المخرج اليمني عمرو جمال لـ"العين الإخبارية": "المرهقون" وضع عدن على خريطة السينما العالمية
للمرة الأولى في تاريخ اليمن يتواجد فيلم سينمائي يمني في أحد أكبر مهرجانات السينما العالمية على الإطلاق.
فيلم "المرهقون" حقق هذا الإنجاز الفريد للسينما اليمنية، وهو فيلم من إخراج المخرج الشاب عمرو جمال، الذي حمل بين جنباته همّ صناعة السينما وإحياء المسرح في مدينة عدن واليمن عمومًا.
"العين الإخبارية" التقت المخرج اليمني الشاب، وأجرت معه حوارًا بالتزامن مع عرض فيلمه ”المرهقون” خلال مهرجان برلين السينمائي.
فيلم واقعي
يقول المخرج اليمني عمرو جمال إن فيلم "المرهقون" عمل سينمائي واقعي يتحدث عن الحالة المعيشية الصعبة التي تعيشها الأسر في مدينة عدن وفي اليمن بشكل عام.
وأضاف جمال لـ"العين الإخبارية" أن "المرهقون" يناقش كيف ألقى الانهيار الاقتصادي الذي يعيشه اليمن بظلاله على الأسر في الطبقة المتوسطة، وسحبها من كونها طبقة متوسطة إلى خط الفقر.
كما يعالج الفيلم تأثيرات الأوضاع المعيشية المتدهورة وانعكاساتها على قرارات معقدة في حياة هذه الأسر، واضطرارها لاتخاذ قرارات تكون مؤلمة لها أحيانا، بحسب المخرج اليمني.
اختيار عالمي
وأكد عمرو جمال أن الفيلم سيعرض ضمن مهرجان برلين السينمائي، وتم اختياره بناءً على "اختيار رسمي".
واعتبر المخرج أن هذا الاختيار العالمي يمثل نقلة كبيرة جدًا ونوعية بالنسبة للسينما في اليمن، كونه أول فيلم طويل في تاريخ اليمن يدخل في مهرجانات ”الإليست”، وهي المهرجانات الكبرى مثل: "برلين" أو "فينست" أو مهرجان "كان".
وقال إن هذا الاختيار وبهذه الطريقة الرسمية يمثل انطلاقةً كبيرة للسينما في اليمن، ويشكل بداية لمستقبل سينمائي واعد في البلاد.
معايير الاختيار
وكشف المخرج السينمائي اليمني عن معايير اختيار الفيلم وعرضه في مهرجان برلين، وقال "إن أبرز معايير الاختيار تركزت حول تقديم عمل سينمائي بمعاييره السينمائية الأصيلة، وبجودة محترمة".
وأضاف أن من معايير الاختيار في مهرجان برلين أن يحتوي الفيلم على لغة سينمائية ورؤية، وأن يثير اهتمام وانتباه لجان التحكيم العالمية.
مواقع وظروف التصوير
تحدث عمرو جمال أيضًا عن فترة إعداد الفيلم ومواقع التصوير، مشيرًا إلى أن "المرهقون" تم الإعداد له خلال سنتين لكن التصوير تم خلال 70 يوما.
ولفت إلى أن التصوير تم في مدينة عدن القديمة، ضاحية "كريتر" في مديرية صيرة، بهدف محاكاة الواقعية وحياة الأسر المتوسطة والبسيطة في مدينة عدن.
كما لم يخلُ التصوير من مصاعب -بحسب جمال- معترفًا أن ظروف التصوير كانت صعبة جدًا، بسبب توقيت جائحة كورونا، وقال: "إن عددًا كبيرًا من الممثلين تعرضوا بالفعل للإصابة بالجائحة خلال التصوير".
ظروف الحرب والتأثر بالأوضاع الأمنية ألقت بظلالها كذلك على تصوير الفيلم، منوها إلى أن المشاكل الأمنية في مدينة عدن، اضطرت فريق العمل إلى إيقاف التصوير عدة مرات، لكن التصميم والعزيمة أخرجا الفيلم إلى النور.
احتفاء دولي
الفيلم اليمني "المراهقون" للمخرج عمرو جمال حقق نجاحًا لافتًا حتى قبل أن يعرض في مهرجان برلين، بل حتى قبل أن يتم الانتهاء من تصويره.
وهذا ما أشار إليه المخرج جمال حين تحدث مع "العين الإخبارية" عن التوقيع على عقد توزيع للفيلم مع إحدى أكبر شركات العالم.
وتابع: ”كان هناك احتفاء كبير جدًا بالعمل حتى قبل صدور الفيلم، وكان ذلك في مهرجان (كارلو فيفاري) -خامس أقدم مهرجان في العالم- والذي منح فيلم المرهقون الجائزة الكبرى لأفضل فيلم في مرحلة ما قبل الإنتاج بهدف استكمال عمل الإنتاج”.
عدن.. على الخارطة
المخرج المحب لمدينة عدن، وابنها الذي استعاد تألقها الفني والمسرحي والسينمائي عمرو جمال عبر عن حجم "الحظ" الذي رافقهم وجعلهم أن يكون هذا العمل السينمائي الفريد.
وقال: "نحن محظوظون وسعداء أننا نقدم عملا يليقا بهذه المدينة، وأن نضع عدن على الخارطة العالمية للسينما، واليمن عموما".
وأضاف أن عدن تظل مدينة محبة للفن، فمهما حصل كان الجميع يساعدنا ويسهلون عملنا في هذه المدينة، رغم كل المشاكل الأمنية، لم نجد من يمنعنا أو يوقفنا، بل كان المواطنون يفتحون أبواب منازلهم لنا.
مدينة تستحق
يؤكد عمرو جمال أن مدينة عدن تستحق إحياء إرثها الفني والمسرحي والسينمائي، وهي التي عرفت المسرح والفنون قبل أكثر من مائة عام.
يأتي ذلك بالتزامن مع عرض مسرحية "هاملت" التاريخية للرواي العالمي "ويليام شكسبير" بلهجة عدنية في المدينة قبل ما يزيد على شهر.
يقول جمال عن المسرحية إنها عرضت في عدن بثوب وأسلوب مختلف، جعلت من إحدى أشهر روايات الأدب العالمي في التاريخ إلى عمل ناطق باللهجة العدنية البحتة.
ويضيف المخرج العدني أن من مميزات هذا العرض المسرحي أنه عُرض لأول مرة بطريقة المسارح التقليدية القديمة في أوروبا، عبر أسلوب العرض الذي تتوسط فيه خشبة المسرح موقع العرض ويحيط بها الجمهور من ثلاث جهات، وهي التجربة الأولى من نوعها في عدن واليمن عمومًا.
وهو ما يكشف حجم الحرص من القائمين على المسرح والسينما في عدن، على أن يبرزوا الإرث الفني للمدينة، ومكانتها التي تستحقها، وإحياء تاريخ المسرح والسينما الممتدة منذ أكثر من قرن.
في حضرة التاريخ
لم تقف مميزات مسرحية "هاملت" عند هذا الحد، بل إنها استثمرت أحد معالم مدينة عدن التاريخية، واستخدمتها للعرض، وهو مبنى المجلس التشريعي في زمن الاحتلال البريطاني للمدينة.
وهو مبنى استعمل لأغراض سياسية أواخر خمسينيات القرن الماضي، وكان قبل ذاك كنيسة القديسة ماريا التي بنيت عام 1871، وتم ترميمه وإعادة تأهيله لاستضافة عروض "هاملت" العدني، بحسب جمال.
وعرفت مدينة عدن المسرح قبل نحو 120 عامًا، وتحديدًا عرضت فيها أول مسرحية في عام 1905، وهي أول مدينة في الجزيرة العربية والخليج تشهد هذه العروض المسرحية، خلال فترة الاحتلال البريطاني.
كما شهدت خلال تلك الفترة عروضا مسرحية لكلاسيكات الروايات الأدبية، خاصة للكاتب الإنجليزي ويليام شكسبير، مثل "يوليوس قيصر"، و"عطيل"، و"مكبث" وغيرها.
وعاشت مدينة عدن ازدهارًا فنيًا ومسرحيًا استمر حتى بداية تسعينيات القرن الماضي، حين تراجعت الحركة المسرحية كثيرًا، وعادت مجددًا بداية الألفية الثالثة، عبر مسرحيات وأعمال فنية لفرقة "خليج عدن"، التي يقودها المخرج الشاب عمرو جمال.
aXA6IDE4LjE5MS45Ljkg
جزيرة ام اند امز