"باذان الجديد" يقر بسيادة إيران على الحوثي.. ارتهان وخنوع
لم يعد التساؤل في اليمن هل يقبل الحوثيون المبادرة السعودية، بل قفز إلى الواجهة سؤال آخر، وهو: هل تملك المليشيا القرار لإعلان موقفها؟
وفيما تبنت قيادات حوثية بارزة موقفا رافضا للمبادرة السعودية لحل سياسي لأزمة اليمن، ثم تراجعت خطوة للخلف بعد الترحيب الدولي واسع النطاق، خرج القيادي الحوثي النافذ محمد علي الحوثي ليعلن أن زعيم المليشيا سيعلن الموقف النهائي في خطاب الجمعة المقبلة.
وخلافا لمواقف القيادات الحوثية، استبق ضابط الحرس الثوري، حسن إيرلو، الذي يسميه اليمنيون "حاكم صنعاء الإيراني"، ظهور زعيم المليشيا عبدالملك الحوثي ليعلن موقفا متشددا ضد المبادرة السعودية.
وزعم "إيرلو" المصنف على لائحة الإرهاب الأمريكية، أن المبادرة السعودية "مشروع حرب داِئم"، واستمرار لما سماه "الاحتلال" مروجا لمبادرة طهران الرامية لتسليم اليمن لها من خلال إنهاء أي دور عسكري للتحالف العربي في البلاد.
وفي محاولة منه للرد على ما نشره مندوب الحرس الثوري في صنعاء حسن إيرلو، كتب محمد علي الحوثي تغريدة ضمنها نصيحة لطهران أشار فيها إلى أن التفاوض من قبل إيران قبل العودة لتنفيذ الاتفاق النووي تنازل مجاني سيكون له تبعاته في المستقبل.
وفيما أشعلت تدوينة "إيرلو" غضب اليمنيين، فجرت تدوينات الحوثي خصوصا عقب زعمه أن من سيحدد موقف المليشيا الأخير هو زعيمها، موجة سخرية عبر مواقع التواصل، وطالبه نشطاء بإبلاغ المندوب الحوثي في إيران لنشر ذلك من داخل طهران، كما فعل "إيرلو" من داخل صنعاء.
معسكر للحرس الثوري
سياسيون وشيوخ قبائل يمنيون، أجمعوا، في أحاديث متفرقة لـ"العين الإخبارية"، على أن مليشيا الحوثي لم تعد تملك حتى قرار الموافقة أو رفض المبادرة السعودية أو أي صيغة سلام تطرح لحل الأزمة وإنهاء الحرب والانقلاب في اليمن.
وأكدوا -تعليقا على التمادي السافر لضابط طهران بغطاء الدبلوماسية والمزعوم سفيرا لدى الانقلاب الحوثي- أن المليشيا لم تعد تمثل أكثر من فصيل عسكري يتبع قيادة الحرس الثوري الإيراني وليس من شأنها إبداء مواقف سياسية.
وقال رئيس تحرير صحيفة "اليمن اليوم" والقيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام، عبد الله الحضرمي، إن الحوثيين مكبلون من قبل النظام الإيراني، إذ يبدو أن أمر الحرب والسلم في اليمن لم يعد بأيديهم.
وأشار الحضرمي إلى أن الإيرانيين يستثمرون القلق الدولي إزاء الحالة الإنسانية في اليمن لصالح ملفهم الخاص المتعلق بالاتفاق النووي، وبشكل ما فإنهم يقايضون بهذا الملف.
وأكد أن الحوثيين يبدون، في هذه الفترة التي تتضاعف فيها الحركة الدولية لإنهاء الحرب، مجرد معسكر قراره يكمن في طهران عاصمة ما يعرف "محور المقاومة" وليس في صنعاء أو صعدة، معتبرا أن وتيرة التصريحات الصادرة، مؤخرا، عن "السفير الإيراني لدى الحوثيين "على نحو مناقض للعمل الدبلوماسي، تدل على فقدان الحوثيين للقرار .
استثمار للحرب
الزعيم القبلي البارز، طارق زمام، قال، بدوره، إن الإيرانيين والحوثيين لا يريدون السلام لليمن ولا لدول الجوار، ومشروعهم التخريبي يستغل كل المبادرات والهدن ووقف إطلاق النار للتجييش والاستعداد للحرب مجددا.
واعتبر الشيخ القبلي أن في تمادي المندوب الإيراني في صنعاء امتداد للأطماع التاريخية الفارسية في اليمن، وإثبات راسخ بتبعية المليشيات الحوثية وارتهان قرارها للنظام الإيراني.
ووصف زمام مندوب طهران المدعو حسن إيرلو بأنه "باذان الجديد"، في إشارة لـ"باذان بن ساسان"، قائد الاحتلال الفارسي لليمن في القرن السادس للميلاد.
وقال: "من حق اليمنيين والعرب أن يكون بيننا تواصل وعلاقات ولدينا إطار عروبي يجمعنا تمثله جامعة الدول العربية، وهي من يحق لها إصدار المواقف عند تعرض أي قطر أو دوله عربية للاستهداف وليس إيران".
وأضاف أن "اليمن لن تكون إلا محرقة للفرس كما كانت قبل ذلك للأتراك والفرس أيضا، والحوثي مجرد أداة فارسية قرارها صادرته إيران وإهانة مندوب طهران للقيادات الحوثية وتبني موقف معبر عنها من المبادرة السعودية، تأكيد على الارتهان الحوثي للحرس الثوري الإيراني".
وتابع: "اليمنيون ليسوا أتباعا للفرس أو الأتراك بل عرب وسينتصرون على كل المؤامرات والمخططات التي تستهدف ضرب هويتهم وارتباطهم بمحيطهم العربي، وسيأتي اليوم الذي يلجم فيه الشعب اليمني كل الأصوات الفارسية التي تتمادى على اليمن وعلى العرب من داخل عاصمة العروبة صنعاء".
وأشار إلى أن المبادرة السعودية سبقتها مبادرات عديدة، ودوما يستثمر الحوثيون هذه المبادرات لإعادة ترتيب صفوف قواتهم واستقطاب المزيد من الأطفال والمغرر بهم إلى جبهات القتال.
ومضى بالقول: "كافة اليمنيين مع السلام الذي لا ينتقص من حق أي مواطن ويكون الدستور والقانون هو الحاكم ويخضع كل من أساء لليمن أرضا وإنسانا للمحاكمة".
وأردف قائلا: "لسنا تجار حروب كما يصورنا (باذان الجديد) في آخر تقليعاته، بل إن المرتزقة هم مليشيا الحوثي ووجوده كحاكم فعلي للمليشيات تأكيد لا يقبل الشك بارتهان المليشيا الحوثية للفرس".
ولفت إلى أن ما يقوم به الحوثيون اليوم من تصفية لما تبقى من ضباط وجنود محسوبين على الجيش اليمني سابقا في معارك لا تخدم سوى إيران وأطماعها التوسعية، تأتي على غرار مخطط ثورة الخميني عندما صفت جنرالات وقوات الجيش الإيراني من المحسوبين على نظام الشاه.
ودعا الشيخ زمام التحالف العربي إلى عدم منح الحوثيين الفرصة من خلال أي مبادرات لأن كل يمني بات على يقين بأن هذه المليشيا الانقلابية الإرهابية لن تنفذ أي بند منها.