صدفة و3 أنفاق ورعب.. قصص «الهروب الكبير» في الحرب العالمية
خلال الحرب العالمية الثانية، حاول أسرى استغلال كل الفرص الممكنة للحصول على الحرية، رغم المخاطر الكبيرة، فدونوا قصصا استثنائية.
الكثير من هذه القصص تحكي عن محاولات متهورة للهروب من السجون، وما ارتبط بها من مخاطر جمة، فاستحقت أن تتحول إلى مشاهد على شاشات التلفاز.
وفيما يلي أبرز محاولات الهروب من الأسر خلال الحرب العالمية الثانية:
جورج باترسون
البداية مع الكندي جورج باترسون الذي كان خبيرًا في التفجير، ونفذ رغم كل الصعاب، عملية "كولوسوس"، والتي كانت تهدف إلى تفجير قناة بوليسي الإيطالية؛ المجرى المائي الذي يمنح الحياة لقلب إيطاليا في عهد الزعيم موسوليني.
وبعد أن فقد معظم المتفجرات، نجح في تدمير نصف القناة. لكن العملية أدت إلى عزله وحيدا بعيدا عن فريقه.
لذلك، حاول الهروب منفردًا عبر قمم جبال الأبينيني العالية المتجمدة، حيث ألقت السلطات الإيطالية القبض عليه في النهاية.
باترسون عانى من ظروف احتجاز شاقة وعُومل بوحشية من قبل الحراس الإيطاليين، لدرجة أنه حاول باستمرار الهروب.
وبعد عدة محاولات فاشلة، أرسلته السلطات إلى سجن سان فيتون سَيِّئ السمعة الذي يديره "الجستابو" في مدينة ميلان، وجرى بناؤه على شكل نجمة ويُعتقد أنه مقاوم للهروب.
لكن الرجل استطاع الفرار من السجن عن طريق رشوة أحد الحراس الذي صنع مفتاحًا خاصا له، لفتح باب يطل على الشوارع الخارجية.
وبعد فراره، نجح باترسون في الوصول إلى منطقة الحدود، وحاول مساعدة الثوار الإيطاليين الذين احتاجوا إلى المساعدة للهروب من إيطاليا.
هناك، قبضت السلطات عليه مرة أخرى، لكنه حاول الهرب مجددا رغم تهديده بالإعدام.
وفي هذه المحاولة الأخيرة، أثار أعمال شغب في سجن سان فيتون، مما أدى إلى تغلب مئات السجناء على الحراس، ونجاحه في الحصول على الحرية أخيرا.
"معسكر إبينال"
في 11 مايو/أيار 1944، استهدفت قاذفات القنابل الأمريكية من طراز B-24، بطريق الخطأ، معسكرًا في إيبينال في شرق فرنسا، مقر الاحتجاز المؤقت لأكثر من 3000 رجل هندي.
ونتيجة للقصف، مات البعض، لكن الكثيرين استغلوا حالة الارتباك وهربوا إلى الغابة.
وشهدت الأسابيع القليلة التالية، مشاهد لمئات من الهنود يتجولون عبر الغابات، ويعبرون الأنهار ويهربون من الألمان نحو سويسرا.
وساعد المدنيون الفرنسيون، هؤلاء الهنود. وفي غضون أسبوع عبروا الحدود، فيما بقي آخرون في فرنسا وانضموا إلى المقاومة الفرنسية ضد الألمان.
وبحلول نهاية ذلك الصيف، كان 500 من هؤلاء الرجال قد عبروا الحدود إلى بر الأمان، لذلك، كان هذا أكبر هروب ناجح في الحرب العالمية الثانية، ولكنه لا يزال غير معروف إلى حد كبير.
"الهروب الكبير"
ومن فرنسا، ننتقل إلى معسكر "Stalag Luft III" في ألمانيا النازية، الذي كان مخصصا لأسرى الحرب من طاقم الحلفاء الجوي، حيث حدثت واحدة من أشهر عمليات الهروب.
إذ بدأت خطط الهروب الجماعي في أبريل/نيسان 1943، برئاسة روجر بوشيل الذي عمل بلا كلل أثناء حفر ثلاثة أنفاق سرًا.
وجرى تسمية هذه الأنفاق "توم" و"ديك" و"هاري"، وكان عمقها 10 أمتار، مما يجعلها كبيرة بما يكفي لإخراج 200 رجل إلى الحرية.
وخلال العملية التي استمرت لعدة أشهر، تم تحويل آلاف العناصر إلى أدوات للحفر، وتم حشو أكثر من 100 طن من الرمال في جوارب.
وتوقف العمل في الأنفاق لفترة وجيزة عندما اكتشف الحراس نفقا.
ومع ذلك، عندما استؤنف العمل لاحقًا، كان "هاري" هو النفق الذي تم اختياره للهروب منه.
وفي مساء يوم 25 مارس/آذار 1944، بدأ الرجال هروبهم، ولم يدركوا أن النفق كان قصيراً عند سياج المخيم المؤدي إلى الغابة الخارجية.
وتهرب 76 رجلاً من كشافات الحراس التي أخرت الهروب، وتمكنوا في النهاية من الخروج من النفق قبل أن يكتشفه أحد الحراس في الساعة الخامسة صباحًا.
عملية الهروب المذهلة من السجن كانت الأكبر من نوعها في الحرب العالمية الثانية. لكن نهايتها لم تكن سعيدة، إذ أعادت السلطات القبض على جميع الهاربين، باستثناء ثلاثة، بعد أسبوعين فقط.
وأُعدم 50 رجلاً بلا رحمة على يد "الجستابو" (الشرطة السرية الألمانية) بناءً على أوامر من أدولف هتلر. وفي عام 1963، جرى تخليد الخطة الجريئة في فيلم "الهروب العظيم".
رعب الصحراء
في الساعة الثالثة من صباح يوم 21 مارس/آذار 1942، تم إنزال العريف جاكي بيرن وفريقه في مطار في ضاحية البركة ببنغازي شرقي ليبيا.
وكانت مهمة الفريق هي تدمير المطار العسكري الذي تستخدمه قوات الجيشين الألماني والإيطالي.
وبعد زرع المتفجرات بصمت حول المطار، اشتعل أول مخبأ للذخائر بشكل غير متوقع، مما أدى إلى ظهور تأثير الدومينو عبر سلسلة متتالية من الانفجارات.
وفي هذه الفوضى، فقد بيرن فريقه، وقرر قطع مسافة 30 ميلاً شرقًا، حيث كان من المقرر أن تعيد وحدة استطلاع ومداهمة تابعة للجيش البريطاني، تجميع صفوفها.
وواصل الرجل السير على الأقدام، لمسافة تزيد على 200 ميل، على أمل الوصول إلى قاعدة صديقة.
ومع زجاجة ماء سعة 2 لتر فقط، وعلبة شوكولاتة ونصف لتر من مشروب البراندي، استطاع بيرن الصمود في حرارة الصحراء.
وفي اليوم الرابع، كان الموت قريبًا، حتى صادف قرية بدوية قدمت له ما لديها من طعام، وانطلق بعدها في المرحلة الأخيرة من رحلته. لكنه تعرض للاعتقال في النهاية على يد الألمان.
وتعرض بيرن للاستجواب في معسكر للجيش الألماني، والحبس الانفرادي لمدة يومين قبل أن يتم نقله إلى أثينا ومنها إلى معسكر "ستالاغ لوفت الثالث" سيئ السمعة.
إصرار بيرن على النجاة جعله يحاول الهرب مرتين من المعسكر، لكن تمت إعادته ووضعه قيد الحبس الانفرادي.
بيرن كان يمتلك إرادة فولاذية ونفذ محاولة الهروب للمرة الثالثة، بمساعدة دراجة وكلب ضال، حتى وصل السويد، وتسلمته الشرطة هناك.
aXA6IDUyLjE0LjIwOS4xMDAg
جزيرة ام اند امز