المؤشرات الهامة؛ أبرزها أن التسامح بات قيمة راسخة ونهجا يُمارَس في الإمارات، وأن دور دولة الإمارات تعدَّى الحدود المحلية فيما يتعلق بحفظ الأمن وحماية الإنسان ونشر الحوار ورفض العنف.
ووجه "الشيباني" تقديره لقيادة الإمارات الرشيدة، وجهودها الملموسة ودورها الريادي في بناء جسور التواصل، وإسهامها المتميز في العمل المشترك، منوها إلى أن مبدأ التسامح والمحبة تدعو إليه الأديان السماوية قاطبة، وأن القمة تمخضت عن جملة من التوصيات الهامة، وطالب الجميع بالعمل على ترجمتها لتعزيز مبدأ الحوار والاتفاق ونبذ الخلاف.
ودعا رئيس اللجنة العليا للقمة إلى ضرورة أن تتبع هذه القمة خطوات وجهود أخرى لتنفيذ الإجراءات والآليات التي تم اعتمادها ومناقشتها من خلال المتحدثين في الجلسات الحوارية والورش التفاعلية، مشددا على أن القمة تحمل دلالات كبيرة وهامة، تتمثل في أن دولة الإمارات تسعى إلى بناء شراكات عالمية قوية قادرة، ولديها إرادة تمكنها من قيادة السلام العالمي.
وأوضح "الشيباني" أن جهود القيادة الرشيدة تعكس إيمانها الكامل بأهمية وقيمة الحوار بين الأديان والثقافات والحضارات المختلفة، باعتباره الوسيلة الوحيدة لدعم ونشر دعائم الأمن والسلام التي تقود بلا شك إلى التنمية والازدهار والاستقرار في جميع أنحاء العالم، مشيرا إلى أن القمة عمدت إلى توثيق حشد الجهود بين الدول المشاركة في القمة، وطالب بضرورة أن تنفذ التوصيات بصورة فاعلة حتى تكون مثمرة.
وثمَّن "الشيباني" الجهود المخلصة لكل من ساهم في إنجاح القمة التي ركزت على تعزيز وتكريس روح التسامح والتآخي والعيش المشترك، مشيرا إلى أنها جسدت أهدافها من خلال جمع نخبة من الشخصيات من بلدان وثقافات وأديان مختلفة تحت سقف واحد.
وذكر أن دبي تحولت خلال يومي الحدث إلى قبلة لأكثر من ألفي شخصية رفيعة المستوى من قادة الحكومات، وخبراء السلام والأكاديميين والمتخصصين والمؤثرين الاجتماعيين، أجمعوا على أن التسامح هو الشكل النهائي لقيام المجتمعات وتطورها.
ورفع المشاركون في ختام توصياتهم أسمى آيات الشكر والتقدير إلى الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، على تكرمه برعاية وافتتاح الحدث، والجهة المنظمة للقمة، ومساعيها لنشر مبادئ السلم والتسامح بين الثقافات والاحترام المتبادل، واحترام الاختلاف، وإقامة جسور التقارب الإنساني والحضاري.
aXA6IDMuMTQ2LjM0LjE0OCA= جزيرة ام اند امز