ذوو الهمم باليمن.. معاقون يكافحون انتهاكات الحوثي
خلّفت حرب مليشيا الحوثي، التي ما زالت مستمرة، آلاف اليمنيين جرحى ومصابين تحوّلوا إلى أصحاب همم يكافحون واقعا جديدا ومؤلما.
وبهدف توحيد جهودهم وتنسيق سعيهم لنيل حقوقهم؛ عبر كيانٍ مجتمعي جديد، أُعلن في العاصمة المؤقتة عدن مؤخرًا عن إشهار شبكة متخصصة تجمع منظمات المجتمع المدني العاملة والمتخصصة في مجال ذوي الهمم؛ لدعم قضايا الجرحى والمصابين وذوي الهمم بشكل عام.
ويؤكد مدير عام مكتب وزارة حقوق الإنسان اليمنية في عدن عماد سنان أن هذا الكيان عبارة عن "شبكة مناصرة قضايا ذوي الهمم"، كأول شبكة من نوعها في اليمن، نتجت عن تشبيك وتنسيق جهود منظمات المجتمع المدني المعنية بهذه الفئة.
وأشار المسؤول اليمني، الذي يشغل أيضاً مهمة القائم بأعمال مدير عام البلاغات في وزارة حقوق الإنسان، إلى أن الشبكة جاءت كأحد مخرجات لقاء تأهيلي جمع عدة مؤسسات عاملة في مجال ذوي الهمم، بقيادة الشخصية الاجتماعية ورئيسة مؤسسة روم لإعمار الأرض، الرميصاء يعقوب.
وأضاف في تصريحات لـ "العين الإخبارية" أن الهدف العام مناصرة ودعم قضايا الجرحى وذوي الهمم، وتعزيز حقوقهم المنصوص عليها في الاتفاقية الدولية لحقوق "المعاقين" والقوانين الوطنية.
ولفت سنان إلى أن الحرب الحوثية على اليمن عموماً، وعدن على وجه الخصوص؛ نتج عنها عشرات الآلاف من الجرحى الذين تأثروا بالواقع المؤلم، والتي نسعى من خلال الشبكة -حديثة التأسيس- إلى تغييره.
وأوضح أن الغاية الأساسية تكمن في تفعيل وإحياء القوانين الوطنية المعتمدة محلياً، والتي هي مجرد حبر على ورق، والعمل على تطبيقها حتى ينعم بإيجابياتها الجرحى وكافة ذوي الهمم.
بالإضافة إلى توحيد جهود المنظمات المختصة بشئون ذوي الهمم، والتي كانت تعمل بشكل فردي، وتوجيه جهودها لتصب في خدمة ومصلحة الفئة المستهدفة.
ونوه سنان إلى أن وزير حقوق الإنسان السابق، محمد عسكر، هو من يترأس هذه الشبكة، بمشاركة الكثير من منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال ذوي الهمم، وهو ما يعطي أملاً في نجاح غايات وأهداف الشبكة الوليدة.
ومنذ إشعال حربها الإجرامية على اليمنيين، قبل أكثر من 6 سنوات، تسببت مليشيات الحوثي بإلحاق عشرات الآلاف من الجرحى ومبتوري الأعضاء -لا توجد إحصائية دقيقة بأعدادهم- بفئة ذوي الهمم أو أصحاب الاحتياجات الخاصة.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تجاوزت انتهاكات مليشيا الحوثي، بحق ذوي الاحتياجات الخاصة، نهب مخصصاتهم، إلى الاعتداء عليهم إثر مطالبتهم بحقوقهم.
ويحفل سجل مليشيا الحوثي الإرهابية بجرائم جسيمة ارتكبتها ضد الشريحة الضعيفة، تنوعت بين الاستغلال واتخاذهم دروعاً بشرية ونهب المساعدات المخصصة لهم وإغلاق جمعيات تأهيل ذوي الإعاقة.
أحدث تلك الانتهاكات، وأشدها شناعة، تمثلت في اعتداء مسلحين تابعين لمليشيا الحوثي على وقفة احتجاجية لأعضاء جمعية ذوي الإعاقة في محافظة عمران الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين شمال اليمن في 21 يناير الماضي.
وقال مصدر في جمعية رعاية وتأهيل المعاقين في عمران، إن الوقفة الاحتجاجية طالبت بصرف نفقات الجمعية المتوقفة منذ 3 أعوام، من قبل صندوق المعاقين الخاضع لسيطرة الحوثيين.
واعتبر رئيس الملتقى الوطني لحقوق الإنسان، خالد عايش، أن الاعتداء على ذوي الاحتياجات الخاصة انتهاك صارخ بحق فئة تعتبر من الفئات الأشد ضعفاً، يمارسه الحوثيون منذ انقلابهم على الدولة.
وقال عايش لـ "العين الإخبارية" إن حرمان ذوي الإعاقة من مخصصاتهم انتهاك ضد أهم الحقوق الاقتصادية، وهو حق الحصول على خدمة الضمان الاجتماعي.
وأضاف الحقوقي اليمني، أن مليشيا الحوثي سبق أن استخدمت ذوي الإعاقات في حشدهم خلال مسيرات مؤيدة لاستعطاف العالم، في حين تبتزهم المليشيا مقابل المساعدات.
وأكد رئيس الملتقي اليمني، غير رسمي، أن المليشيا الحوثية نهبت المساعدات التي تقدم للمعاقين، وقامت بالاستيلاء على كراسي متحركة مخصصة لهم وإعطائها لجرحى المعارك من مقاتلي الحوثي.
وأشار عايش إلى إقدام الحوثيين على إغلاق عشرات الجمعيات والمنظمات المحلية التي كانت تقدم الرعاية الصحية والتعليمية والنفسية لذوي الإعاقة، كما توقفت مراكز الرعاية والتأهيل بسبب نهب مليشيا الحوثي لإيراداتها.
وتسببت مليشيا الحوثي في رفع عدد ذوي الاحتياجات الخاصة في اليمن إلى نحو 4 ملايين ونصف، ما تشكل نسبته 15% من السكان، بحسب إحصائيات منظمة العفو الدولية.
وذكر آخر تحديث لمنظمة العفو الدولية أن أكثر من 92 ألف يمني تعرضوا لإعاقات مختلفة بسبب الحرب، معظم تلك الحالات -وفقاً لتقارير محلية- هم من ضحايا الألغام الحوثية وغالبيتهم من الأطفال.
وبحسب تقارير دولية، فإن نحو 90% من إجمالي عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في اليمن يعيشون تحت خط الفقر.
ويعاني ذوي الاحتياجات الخاصة في اليمن من الإهمال والحرمان، الأمر الذي ضاعفته مليشيا الحوثي بانتهاكاتها المتكررة والتي شملت إغلاق 60 جمعية ومنظمة كانت تقدم الرعاية والمساعدة لذوي الإعاقة.