عام على الاتفاق الإبراهيمي.. ثمار مشتركة من سلام الشجعان
عام على توقيع الاتفاق الإبراهيمي بين الإمارات وإسرائيل يكتمل الأربعاء؛ وقد جنت فيه المنطقة ثمار تلك الخطوة التاريخية؛ سلاما واستقرارا.
عام على اتفاق السلام التاريخي، لم تغب خلاله دولة الإمارات، يوما عن مساندة الشعب الفلسطيني، وظلت القضية الفلسطينية - ولا تزال- تحتل مكانة خاصة في قلب ووجدان قيادة وشعب الإمارات، باعتبارها قضية العرب والمسلمين العادلة التي تعبّر عن قيم الحق والعدل والخير.
عام قادت فيه الإمارات قاطرة السلام في المنطقة؛ لتفتح بخطوتها الشجاعة والجريئة الباب واسعا أمام دول أخرى للانضمام للسلام بخطوات متسارعة؛ وبالفعل انضم لقطار السلام تباعا كل من البحرين والسودان والمغرب.
وعلى مدار العام تم توقيع عشرات الاتفاقيات بين الإمارات وإسرائيل، التي ساهمت في تحفيز النمو الاقتصادي، وتعزيز الابتكار التكنولوجي، وتوثيق العلاقات بين الشعوب، وتحقيق الازدهار لشعوب المنطقة.
محطات وإنجازات على مدار العام توجت جهودا متسارعة لتطبيق اتفاق السلام التاريخي على أرض الواقع، وعكست رغبة صادقة في أن يسهم التعاون بين الجانبين في النهوض بالمنطقة، عبر إطلاق مرحلة جديدة للعلاقات والتعاون بين الدول في منطقة الشرق الأوسط، تقود لترسيخ الأمن والسلام والاستقرار، في نتائج تؤكد أن الجميع رابحون من سلام الشجعان.محطة تاريخية
وتم التوقيع على معاهدة سلام مع إسرائيل يوم 15 سبتمبر/أيلول الماضي، وهو الأمر الذي شجع البحرين على توقيع إعلان تأييد السلام مع تل أبيب في اليوم نفسه.
توقيع المعاهدة تم في حفل أقيم بالحديقة الجنوبية للبيت الأبيض، بحضور الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب.
ووقع المعاهدة عن الجانب الإماراتي، الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، وعن الجانب البحريني وزير الخارجية عبداللطيف بن راشد الزياني، ومثل إسرائيل حينها رئيس الوزراء آنذاك بنيامين نتنياهو.
جاء توقيع المعاهدة بعد مكالمة تاريخية جرت بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، مع ترامب ونتنياهو يوم 13 أغسطس/آب 2020.وفي أعقاب الاتصال تم الإعلان عن "وقف إسرائيل عن خطة ضم أراض فلسطينية".
وكان الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان قد أكد خلال الكلمة التي ألقاها في حفل التوقيع أن هذه المعاهدة ستمكن الإمارات "من الوقوف أكثر إلى جانب الشعب الفلسطيني، وتحقيق آماله في دولة مستقلة ضمن منطقة مستقرة مزدهرة".
وأكد أن "معاهدة السلام هذه التي تعد إنجازا تاريخيا لكل من الولايات المتحدة الأمريكية ودولة إسرائيل ودولة الإمارات العربية المتحدة، لن يتوقف أثرها الإيجابي، بل إننا نؤمن بأن ثمارها ستنعكس على المنطقة بأسرها، فكل خيار غير السلام سيعني دمارا وفقرا ومعاناة إنسانية".
وبتلك المعاهدة منحت الإمارات بارقة أمل وفرصة حقيقية إلى دول منطقة الشرق الأوسط بأن تنعم بالسلام والاستقرار، بعد عقود طويلة من الصراعات والتوترات التي أثرت على مستقبل شعوبها.
وبقرارها الشجاع والتاريخي بشأن اتفاق السلام مع إسرائيل، نجحت الإمارات في وقف ضم إسرائيل أراضٍ فلسطينية، بما يعني إنقاذ 30% من الأراضي الفلسطينية وأكثر من 100 ألف فلسطيني كانوا معرضين للطرد، وإبقاء الأمل على إقامة دولة فلسطينية.
افتتاح السفارات.. مرحلة جديدة
تلك الذكرى تحلّ بعد نحو شهرين من افتتاح سفارة إماراتية في إسرائيل، وذلك بعد نحو أسبوعين من افتتاح سفارة إسرائيلية في أبوظبي، في خطوات متسارعة ومتلاحقة لتعزيز جهود السلام.
وافتتحت دولة الإمارات العربية المتحدة، في 14 يوليو/ تموز الماضي، سفارتها بإسرائيل، رسميا، في حدث تاريخي أثمره اتفاق السلام الموقع بين البلدين، وذلك بحضور الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ.
وبعد 3 أيام من افتتاح السفارة، وقعت الإمارات وإسرائيل مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في مجالات الأمن الغذائي بما في ذلك الإنتاج وسلاسل الإمداد الغذائي، والبحوث والابتكارات في هذا المجال الحيوي.
كما تم توقيع مذكرة تفاهم تهدف إلى تبادل المعرفة والخبرات فضلاً عن توحيد الجهود البحثية للتخفيف من آثار تغير المناخ وضمان الحفاظ على التنوع البيولوجي والنظم البيئية.
وجاء توقيع الاتفاقيات خلال زيارة قامت بها مريم بنت محمد سعيد حارب المهيري وزيرة الدولة الإماراتية للأمن الغذائي والمائي لإسرائيل استهدفت إطلاق تعاون استراتيجي في المجال الحيوي للأمن الغذائي والمائي حيث تتشارك كل من دولة الإمارات وإسرائيل في العديد من الفرص كونهما تتمتعان بإمكانات وبنى تحتية متطورة وتعملان في الوقت نفسه على تحقيق الأهداف التي تتعلق بالأمن الغذائي والمائي واستدامته.
زيارة غير مسبوقة
وفي 29 من يونيو/ حزيران الماضي، افتتحت إسرائيل سفارتها في أبوظبي، وقنصليتها في دبي، وذلك خلال زيارة قام بها وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد للإمارات، في أول زيارة رسمية يقوم بها وزير إسرائيلي للإمارات منذ توقيع البلدين معاهدة السلام.
زيارة توجت ببيان مشترك بين البلدين حول حصاد الزيارة التي التقى خلالها الوزير الإسرائيلي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، وتم خلالها الاتفاق على مجالات التعاون، في مجال<العلاقات السلمية بين الدولتين والشعبين على ضوء القرار الشجاع التي اتخذته كل من قيادة دولة الإمارات ودولة إسرائيل، مما يمهد الطريق لتغيير تاريخي، وخلق مستقبل أفضل لشباب المنطقة.
وأقر الجانبان بالتقدم الكبير الذي تم إحرازه منذ توقيع الاتفاق الإبراهيمي للسلام في سبتمبر/أيلول 2020، وأعربا عن قناعتهما بأن العلاقات الثنائية سوف يتم تعميقها وتوسيعها وتعزيزها في المستقبل القريب لصالح البلدين والمنطقة بأكملها.
في إطار الرؤية الرامية إلى تعميق العلاقات الاقتصادية لصالح الشعبين، وقع الوزيران اتفاقية تعاون اقتصادي وتجاري، تعكس التزام الحكومتين بتنمية العلاقات الاقتصادية والتدفق الحر للسلع والخدمات، وكذلك التعاون في مجالات إقامة المعارض، وتبادل الخبرات والمعارف، وزيارات الوفود، والتعاون بين الغرف التجارية، وكذلك في مجال التقنيات الزراعية، وتعزيز البحث والتطوير المشترك.
واتفق الطرفان على تشكيل لجنة اقتصادية مشتركة برئاسة وزارتي الاقتصاد في البلدين لتكليفها بتنفيذ الاتفاقية بهدف إزالة الحواجز وتحفيز التجارة الثنائية.
وأعرب الجانبان عن تطلعهما لتوقيع اتفاقية التجارة الحرة، وقد بدأت المناقشات في هذا الصدد.
وناقش الوزيران سبل مواصلة استكشاف وسائل لدعم الاستثمارات في اقتصاد البلدين، وفي البنية التحتية، والعلوم والتقنيات، والاستفادة من براعة وروح الابتكار والرؤية التي تتمتع بها قيادة وشعب الدولتين.كما ناقش الوزيران أهمية تعميق الحوار الاستراتيجي والتعاون بين البلدين لمواجهة التحديات الإقليمية واغتنام الفرص. واتفقا على أن الحوار الاستراتيجي الوثيق سيوفر آلية فعالة لتعزيز القوة الإيجابية للسلام في المنطقة.
واتفق الوزيران على العمل معا لتعزيز سرمدية السلام والتعايش في جميع أنحاء الشرق الأوسط من أجل الحد من أي انقسام أو عدوان أو صراع.
وبناءً على رؤية الاتفاق الإبراهيمي للسلام، وإيمانًا بالهدف المشترك المتمثل في تحقيق الرفاه ليس فقط لدولتي الإمارات وإسرائيل بل للمنطقة بأكملها، ناقش الوزيران الفرص بما في ذلك التعاون متعدد الأطراف من أجل جني ثمار السلام مع شعوب الشرق الأوسط.
توقيت هام
ويأتي مرور عام على اتفاق السلام في توقيت هام يحمل دلالات عديدة، فهو يأتي بالتزامن مع اليوبيل الذهبي لتأسيس دولة الإمارات عام 1971، تأكيداً على سياسة تعزيز الأمن والسلم الدوليين وحسن الجوار ونشر التسامح التي تنتهجها الدولة منذ تأسيسها.
كما يأتي بعد أسبوع من الإعلان عن وثيقة "مبادئ الخمسين" التي وجه بها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، واعتمدها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد آلِ نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، والتي ترسم المسار الاستراتيجي لدولة الإمارات خلال الخمسين سنة القادمة، وتؤكد فيها الإمارات أن "ترسيخ السلام والاستقرار الإقليمي والعالمي يعتبر محركاً أساسياً للسياسة الخارجية".
تأتي تلك الذكرى أيضا بعد أسابيع من مباحثات هاتفية بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ونفتالي بينيت رئيس وزراء إسرائيل 23 يوليو / تموز الماضي؛ جرى خلالها بحث علاقات التعاون بين البلدين وسبل تعزيزها، إضافة إلى تطورات القضايا والموضوعات الإقليمية والدولية، ولاسيما ما يتعلق بمساعي تحقيق السلام والازدهار لجميع شعوب المنطقة والعالم أجمع.
تحل الذكرى أيضا بعد شهر من افتتاح إسرائيل رسميا مكتب اتصال في العاصمة المغربية الرباط 12 أغسطس/ آب الماضي، وبعد نحو أسبوعين من وصول السفير البحريني لدى إسرائيل خالد الجلاهمة إلى تل أبيب نهاية أغسطس/ آب الماضي لتسلم مهامه رسميا.
تلك إنجازات متلاحقة تؤكد ما سبق أن أكد عليه الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان في كلمته خلال توقيع الاتفاقية بأن "ثمارها ستنعكس على المنطقة بأسرها".
دعم فلسطين.. التزام أبدي
تحل الذكرى بعد تطورات متلاحقة، أثبتت فيها الإمارات ما أكدته مرارا وتكرارا من أن ذلك الاتفاق لم ولن يكون على حساب القضية الفلسطينية.
ومنذ الخطوة الشجاعة والجريئة بشأن توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل أكدت الإمارات دوما أن تلك المعاهدة لن تكون على حساب القضية الفلسطينية، وإنما تدعمها لتحقيق أمنيات الشعب الفلسطيني والعالم العربي والإسلامي في إقامة دولة فلسطينية، انطلاقا من رؤيتها حول إمكانية نجاح لغة الحوار في تحقيق ما لم تحققه عقود الجفاء والمقاطعة.
ولا يخلو أي خطاب سياسي لدولة الإمارات في أي محفل دولي أو إقليمي أو من خلال لقاءات ثنائية أو أي مباحثات مشتركة من التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية للإمارات والأمة العربية والإسلامية، والتحذير من مغبة عدم التوصل لحل عادل لتلك القضية، و التأكيد على الالتزام الثابت بدعم القضية الفلسطينية.
وأكدت دولة الإمارات مجددا في 29 يوليو/ تموز الماضي على أن الحل الوحيد المستدام لتخطي الأوضاع المتدهورة في الأراضي الفلسطينية يتمثل في تحقيق حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ومرجعيات مؤتمر مدريد، ومبادرة السلام العربية.
جاء ذلك خلال البيان الذي قدمه وفد دولة الإمارات لدى الأمم المتحدة إلى المناقشة العامة الربع سنوية المفتوحة التي عقدها مجلس الأمن حول "الحالة في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية".
كما شدد بيان دولة الإمارات وكأولوية فورية، على ضرورة تعزيز دعم المجتمع الدولي الملموس والعملي والعاجل للقطاعات الحيوية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك قطاعي الصحة والتعليم.
ونوه في هذا السياق إلى الدعم الغذائي والصحي الذي قدمته دولة الإمارات مؤخراً والتي يعكس التزامها التاريخي تجاه الشعب الفلسطيني الشقيق، حيث بلغ ما قدّمته دولة الإمارات من دعم للشعب الفلسطيني خلال الفترة من 2013 إلى 2020 أكثر من 840 مليون دولار أمريكي؛ خصصت لتمويل القطاعات الحيوية، ودعم جهود التنمية في الأراضي الفلسطينية، هذا بالإضافة إلى مساعداتها الغذائية الأخيرة، بقيمة.2 6 مليون دولار، لآلاف العائلات الفلسطينية في قطاع غزة.
ومضت الإمارات في طريقها إلى أبعد من الدعم المادي، للبحث عن حلول مستدامة تساعد على إقامة الدولة الفلسطينية عن طريق السلام.
ومنذ تأسيسها، لعبت الإمارات دورا بارزا في دعم الشعب الفلسطيني في محاولة استرجاع حقوقه المشروعة؛ مستندة على سياسة تتسم بالواقعية بعيدا عن استراتيجية الظواهر الصوتية، التي تنتهجها الدول المتاجرة بالقضية.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أكد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات في رسالة وجهها إلى الأمم المتحدة، بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني على الالتزام التاريخي بدعم الشعب الفلسطيني.
ولا يمكن أن يزايد منصف على مواقف دولة الإمارات الداعمة للقضية الفلسطينية، التي تعد أحد ثوابت السياسة الخارجية الإماراتية.
تقدير دولي
وتحولت الإمارات إلى مصدر إلهام داعمي السلام حول العالم، فمنذ خطوتها الشجاعة بشأن توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل 15 سبتمبر/أيلول الماضي، انضمت 3 دول عربية أخرى لركب السلام هي البحرين والسودان والمغرب.
دور الإمارات الهام في نشر السلام، كان محل تقدير دولي، عبر عنه العالم بانتخاب أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة 11 يونيو/ حزيران الماضي دولة الإمارات لعضوية مجلس الأمن للفترة 2022-2023، في خطوة تعكس مكانة دبلوماسية الإمارات القائمة على نشر السلام والمحبة بين جميع شعوب الأرض، والتقدير الدولي لها.