بالجوع أو المرض.. اليمنيون يختارون طريقة موت أطفالهم
أوضاع الأطفال تتدهور في اليمن، حتى بات اليمنيون يختارون بين موت أطفالهم بالجوع أو المرض.. ماذا يحدث؟
"واجهت عائلة أسامة حسن خياراً موجعاً جداً، هل ينبغي عليها استخدام الأموال القليلة التي ادخرتها في وقت الحرب في علاجه بالمستشفى، أم أن عليها شراء الطعام حتى يعيش باقي الأطفال؟ واختارت عائلته الطعام!".
بهذه القصة المأساوية سلطت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية الضوء على ما تشهده اليمن من حالات إنسانية قاسية تشمل الموت جوعاً وبرداً بسبب الحرب وحصارها.
ولد الطفل اليمني أسامة قبل اندلاع الحرب في اليمن بـ6 أشهر، ويُعد مجرد مثال من أطفال اليمن المتضررين، ولأن عائلته غير قادرة على شراء الغذاء الصحي اللازم لتعافيه، يتغذى أسامة على لبن الماعز والبسكويت، لكن الماء غير النظيف والتلوث أسهما في تدهور حالته. وقال جده أحمد الصادق للصحيفة: "لا يوجد لدينا ما نقوم به. نعرف أنه سيموت".
"واشنطن بوست" ذكرت عددا آخر من القصص المؤلمة ذات الصلة في تقريرها، وقالت إن الأطفال يموتون من البرد يوميا في المناطق الريفية باليمن؛ حيث يعيش ثلثا سكان البلد. مضيفة أن الآباء يجدون أنفسهم بين خيار صعب، إما علاج الأطفال المرضى أو حماية الأصحاء من ملاقاة المصير ذاته. وأشارت إلى أن المقابر الموجودة في هذه القرى الفقيرة للغاية في شمال غرب اليمن، تحتوي على جثث الأطفال الذين ماتوا مؤخرا بسبب الجوع وأمراض أخرى، معظمهم مدفون في مقابر مجهولة ولم يتم إبلاغ السلطات بموتهم.
الأطفال الأكثر حظا، بحسب "واشنطن بوست"، أخذتهم عائلاتهم للعلاج في أحد المستشفيات على بعد ساعات من الطرق المقطوعة في القرى. لكن، استطردت الصحيفة، تظل النجاة رغم ذلك "حلو مر"، على حد وصفها، فالعائلات عادة ما تفلس بعد دفع جزء من مستحقات الرعاية الطبية، وبالتالي يضطرون لأخذ أطفالهم مرة أخرى إلى المنازل ليواجهوا الدورة نفسها من الفقر وسوء التغذية اللذين أججتهما الحرب.
يجتاح الجوع أفقر دولة في الشرق الأوسط منذ فترة طويلة، وهو يشتد بينما تنهار الدولة منذ ثورة الربيع العربي في 2011 التي أطاحت بالرئيس علي عبد الله صالح، حتى باتت اليمن على وشك الدخول في مجاعة بعد 20 شهرا من حربها الأهلية.
ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى أن حتى النظام الصحي وشبكات الأمان الأخرى التي أنقذت كثيرا من الأطفال قبل أن تذبل أجسامهم من شدة الجوع، تدهورت أو اختفت الآن.
وتواجه منظمات المساعدة الدولية العديد من العقبات بسبب الحرب الجارية هناك، بالإضافة إلى السلوكيات الوحشية للمليشيات الحوثية التي تحكم العاصمة صنعاء.
وفقا لتقديرات صندوق الأمم المتحدة للطفولة يعاني 370 ألف طفل من سوء تغذية حاد وربما يواجهون الموت، بينما يحتاج 2 مليون طفل آخر إلى مساعدة عاجلة.
إيرين هاتشينسون، رئيس منظمة "العمل ضد الجوع" الدولية في اليمن، قال: "يوجد جيل كامل في خطر هنا. نشهد الوضع الأسوأ على الإطلاق بينما يستمر الصراع ولا تستقر الأوضاع. الاحتياجات تتزايد فقط".
واشنطن بوست أشارت إلى أن عددا قليلا من هيئات المعونة يعمل في منطقة بني سيفان ومناطق نائية أخرى. علاوة على تدمير المستشفيات أو معاناتها من عدم توفر الأدوية بسبب الحصار الجوي والبحري للبلد. ناهيك عن اختفاء الوظائف حيث مزقت الحرب اقتصاد اليمن إربا وشردت ما يزيد عن 3 ملايين شخص، نصفهم تقريبا من الأطفال.
ويقول جيمي ماكجولدريك، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن: "يعاني اليمن من التعتيم الإعلامي. لا يحصل على الانتباه الذي يستحقه. إنها ليست حلب. ليس لدينا طائرات بدون طيار تحلق فوقها لتظهر الدمار. ليس لدينا الموصل التي تراقبها كاميرات هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) 24 ساعة على مدار الأسبوع".
أما المتحدث باسم اليونيسيف، بسمارك سوانجين، فقال إن المكمل الغذائي الذي وفرته اليونيسيف لمعالجة سوء التغذية الحاد، وهو عبارة عن معجون يحتوي على زبدة فول السوداني، قد نفد تماما، والسلطات الحوثية لا تسمح بمرور المعونات الجديدة منذ أسابيع. مضيفا أنه يتوقع أن تواجه 240 منشأة صحية في الشمال والمناطق الساحلية المصير نفسه، فضلا عن نقص اللقاحات والإمدادات الطبية الضرورية الأخرى.