الرسام الصامت يكشف لـ"العين الإخبارية" تفاصيل حياته وسر جذبه الملايين
يرسم معصوب العينين وبأصابع قدمه وبفمه وعلى أوراق الشجر، ويتلاعب بأعصاب الملايين من متابعيه على مواقع التواصل الاجتماعي.
الفنان اليمني محمد الورد، شاب يخوض كل يوم مغامرة جديدة في رسم أعلام وزعماء الأمة العربية ما جعل مقاطعه المصورة تحظى بملايين المشاهدات.
ورغم صغر سنه (22 عاما) ، إلا أن غرفته الصغيرة في قلب صنعاء تتزين بصور الكثير من الزعماء والمشاهير الذين جذب من رسمهم أكثر من 80 ألف متابع من جميع الدول على حسابه بتطبيق "تيك توك" فقط.
"العين الإخبارية"، أجرت مقابلة خاصة مع الفنان محمد الورد الذي فضل تسمية نفسه بـ"الرسام الصامت" في محاولة لاستكشاف سر هذا الإبداع والتألق كصانع محتوى فني وسط رحى الحرب التي تضرب اليمن.
هو واحد من جيل جديد يعشق فن "البورتريه" و"الفن التشكيلي" الذي أبدع فيه عشرات اليمنيين لكن الحرب قضت على أحلامهم وأجبروا على بيع أعمالهم الفنية في الشارع بأسعار زهيدة تصل لحوالي 100 ريال يمني للوحة، أي ما يعادل أقل من ربع دولار أمريكي.
من فشل المدرسة إلى إبهار الآلاف
لم يكن ابن محافظة الحديدة (غرب) محمد الورد يتوقع أن يتحول فشله في المدرسة إلى نقطة تحول في حياته الفنية وذلك بعد أن وجد نفسه مهددا بالتعثر أو الرسوب في المرحلة الإعدادية قبل أن يمنح فرصة أخيرة.
اقترح أحد أساتذة الورد، كما يروي لـ"العين الإخبارية" تقديم أنشطة ووسائل تعليمية لتقديمها للمكتبة المدرسية مقابل درجات في المواد الدراسية الضعيفة وهنا وجد نفسه أمام التحدي الأول وهو خوض أول مغامرة رسم.
وكبقية الأسر التهامية المكافحة، ينحدر الورد من عائلة تعيش على القوت اليومي ولذا كان بالنسبة له توفير مبلغ 5 آلاف (نحو 12 دولارا) أشبه بمعجزة من أجل شراء رسومات جغرافية الأرض من أحد متاجر الدعاية والإعلان.
ويقول "لن أنسى هموم هذا اليوم، لقد عدت للمنزل مكسورا ونمت تلك الليلة وأنا أفكر في النشاط التعليمي قبل أن أقرر صناعة تلك اللوحة بنفسي وتحقق الحلم ومنحني المدرس علامة التفوق الكاملة".
وأضاف "الطلاب أصبحوا يقدمون طلب رسم لوحات خاصة بهم مقابل مبلغ زهيد جدا يصل لنحو 200 ريال يمني، أي أقل من نصف دولار وازداد مع ذلك الطموح والإصرار حتى اقتحمت عالم الشهرة من بوابة تيك توك كصانع محتوى مبهر للملايين".
الرسم بالخيال
من الرسم في المدارس إلى السوشيال ميديا إلى أبواب المحال التجارية في الأسواق، استطاع الورد أن يضمن لنفسه وعائلته مصدر رزق يكفيه للعيش بكرامة في بلد محطم من خلال اهتمامه بالفن التشكيلي والبورتريه.
وبشأن محاولته التلاعب بأعصاب الملايين من متابعيه على مواقع التواصل الاجتماعي، قال إنه "ليس تلاعبا إنما أحاول جاهدا تقديم شيء جديد وبطرق جديدة برسومات من جميع الأشياء وأعشق الرسم بالقدمين والفم ومعصوب العينين" في محاولة لكسر الطرق المستحيلة.
وأضاف لـ"العين الإخبارية"، أنه يعتمد على الرسم بالخيال، متابعا: "وهذا سر طريقة رسمي المبتكرة هي ليست ملائكية لكنني بالفعل تعبت كثيرا وأنا أتمرس عليها".
وعن كيفية الرسم معصوب العينين، أوضح أنه أيضا رسم يعتمد على الخيال، و"على حفظ أهم الملامح في صورة الشخصية ثم التدرب مرة ومرتين حتى تصبح محفورة في الذاكرة" ثم تخرج بمقاطع الفيديوهات التي تشاهدونها.
يعتقد الفنان اليمني أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبح لها دور في صعود أو هبوط مستوى الرسومات والفنان ذاته.
يؤكد الورد لـ"العين الإخبارية"، حاولت أن أضمن مصدر دخل وأكسب لقمة العيش كصانع محتوى في "تيك توك" وكرسام بورتريهات أشخاص مقابل مبلغ زهيد.
وقال إن ذلك أفضل من الانخراط بالحرب ودهاليز السياسة، وأنا واحد من آلاف اليمنيين الذين يهربون من هموم واقع العيش المر والصراع الوحشي إلى صناعة المحتوى الفني والكوميدي للتخفيف عن أنفس الناس.
ويعتقد الرسام اليمني أن الأعمال الفنية الإبداعية تخفف بالفعل من ويلات الحرب لدى الكثيرين وتظهر نافذة ضوء وسط ظلام الحرب الحوثية وقد "أحببت أن أكون أحد صناع المحتوى اليمني الفني الهادف والمميز القادر على معالجة القضايا برسومات فنية تغني عن الحديث".
صعوبات لم شمل اليمنيين
لا يزال الواقع السياسي يصنع لأمثال الورد رغم أنهم لا يزالون في مقتبل العمر الكثير من الصعوبات والمتاعب وذلك إثر محاولة البعض تصنيفهم بالتبعية لأطراف معينة رغم أنه واحد من ملايين الباحثين عن وطن يسوده السلام، على حد تعبيره.
وأشار الفنان اليمني إلى أنه يواجه شتائم على بعض رسوماته، فعندما يحاول رسم شخصية سياسية يهاجمه أنصار التيار المناهض للشخصية المرسومة، موضحا: "أحاول جاهدا التركيز على لم شمل اليمنيين مثلما كرة القدم اليمنية".
رسالة وهدف
في ختام حواره مع "العين الإخبارية" قدم الورد رسالة وهدفا يطمح لتحقيقه في مسيرته الفنية، حيث وجه رسالة لأمثاله العاملين في الحقل الفني وصناع المحتوى ألا يستسلموا للوقع "السيئ" في البلد بحجة عدم الاهتمام بالمبدعين والمواهب قائلا: "علينا الاعتماد قدر الإمكان على الذات للانطلاق بالموهبة للعالمية".
وعن أهدافه، يؤكد الورد أنه يطمح ب0تمثيل بلاده في المحافل الدولية ليعلم العالم أن "اليمن أرض الفن والإعجاز"، كما يطمح لـ"إنتاج أول أنمي يمني يلخص الأحداث الأخيرة"، وهو الهدف المستحيل أن تجسد وقع الحرب في بلد معقد كاليمن.
aXA6IDMuMTIuMTIzLjQxIA== جزيرة ام اند امز