سلاح "الدود" على خط المواجهة مع أزمة المناخ.. قصة حقيقية
مثل مريض السرطان الذي يحتاج إلى العلاج الكيماوي، أصبحت الأرض الزراعية هي الأخرى لا تقوى على الحياة، بدون الأسمدة.
لكن الفارق بين أرض تستخدم تلك الأسمدة، وأرض بكر، هو الفارق بين رجل يعيش بعافيته وصحته، وآخر مصاب بالسرطان.
وإحدى الأدوات التي يمكن أن نساعد بها الأرض على استعادة عافيتها، هو استخدام "سلاح الدود"، في إنتاج سماد "الفيرمي كومبوست"، كما يوضح محمود بسيوني، صاحب مزرعة لإنتاج هذا السماد العضوي في قرية "القلج" بمحافظة القليوبية المصرية.
ويقول بسيوني لـ"العين الإخبارية"، إنه "بينما لا تقوى التربة المجهدة بفعل استخدام السماد الكيماوي على مواجهة تغيرات المناخ، وما تفرضه من أعباء إضافية على الأرض، متمثل في أوبئة جديدة وظروف جفاف وطقس غير طبيعي، فإن سماد (الفيرمي كومبوست) المصنع بواسطة الدود، يساعدها على مواجهة كل هذا التحديات، حيث يحافظ على التنوع البيولوجي للتربة ويغذي النبات بشكل أكبر".
وبينما تقتصر مزارع إنتاج هذا السماد على توفيره فقط، فإن بسيوني استأجر قطعة من الأرض ملاصقة لمزرعته، كي يكون ما ينتجه من سماد بواسطة الدود، هو المخصب الطبيعي للأرض الذي يستخدمه بديلا عن الكيماوي.
ويقارن بسيوني بين زراعات مجاورة لمزرعته تستخدم الأسلوب التقليدي في التسميد، وما حققه في مزرعته القائمة على السماد المنتج بواسطة الدود، ويقول وهو يشير إلى إنتاجه: "تستطيع أن تلاحظ قوة محصولي ونضارته وكميته الكبيرة، مقارنة بمحصول أقراني، لأن محصولي أصبح قادرا على تحمل التغيرات المناخية، مثل الحرارة المرتفعة في فصل الصيف هذه الأيام".
ويتعجب بسيوني من أن تكون الأسمدة الكيماوية سببا لارتفاع أسعار الغذاء، بسبب عدم توفرها، بينما تحت أيدينا حلول متمثلة في سماد عضوي يمكن إنتاجه بسهولة باستخدام أنواع مختلفة من الدود، وهي "الزاحف الأفريقي" و"الريدويجلر" و"الماليزية الزرقاء" و"التايجر وورم".
ويعتمد إنتاج هذا السماد على استخدام أي مخلفات منزلية متاحة، باستثناء الزيوت والحمضيات واللحوم والألبان والأسماك.
وتعيش الديدان في بيئة رطبة غنية بالكربون، بالإضافة إلى نسبة بسيطة من النيتروجين، ودرجة حرارة تتراوح من 15 إلى 25 درجة مئوية، ولتحقيق هذه المواصفات يتم تجهيز صندوق مثقوب، ثم يتم فرشه بقطع صغيرة من الكرتون (مصدر الكربون)، ويُرَش بالماء، ثم توضع أوراق شجر أو روث حيوانات أو المخلفات المنزلية العضوية من بقايا الخضار والفاكهة أو ثفل الشاي والقهوة (مصدر النيتروجين)، بالإضافة إلى قشر البيض المطحون (مصدر للكالسيوم)، ثم تُخلط هذه المكونات مع الديدان، ويتم رشها بالمياه مجددا لتنتج السماد.
ويقول بسيوني إنه بفضل ما تفرزه الدودة من إنزيمات، تحويل المخلفات العضوية إلى السماد الطبيعي الخالي من الكيماويات، والذي يُعرَف باسم "فيرمي كومبوست".