أمام أعين الجوعى.. الحوثيون يتلفون مئات الأطنان من المساعدات باليمن
أطنان من المساعدات الإغاثية انتهت في مستودعات التخزين باليمن، أتلفتها مليشيا الحوثي الإرهابية أمام أعين ملايين الجوعى.
يأتي ذلك وسط تحذيرات دولية من أن أكثر من نصف اليمنيين أصبحوا على شفا مجاعة، واستنفار حكومي لاتخاذ كافة الإجراءات المناسبة لاستمرار الأنشطة الإنسانية والإغاثية عقب تصنيف الإدارة الأمريكية مليشيا الحوثي كمنظمة إرهابية.
وتتبعت "العين الإخبارية" عمليات إتلاف لمئات الأطنان من المساعدات الإغاثية المتنوعة التي كانت ضمن معونات طارئة للجوعى اليمنيين، وصارت غير صالحة للاستهلاك الآدمي بفعل احتجازها المتعمد من قبل مليشيات الحوثي الإرهابية في مستودعات تخزين غير ملائمة.
وتعتبر محافظة الحديدة، غربي البلاد، والتي تضم ميناء حيوي يعد شريان حياة للملايين أكبر المناطق التي شهدت عمليات الإتلاف خلال 2020 وحتى 10 يناير/كانون الثاني الجاري.
وقال 3 عاملين في منظمات إغاثية في المحافظة الساحلية إن المساعدات التي أتلفها الحوثيون تعرضت لفترة احتجاز طويلة استمرت لأكثر من عام في ظروف غير ملائمة داخل مستودعات تخزين غير مهيئة للمناخ الحار التي تتسم به مدينة الحديدة.
وأقرت مليشيا الحوثي بهذه العمليات الإرهابية، لكن المصادر شككت في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية"، بصحة الأرقام التي أعلنت عنها المليشيا الإرهابية بشأن الكميات التي تم إتلافها، مؤكدة أنها "أقل بكثير من آلاف الأطنان التي أُتلفت بالفعل".
وأشارت إلى أن مليشيا الحوثي احتجزت مراراً شحنات إغاثية دخلت عبر ميناء الحديدة، كما تعمد عبر مؤسسات محلية تابعة لها بادعاء أخذ حصص لمُحتاجين ويكون واقع مسارها تخزينها كمؤن عسكرية مخصصة لإمداد مقاتليها في جبهات القتال.
أمام أعين الجوعى
إلى جانب الحرمان، تعد عمليات إتلاف أطنان من المساعدات الغذائية أمام أعين الجوعى بمثابة تعذيب نفسي واستفزاز لمشاعر آلاف الأسر التي تعاني الفقر والنزوح.
وشهد عام 2020 أكبر عملية إتلاف للمساعدات المنتهية والتالفة وشملت 71 طناً و250 كيلوجراما من الدقيق منتهي الصلاحية في مخازن المجلس الدنماركي في الحديدة، إضافة إلى إتلاف 81 طنا من المواد الغذائية الإغاثية المختلفة انتهت صلاحيتها بمستودعات تابعة للغذاء العالمي عقب عجز المنظمة الدولية للوصول لها وتوزيعها للمحتاجين.
وفي يناير/كانون الثاني 2020، تم إتلاف 7 أطنان من الأدوية والمكملات الغذائية التالفة جراء سوء التخزين وتعرضها للحرارة والرطوبة العالية تابعة لمنظمة العمل لمكافحة الجوع (ACF) بالحديدة، وتحتوي على 48 صنفاً من المضادات الحيوية والمغذيات والسوائل الوريدية والفيتامينات.
تلا ذلك إتلاف 7 آلاف و400 كرتونة من المكملات الغذائية التالفة بسبب سوء التخزين داخل مستودع إحدى المنظمات بالحديدة و725 كيس فاصولياء، ولم تسمّ مليشيا الحوثي هذه المرة المنظمة الداعمة.
وتتم عمليات الإتلاف كلها عبر كيان أنشأته مليشيا الحوثي مؤخراً يسمى "المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية"، والذي يدير فرعه بالحديدة المدعو جابر الرازحي، حيث يتحكم بكل مفاصل العمل الإغاثي في مناطق سيطرة الانقلاب.
فساد ضخم
تشير جميع أصابع الاتهام في قضية تلف المساعدات إلى القيادي الحوثي جابر الرازحي والمؤسسات المحلية التابعة له، والتي أنشئت بهدف الاستحواذ على كافة التدخلات الإنسانية.
ويعد الرازحي مسؤولاً عن كافة أعمال المنظمات الإنسانية بالمناطق الخاضعة للحوثيين في 3 محافظات يمنية (الحديدة، حجه، المحويت) فقط والتي تكتسب أهميتها من وجود ميناء الحديدة التي تصل عبره معظم المساعدات الإنسانية.
ويسيطر الحوثيون على أنشطة المنظمات الدولية عبر مؤسسات محلية تم تفريخها وتتحكم بتدفق المساعدات من خلال آلية التوزيع والمسح الميداني.
ويتهم الناشط اليمني، بسيم جناني، القيادي الحوثي الرازحي بنهب أيضاً ملايين الدولارات صرفت للحديدة ونازحيها ومشاريع متنوعة استحوذ عليها عبر مؤسسات مجتمعية أنشأها في السنوات الأخيرة، ويسيطر على أغلب المشاريع بتواطئ من موظفي المنظمات الدولية بحجة تجنب عرقلته أو منعهم من عملهم الإغاثي.
وأشار في تصريح لـ"العين الإخبارية" إلى أن ما يعرف بالمجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية التابع بمحافظة الحديدة الذي يديره المدعو جابر الرازحي، يعد جزءاً من مافيا فساد ضخمة، وهو المتحكم الرئيسي بأنشطة المنظمات الدولية ولا يتم تنفيذ أي إغاثة في محافظات الحديدة وحجة والمحويت إلا بعد موافقته.
وأكد أن السبب الرئيسي في تلف المساعدات يعود إلى التعامل بين ممثلي مليشيا الحوثي وبين المنظمات الدولية التي ترضخ للعراقيل وللابتزاز الحوثي للجهات الداعمة، خصوصاً وقت توزيع هذه المساعدات.
ومؤخراً، كثرت الاتهامات الموجهة إلى مليشيا الحوثي بنهب المساعدات الغذائية من أفواه الجائعين وبيعها في السوق السوداء أو توزيعها على أسر المقاتلين الحوثيين دون غيرهم.
تأكيدات حكومية
من جهته، يرى مدير الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في اليمن، نجيب السعدي، أن ضعف التنسيق للمنظمات الإنسانية لا يزال أهم إشكاليات الملف الإنساني خصوصاً العاملة في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية.
وأعرب المسؤول اليمني في تصريح لـ"العين الإخبارية" عن أسفه من توسع ظاهرة المواد الإغاثية المنتهية التي يحتجزها الحوثيين وتعقد الوضع الإنساني، وأرجع السبب الرئيسي إلى ضعف تنسيق هذه المنظمات مع الجهات الحكومية لتحديد آلية واضحة لتوزيع المعونات.
ومع عوده الحكومة يتطلع السعدي إلى إصلاح شامل للملف الإنساني ولعمل المنظمات عن طريق تفعيل أجهزة الدولة ومنع التداخلات بين الجهات المختلفة، ومراقبة مسار المعونات التي تتدفق إلى مناطق سيطرة المليشيات الإرهابية.
إلى ذلك، أكدت الحكومة اليمنية العمل المتواصل بالتنسيق مع الحكومة الأمريكية لاتخاذ كافة الإجراءات المناسبة للحد من تأثير قرار تصنيف مليشيا الحوثي كمنظمة إرهابية على أنشطة العمليات الإنسانية والإغاثية في اليمن في المناطق غير الخاضعة للانقلاب.
وقالت الحكومة على لسان وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني، الدكتور أحمد بن مبارك، إن حكومة بلاده تضع نصب أعينها أهمية ألا يتضرر الوضع الإنساني في اليمن عقب سريان قرار تصنيف مليشيا الحوثي كمنظمة إرهابية المتوقع في 19 يناير/كانون الثاني الجاري.
ودأب الحوثيون على إعاقة عمليات الإغاثة وافتعال الأزمات ونهب وسرقة المساعدات ومنع وصولها لمستحقيها، وبحسب بن مبارك فإن المليشيا الإرهابية لاتزال تعرقل عمل المنظمات ورفض كافة الآليات المقترحة الحكومية والأممية لتحسين الأوضاع الاقتصادية والتخفيف من معاناة المواطنين في مناطق سيطرتها شمالاً.