أنجز 4 آلاف لوحة.. فلسطيني من أصحاب الهمم يطوع النار في لوحات فنية
تنساب بين يديه خطوط النار على قطع خشبية وورقية لتشكل لوحات مبهرة يمتزج فيها الخيال بالواقع والمقدس وإرادة الحياة والأمل.
إنه الفلسطيني ناجي نصر (42 عاما)، الذي تحدى إعاقته الحركية ليواصل مسيرته ويحلق في عالم الإبداع، ويشق لنفسه طريقا في الفن عبر الرسم بالحرق.
أكثر من 4 آلاف لوحة أنجزها نصر خلال مسيرته الفنية جابت الكثير منها دول العالم عبر مشاركات في معارض فنية متخصصة.
يروي نصر لـ"العين الإخبارية" رحلته مع الفن التي بدأت عام 1997 بدراسة الرسم في جمعية الشبان المسيحية لكنه لم يمتهنه، والتحق بوظيفة في السلطة الفلسطينية قبل أن يتركها لاحقا ويلتحق بالعمل في شركة خاصة.
وما بدا أنها محطة انهيار وتراجع في سرعان عام 2007، التي تلقى فيها ضربتان قويتان الأولى إصابته بإعاقة دائمة في قدميه، تلتها استغناء الشركة التي يعمل بها عنه بسبب الإعاقة، ليشق طريقه من جديد ويفتح أشرعة الأمل.
وبعد رحلة علاج استمرت 6 سنوات في الخارج عاد نصر إلى غزة ليبدأ المشوار من جديد، وقرر الالتحاق بمركز إرادة لتعلم النجارة لتكون له مصدر رزق.
يبتسم وهو يتذكر تلك اللحظة التي فتحت أمامه آفاق الرسم بالحرق، قائلاً: "تعطلت إحدى ماكينات النجارة خلال عملنا، وجاء الفني معه فرد القصدير فاستخدمته للرسم على الخشب فانتبه المدربون لإجادتي الرسم على الخشب فدعمني للتوجه للرسم بالحرق".
موهبة الرسم وما درسه قبل سنوات وكان كامنًا على الدوام بوجدان الفنان نصر، تفجر في تلك اللحظة، وشق طريقه، وخلال عامين بات يعمل من منزله في الرسم بالحرق.
طور نصر قدراته عبر الإبحار في عالم الرسم بالحرق، حتى تمكن من تطويع خطوط النار لترسم خطوط الإبداع على الورق.
وأشار إلى أنه أقام معرضين بغزة أحدهما معرض الوحدة الوطنية الذي ضم رسم لوحات 40 قياديا فلسطينيا.
وفي عام 2015 أقام معرضه الثاني في ذكرى وفاة الرئيس ياسر عرفات وضم 70 رسما لعرفات.
ويستخدم الفنان نصر جهاز الحرق والورق المقوى والكهرباء في إعداد لوحاته، مشيرًا إلى أن أزمة انقطاع الكهرباء التي يعاني منها قطاع غزة (8 ساعات وصل تليها 8 ساعات قطع) تؤثر على استمرار الرسم.
عمل الفنان نصر يحتاج إلى الهدوء والدقة، فالخطأ الواحد يدمر اللوحة، فأي اهتزاز يشوه اللوحات التي تشكلها خطوط النار الحمراء.
ويشير إلى أن كورونا عائق ثاني إلى جانب الكهرباء، فخلال كورونا تراجعت السياحة خصوصا الخارجية، إذ كان له زوايا ثابتة في فندق موفنبيك شمالي غزة، كان يعرض فيها الرسومات التي تنال إعجاب نزلاء الفندق من الأجانب والفلسطينيين فيشترونها.
وذكر أن لوحاته تجاوزت 4000 لوحة تمثل كل أوجه الحياة المختلفة للشعب الفلسطيني، من الشخصيات إلى الأماكن المقدسة، إلى أنماط الحياة والفرح والألم والأمل.
نجح الفنان بكتابة اسمه بأحرف من نور جابت العالم مع لوحاته، التي أشار إلى أن أحدثها كانت الأسبوع الماضي، عندما أرسل 7 لوحات لكندا، في حين تجري وزارة الإعلام برام الله ترتيبات لتنظيم معرض خاص به هناك.
وسبق أن حصل نصر على المركز الأول على مستوى فلسطين في الرسم بالحرق عام 2017 والثالث على مستوى الشرق الأوسط في مسابقة دولية.
ويرسم نصر لوحاته بأحجام عدة، أكبرها لوحة طولها 2.5 متر في عرض 1.5 متر وهي لمدينة القدس بالكامل، مؤكدًا أنها أكبر لوحة مرسومة بالحرق في العالم عن القدس.