شتاء اليمن.. ثلوج بصعدة وبرد قارس يضاعف أوجاع النازحين
تضاعفت معاناة اليمنيين في فصل الشتاء إثر تساقط الثلوج على معقل الحوثي "صعدة"، وبقاء المشردين بمخيمات النزوح جنوبا تحت وطأة برد قارس.
ودرجت المليشيا الحوثية على ممارسة القتل والتدمير، باعتبارها أعمالا متجذرة في فكر هذه الجماعة الإرهابية، إلا أنها في المقابل تعجز عن توفير الخدمات أو نجدة المواطنين الخاضعين -قسراً- تحت سيطرتها.
وليس أدل على ذلك، مما تعانيه محافظة صعدة أقصى شمال البلاد، المعقل الأم للحوثيين، والتي تفتقر قراها ومناطقها إلى أبسط مقومات الحياة، عقب سقوطها المبكر بيد المليشيات، والسيطرة على مقدراتها منذ عام 2011.
فمع تعرض بعض قرى المرتفعات الجبلية في مديرية مجز، وعدد من مديريات محافظة صعدة لتساقط الثلوج، في ظاهرة مناخية جديدة على تلك المناطق، إلا أن المليشيا الانقلابية لم تحرّك ساكنا تجاه ما أحدثته هذه الظاهرة من تداعيات ومعاناة كبيرة للسكان هناك.
فاللوحة البديعة التي اكتستها أراضي وقرى صعدة، بحلّتها البيضاء التي جذبت الناس لمشاهدتها كونها ظاهرة حديثة على قراهم، لم تكدرها سوى تأثيرات الصقيع الذي تسبب بخسائر للمزراعين، دون أن تسعى المليشيا للوقوف معهم أو تعويضهم.
كما أن ما يعكر تلك الصور الطبيعية الخلابة للثلوج المتساقطة على قرى ومديريات صعدة، الحرمان الذي ترزح تحت وطأته تلك المناطق، في ظل سيطرة مطلقة للمليشيا.
ووثقت تقارير محلية ودولية نفوق المئات من المواشي وتضرر المحاصيل الزراعية، بسبب تساقط الثلوج خلال الأيام القليلة الماضية، وسط غياب كامل لتدخلات سلطات الأمر الواقع.
ورغم مناشدات المواطنين والمزارعين في صعدة للسلطة المحلية هناك بتوفير الحد الأدنى من الخدمات أو مواجهة تبعات الثلوج والشتاء القارس الذي ضرب المحافظة، إلا أن كل تلك الدعوات تواجه بالإهمال واللامبالاة، وفق التقارير.
ويتحدث الناشط المجتمعي والإعلامي علي المساوي لـ "العين الإخبارية" عن معاناة ذويه من مزارعي اليمن والممتدة إثر موجة البرد الأخيرة واصفًا إياها بأنها "كارثية".
ويؤكد أن المساعدات الإغاثية المقدمة من الدول والمنظمات المانحة لم تسلم من ممارسات النهب والسلب الذي تقوم به المليشيات الحوثية؛ فكيف لنا أن ننتظر من أمثال هؤلاء أي نجدة أو تدخل للتخفيف من معاناة وخسائر المزارعين جراء الثلوج والصقيع؟.
وقال: "من الطبيعي في أي مكان من العالم، أن تسارع السلطات المعنية بتقديم واجبها العاجل تجاه كوارث كهذه، خاصة أنها تمس شريحة هامة من المواطنين"، مشيرًا إلى غياب الدولة التي انقلبت عليها المليشيا لم يكن مؤثرًا بشدة كما هو الآن، في مثل هذه المآسي التي تعانيه صعدة.
تضرر النازحين
وعصفت موجة البرد الأخيرة بآلاف الأسر النازحة وتسببت بوقوع أضرارٍ بالغة بمخيمات النازحين، الواقعة على أطراف محافظة عدن، وأخرى متاخمة لمحافظة لحج، حيث أُتلفت مؤن الأسر النازحة من المواد الغذائية ومتعلقاتهم الشخصية التي نجوا بها أثناء فرارهم من بطش مليشيا الحوثي.
ونتيجة لهذا الواقع المؤلم تحركت عديد منظمات محلية ودولية لنجدة هؤلاء المشردين الفارّين من حرب الانقلابيين الحوثيين، وقدمت لهم مشاريع نوعية تقيهم زمهرير الشتاء وحر الصيف، وهي مشاريع تهدف إلى استبدال خيام النازحين بملاجئٍ ذات مواصفات أفضل، تقاوم البرد والأمطار واشتداد الحرارة، كما تتضمن توفير فرص عمل للمستهدفين، وتدريبهم على حرفٍ يستفيدون منها كمصدر رزق مستقبلي.
تفاصيل المشروع يتحدث عنها المسؤول الإعلامي لمنظمة "هايك" اليمنية، المقداد محفوظ، وهي المنظمة المحلية المنفذة للمشروع الممول من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، منوهًا بأن المشروع يقوم على فكرة "النقد مقابل العمل".
ويشير "المقداد" لـ"العين الإخبارية" إلى أن المشروع يقدم مآوي تقاوم البرد والحر، يقوم ببنائها النازحون أنفسهم، عبر توزيع معدات من الأخشاب والأدوات اللازمة، تحت إشراف مهندسين وفنيين متخصصين في هذا المجال.
وقال: "بدلاً من منح النازحين خيما وملاجئ مؤقتة، أو منحهم مساعدات مالية قد لا تحقق الهدف المرجو، ارتأينا أن نشرك هؤلاء المهجّرين في تركيب مآويهم الخاصة، وتدريبهم على حرف النجارة والبناء، يستفيدون لاحقا من هذه الحرف هذه لإعالة أسرته.. خاصة أن الكثير من المستهدفين تركوا أعمالهم ومصادر رزقهم وأراضيهم التي يعملون فيها بأيدي المليشيا الحوثية التي سيطرت عليها بعد أن شردتهم قسرًا".
وأكد المسؤول الإعلامي لمنظمة "هايك" أن هذه المآوي الجديدة تتميز بمواصفاتٍ مريحة، وتتكوّن من الخشب وسقفٍ مناسب وعوازل تمنع تأثيرات الشمس، وتقنية مخصصة لمنع تسرب مياه الأمطار إلى الداخل، كما أن جدرانها لا تمرر الحرارة.
وأضاف أن المشروع يقدم 578 مأوى جديدا، وبدأ التفكير في استحداثها عقب تضرر مخيمات النازحين نتيجة كارثة السيول والأمطار التي ضربت محافظتي عدن ولحج قبل أشهر، بالإضافة إلى دخول فصل الشتاء ومعاناة الأسر الموجودة في المخيمات من البرد القارس.
ولفت إلى أن اختيار مخيمات النازحين في منطقة الرباط، الواقعة بين محافظتي عدن ولحج لتنفيذ المشروع، لحجم المخيم الكبير، وأعداد النازحين الضخم الموجود في هذا المخيم، بالإضافة إلى كونه أقدم مخيم، منذ بدء المليشيات حربها وتهجيرها لليمنيين.
aXA6IDMuMTQ1LjM4LjY3IA== جزيرة ام اند امز