أمير يقهر المستحيل.. أصم يخترق الذكاء الاصطناعي لخدمة ذوي الهمم
لم يستسلم الشاب أمير عبدالرحمن غالب، من مدينة عدن اليمنية، لقدرهِ الذي حتّم عليه أن يكون أصماً.
تماهى أمير مع ما كُتبَ عليه، ومضى يواجه قضاء الله بكل رضا ورحابة صدر.
نجاحه في قراءة شفاه كل مَن يحادثه ليدرك ما يقول، والتحاقه بالدراسة الجامعية -وهو مجال نادراً ما يلتحق به أمثاله من ذوي الهمم- كل ذلك لم يرتق إلى مستوى الإنجاز في حياة أمير، وتعد أموراً بسيطة مقارنةً ما أقدم عليه.
هذا الشاب اختط لنفسه درباً متفرداً؛ ليقهر معاناته، ويتجاوز حالته التي كتبها القضاء والقدر عليه، فعلاوة على تفوقه الجامعي، وإدراكه للغة شفاه الآخرين، يخطو أمير أولى خطواته للتخصص في عالم "الروبوت والذكاء الاصطناعي".
قد يكون هذا المجال، عصياً وصعباً على الأصحاء ممن فترت هممُهم وتكاسلت إرادتهم، غير أن شخصاً مثل أمير -تمرّس في مواجهة التحديات والتغلب عليها- ارتقت به همته، وصنعت منه واحداً من المتميزين في مجالٍ عصري قلما نجد مَن يخوض غماره.
بصوتٍ متهدج، يضغط أمير على لسانه ليُخرج لنا كلماتٍ مليئةٍ بالصلابة والتحدي والأمل، يتحدث لـ"العين الإخبارية" عن حبه منذ صغره لعالم الذكاء الاصطناعي، ليكشف لنا أنه كان يُقبل على الإنترنت بهدف الاطلاع على كل جديد في هذا المجال، ويتعلم آليات وطرق صناعة الروبوتات.
شغفه بعالم الذكاء الآلي، لم يقف عند هذا الحد، بل دفعه للالتحاق بأحد المراكز التدريبية التي تؤهل الشباب في مجال صناعة الروبوتات والذكاء الاصطناعي، ورغم أنه الوحيد الذي كان من ذوي الهمم المنخرط في دورات الروبوت، إلا أنه تخرّج "بامتياز"، وفاقت إشادات معلميه، كل أقرانه الآخرين.
كأي طامح حالم، يأخذ أمير على عاتقه مهمة تسخير عالم الذكاء الاصطناعي وتوظيفه في خدمة ذوي الهمم، من خلال حلمه في اختراع روبوتات تخدم ذوي الاحتياجات الخاصة، وتساعدهم على تسهيل حياتهم، وهذا ما يطمح إليه أمير مستقبلاً.
يقول: "إن أكثر ما يواجهه من صعاب في دارسته بكلية العلوم الإدارية، تخصص حاسوب، بجامعة عدن، هي اقتصار دراسة ذوي الهمم وأصحاب الاحتياجات الخاصة، على سنتين فقط، بينما يتمنى هو أن يُكمل أربع سنوات؛ حتى يُتم البكالوريوس".
وهنا تتدخل والدة أمير، التي كانت برفقة "العين الإخبارية" أثناء إجراء اللقاء مع ابنها الشاب، لتشير إلى ضرورة تجاوب المسؤولين والقائمين على الجامعة، في منح فرصة أكبر لذوي الهمم، كي يكملوا دراستهم، خاصة وأن كثيرين لديهم رغبة قوية في ذلك.
هذا الطموح الذي يحمله أمير بين جنبيه وفي عقله، لا يتواجد لدى الكثير من الشباب الأصحاء، ويؤكد أمير أن "ماما وبابا" هما من دعماه ووقفا إلى جانب إصراره، حتى يواصل تحقيق إنجازاتٍ شخصية، تبدو مستحيلة على من هو في حالته.
كما أن النفس التواقة والمثابرة التي يمتلكها أمير، قد تصطدم بالبيئة المجتمعية التي يعيش فيها، والتي قد لا تمنحه حقوقه، كالقوانين المؤسسية والرسمية الممثلة بالدولة، أو أفراد المجتمع ممن قد لا يساعدون ذوي الهمم في تحقيق مزيد من الإنجاز، بسبب النظرة القاصرة تجاههم.
لكن، مهما بلغت الصعوبات أوجّها، بإمكان المخزون الهائل من الطموح والأحلام في نفوس أمير وأمثاله من ذوي الهمم، أن يتغلبوا على أية عراقيل، وينطلقون نحو العُلا.