آسيا وأفريقيا في خطر.. المضادات الحيوية تُلوِّث أنهار 72 دولة
التلوّث بالمضادات الحيوية يندرج ضمن الطرق الرئيسة التي تمكّن البكتيريا من تطوير قدراتها على مقاومة الأدوية وتجعلها غير فعّالة.
كشفت دراسة عالمية عن تلوُّث معظم أنهار العالم بمستويات خطيرة من المضادات الحيوية، وخصوصاً في قارتيْ آسيا وأفريقيا.
وذكرت صحيفة "جارديان" البريطانية أن الدراسة رصدت بعض الأنهار المعروفة مثل "التايمز" في بريطانيا، مُلوثّةً بمضادات حيوية مُصنّفة على أنها مهمة للغاية في علاج الإصابات الخطيرة، وبلغت مستويات غير آمنة، ما يُهدّد بانتشار الظاهرة.
ويندرج التلوّث بالمضادات الحيوية ضمن الطرق الرئيسة التي تمكّن البكتيريا من تطوير قدراتها على مقاومة الأدوية المنقذة للحياة، إذ تجعلها غير فعّالة.
وقال أليستير بوكال، عالم البيئة في جامعة "يورك"، والذي شارك في قيادة الدراسة: "إن الأمر مخيف ومحبط، من الممكن أن يكون لدينا أجزاء كبيرة من البيئة التي تحتوي مضادات حيوية بمستويات عالية، ما يكفي للتأثير على المقاومة".
ووفق الدراسة التي شملت مواقع في 72 دولة وعُرِضت نتائجها خلال مؤتمر بالعاصمة الفنلندية هلسنكي، الإثنين، احتوت العيّنات المأخوذة من نهر "الدانوب" في النمسا على 7 مضادات حيوية تشمل "كلاريثروميسين"، الذي يُستَخدم لعلاج التهابات الجهاز التنفسي، مثل الالتهاب الرئوي والتهاب الشعب الهوائية.
وأوضح البحث أن نهر "الدانوب"، ثاني أكبر أنهار أوروبا، كان أكثرها تلوثاً، بينما تجاوزت 8% من المواقع التي اختُبِرت في القارة العجوز الحدود الآمنة.
وحسب الدراسة يعتبر نهر "التايمز"، وهو أحد أنظف الأنهار في أوروبا، ملوّثاً بمزيج من 5 مضادات حيوية، إلى جانب بعض روافده.
وتجاوز معدّل التلوّث في موقع واحد بالنهر و3 من روافده المستويات الآمنة، كما رُصِد "سيبروفلوكساسين"، الذي يعالج التهابات الجلد والمسالك البولية، بأكثر من 3 أضعاف المستويات الآمنة.
وأفاد البروفيسور ويليام جاز، عالم البيئة الميكروبية بجامعة "إكستر": "كثير من جينات المقاومة التي نراها في مسببات الأمراض البشرية نشأت من البكتيريا البيئية".
ورأى جاز أن الأنهار المُلوّثة بمستويات منخفضة من المضادات الحيوية تشكّل تهديداً، مضيفاً: "حتى التركيزات المنخفضة التي تظهر في أوروبا يمكن أن تدفع تطوّر المقاومة، وتزيد من احتمال انتقال جيناتها إلى مسببات الأمراض البشرية".
في السياق ذاته، ذكرت الأمم المتحدة، الشهر الماضي، أن ارتفاع البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية يمثّل حالة طوارئ صحية عالمية يمكن أن تقتل 10 ملايين شخص بحلول عام 2050.
وفي الوقت الراهن، تجد العقاقير طريقها إلى الأنهار والتربة عبر النفايات البشرية والحيوانية وتسريبات محطات معالجة مياه الصرف الصحي، ومنشآت تصنيع الأدوية.
وضمن الدراسة، اختبر الباحثون 711 موقعاً في 72 دولة، ووجدوا مضادات حيوية في 65% منها، وفي 111 من المواقع تجاوزت تركيزات المضادات الحيوية مستويات آمنة، وكانت أسوأ الحالات أكثر من 300 مرة عن الحد الآمن.
كما شهدت البلدان ذات الدخل المنخفض عموماً تركيزات أعلى من المضادات الحيوية في الأنهار، وكان نتائج المواقع في أفريقيا وآسيا أسوأ، حيث بلغت ذروتها في بنجلاديش، إذ عُثِر على "ميترونيدازول"، الذي يُستعمل لعلاج الالتهابات المهبلية، بأكثر من 300 مرة من المستوى الآمن.
واكتُشِفت البقايا قرب منشأة لمعالجة المياه العادمة، التي غالباً ما تفتقر في البلدان ذات الدخل المنخفض إلى التكنولوجيا اللازمة لإزالة الأدوية.
وأسفر التخلص غير المناسب من مياه الصرف الصحي والنفايات التي أُلقيت مباشرة في الأنهار، كما رصد في موقع في كينيا، عن ارتفاع تركيز المضادات الحيوية بمستويات تصل إلى 100 مرة أكثر من المستوى الآمن.
وقالت هيلين هاميلتون، محللة الصحة والنظافة في مؤسسة "ووتر إيد الخيرية"، ومقرها المملكة المتحدة: "إن تحسين الإدارة الآمنة لخدمات الصحة والنظافة في البلدان منخفضة الدخل أمر بالغ الأهمية في مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات".
في الوقت الراهن، يخطط فريق البحث بغية تقييم الآثار البيئية لتلوّث المضادات الحيوية على الحياة البرية، بما في ذلك الأسماك واللافقاريات والطحالب.