"ثورة أم نكبة"؟.. عقد على "11 فبراير" وما زال اليمن ينزف
لا يزال اليمن ينزف تحت وطأة ثلاثي الموت والجوع والحرب بعد عقد من فوضى ما يسمى "الربيع العربي" الذي قدم فيه البلد هدية لإيران.
وضرب الشارع اليمني انقسام حاد في ذكرى مرور 10 أعوام على احتجاجات رفعت لدى انطلاقها شعارات المعاناة الاقتصادية ورفض الفساد قبل أن تتحول إلى فوضى عارمة هدمت نظام الدولة وأشعلت حربا طاحنة تسببت بأكبر أزمة إنسانية في العالم.
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي سجالا ساخنا باعتبار يوم 11 فبراير/شباط كان يوم شؤم في البلد، وهم من عامة الشعب اليمني الذين أطلقوا هاشتاق #نكبة 11 فبراير، حيث سردوا محطات 10 أعوام من ضياع البلاد وغرقها في صراع دمر كل جهود السلام.
فيما أطلق أنصار الإخوان هاشتاق #ثورة 11 فبراير، حيث تنافست قيادات التنظيم الإرهابي من خارج البلاد على استغلال فضائيات شيدت من دماء الشباب الحالمين بالمستقبل لتقديم خطابات إنشائية ما زالت تسوق ذات الوهم رغم كل مآسي البلد الفقير.
وكالعادة غاب الحوثيون عن ذلك، فوحدهم من قبض ثمن كل فوضى 2011 وإسقاط صنعاء 2014، واعتبر "11 فبراير/شباط" الذي كان أحد شركائها أنها ذكرى انتصار الطائفية في إيران بقيادة الخميني (مرشد إيران السابق) 1979، وبات يحتفل اليوم بذلك وفي قلب العاصمة المختطفة.
وكان الانقلابيون قد وجدوا من الفوضى فرصة ذهبية للوصول إلى شوارع صنعاء بزعم المشاركة بالاحتجاجات السلمية، وذلك بعد نحو عقد من تمردهم المسلح في "صعدة" وخوضهم لنحو 6 حروب متتالية لإنهاك الجيش اليمني (2004-2009).
فيما مثلت فترة فشل شركاء السلطة بعد الفوضى إلى فرصة توجت مشروعه الإرهابي باختراق مؤسسات الدولة وتفكيك المعسكرات وصولا لانقلاب 21 سبتمبر/أيلول 2014، مستندا لخطة دقيقة رسمتها المخابرات الإيرانية وضباط من الحرس الثوري وحزب الله الإرهابي.
احتفاء بالفشل
ومن مدن تركيا احتفى رئيس حزب الإصلاح الإخواني، محمد اليدومي، وتوكل كرمان وكثير من أبرز رموز فوضى ربيع 2011 بالفشل، في وقت يعيش فيه اليمن أوضاعا مأساوية إثر الانقلاب الحوثي الذي بدأ بالفعل من مخيمات ساحة جامعة صنعاء.
وبعيدا عن تندر اليمنيين من هذه الخطابات، يذكر وزير الخارجية اليمني السابق، الدكتور أبوبكر القربي المحتفين من تنظيم الإخوان الإرهابي بالذكرى العاشرة لهدم الدولة أنه "حتى المخططون لربيع الفوضى أقروا بفشل مشروعهم باليمن وبالدمار الذي لحق بالمنطقة وما فجروه من صراع".
وقال السياسي اليمني على موقع "تويتر" إن "العزة بالإثم تأخذ المنفذين لفوضى الربيع العربي، للاحتفال بما ألحقوه بنا من إراقة دم وتمزيق للنسيج الوطني وفتح الباب للأجندات الخارجية للتحكم بمصير الشعب اليمني".
وبات كثير من اليمنيين العاديين ممن خرجوا طلبا للمستقبل، يكافحون من أجل العيش بسلام في خضم حرب يخوضها الحوثيون والإخوان بالوكالة لصالح إيران وتركيا، وطأت كل مدن وقرى البلاد.
وبحسب عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، سالم ثابت العولقي، فإن الـ10 سنوات التي مضت على ما يسمى "الربيع العربي" لم تكن غير "عقد من الموت، ومن البارود ودوي المدافع وحمامات الدماء في بلادي وفي وطننا العربي المكلوم".
وأضاف في تدوينه على "تويتر" مخاطبا نشطاء التغيير: "لنستخلص الدروس والعبر من ثورات بلا عقل ولا رؤية ولا قوى مدنية استشرفت المستقبل لتختطفها جماعة تسمي نفسها كذباً وزوراً بالإخوان وتقودنا إلى الهاوية السحيقة".
بلد ممزق
يلقي القيادي في المقاومة اليمنية، أحمد غيلان باللوم على فوضى 11 فبراير، مؤكدا أن ما حدث 2011 "كان نكبة بكل المقاييس" ألقت باليمن واليمنيين بين يدي مليشيات إجرامية إرهابية تنفذ مشروع إيران الطائفي وتدعي زورا الحرب على الإرهاب.
وقال القيادي اليمني في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن الفوضى "أطاحت بالدولة والمؤسسات والنظام وكل مكتسبات الثورة اليمنية، وأحالتها بلدا ممزقا تعاني القوى السياسية من التفكك والتشرد ووطن بلا استقرار ولا سيادة مثخن بالجراحات والدمار والحصار والفقر والاستبداد، وتتحكم فيه مليشيات العمالة لإيران".
بدوره، يشير السياسي في المؤتمر الشعبي العام، يحيى العابد، أن اليمن يعيش اليوم في حرب ووضع سياسي واقتصادي منهك بدون مرتبات ولا خدمات ولا منجزات سوى مقابر الموت لمليشيات الحوثي التي وصلت في فوضى 2011 إلى صنعاء.
ولفت السياسي اليمني إلى أن متواليات الأحداث منذ 2011 والتفاف الإخوان حول السلطة الجديدة وهيكلة الجيش والعزف على تهم الفساد أثبتت لليمنيين فارق العهد السابق وحجم العبث والفوضى.
وأكد العابد أن ما يحدث من عبث في بلاده سببه تحالف الأطماع الحوثية والإخوانية في الفوضى والتي تسيء لكل من يقف إلى جانب اليمن من شعوب العرب الرافضة للمخططات الإرهابية للإخوان وللحوثي الذين نصبوا أنفسهم أوصياء على الماضي والحاضر والمستقبل.
وتابع: التحالف الحوثي الإخواني يعود لـ2011، عندما أدخل الإخوان المليشيات إلى صنعاء وتوقيع اتفاقات بين الطرفين تمكن الحوثيون إثرها من السيطرة على صنعاء مستفيدين من الخلافات والتباينات التي صنعتها الفوضى 2011 حتى وصلوا إلى الانقلاب بالاعلان الدستوري في 21 سبتمبر/أيلول 2014.
وطبقا للعابد فإن الشعب اليمني بات يدرك خطورة الإخوان والحوثي ويعمل على إعادة اليمن إلى موقعه في المكون العربي وذلك بدعم من أشقائه دول التحالف العربي بقيادة السعودية لوأد التهديدات المحدقة بالأمن القومي العربي.