حلف ضد العدالة.. قضاء تعز بين عصابات الإخوان وإرهاب الحوثي
على خطى مليشيات الحوثي تعدت عصابات إخوان اليمن بتعز كل الخطوط الحمراء حتى غدت قادرة على تطويع القضاء عبر سلسلة من الهجمات ضد منتسبي السلطة القضائية.
وتتقاسم مليشيات الحوثي مع إخوان اليمن السيطرة على محافظة تعز، حيث يسيطر الإخوان على قلب المدينة، فيما تخضع الضفة الشرقية للحوثيين، وتقوم الجماعتان بتسخير المحافظة لخدمة أجندتهما وتحقيق أطماعهما العابرة.
ومؤخرا، وجد منتسبو السلطة القضائية في مرمى هجمات عصابات حزب الإصلاح، الذراع السياسية لإخوان اليمن، والتي استهدفت شل العدالة في مدينة تعز، بعد أن هيمن التنظيم على المؤسستين العسكرية والأمنية في الأجزاء المحررة.
اعتداءات سافرة
وأبرز تلك الاعتداءات التي وصفت بـ"السافرة" كانت في يناير/كانون الثاني الماضي، عقب تعرض القاضي فضل الكمالي رئيس محكمة التعزية لاعتداء من قبل عصابة مسلحة لحزب الإصلاح في شارع الثلاثين غربي مدينة تعز.
وبحسب مصادر أمنية لـ"العين الإخبارية" فإن الكمالي تعرض للاعتداء من قبل الضابط الإخواني سامي حسن الشرعبي، والذي ينتمي لوحدات محور تعز العسكري، الخاضع لحزب الإصلاح.
وأشارت إلى أن رئيس محكمة استئناف تعز وجه النيابة العامة بالقبض القهري على العصابة المسلحة، وصدرت أوامر قبض قهرية من النيابة والبحث الجنائي بحق المدعو سامي الشرعبي، إلا أن سلطات الإخوان لم تتحرك للقبض عليها.
وسبق ذلك، في منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، عندما تعرض القاضي عبدالرحمن الحميري، لاختطاف وتعذيب والشروع بالقتل من قبل الضابط المدعو أسامة القردعي التابع للواء 170 دفاع جوي الخاضع لحزب الإصلاح.
كما قام المدعو القردعي في الشهر ذاته بالاعتداء والشروع باختطاف القاضي سفير الوتيري، أحد قضاة محكمة غرب تعز، الذي أفلت من قبضتهم بعد تدخل مرافقيه.
وتعد تلك الوقائع نماذج مصغرة لهجمات إخوانية لا تنتهي في ظل صمت السلطات اليمنية المعنية عن القيام بواجبها القانوني لحماية منتسبي القضاء وتأمين أداء واجباتهم التشريعية في إرساء العدل وفرض القانون.
تعليق مؤقت
واحتجاجاً على تلك الاعتداءات المتكررة والسافرة ضد أعضاء السلطة القضائية، أعلن قضاة تعز عن إضراب العمل بالمحاكم والنيابات، بدءًا من 4 فبراير/شباط الجاري.
وجاء إضراب القضاة بعد تكرار الاعتداءات على منتسبي السلطة القضائية بالمحافظة، وتنصل الجهات الأمنية والعسكرية عن القيام بواجبها وضبط المعتدين.
وقال مصدر مسؤول بتعز لـ"العين الإخبارية" إن تعليق العمل في المحاكم -ما عدا القضايا الجزائية والمستعجلة- جاء بسبب عدم تسليم المتهم أسامة القردعي، للنيابة الجزائية، تنفيذا للأوامر القضائية الصادرة بالقبض عليه.
وأضاف أنه "تم تحرير العديد من المذكرات لقيادة المحور وإدارة عام شرطة تعز للقبض على المتهم القردعي وعصابته المسلحة، لكن المذكرات قوبلت بإهمال واستهتار، وعدم تسليم المتهم".
وفي بيان سابق لنادي قضاة اليمن فرع محافظة تعز، أكد أن هناك تساهلا في تنفيذ الأوامر القضائية للقبض على المدعو أسامة القردعي، من قبل القائم بأعمال قائد محور تعز العسكري اللواء عبدالعزيز المجيدي الذي تنصل مستهتراً عن القبض على المتهم المذكور وأفراد عصابته.
وقال البيان: إن محور تعز الإخواني "اقتصر على طلب إحالتهم للمحاكمة باعتبارهم فارين من وجه العدالة، معللاً ذلك بامتلاكهم عددا من الأطقم والمدرعات، دون أدنى شعور بما أضحت تشكله تلك العصابة من خطر على رجال القضاء ومعاونيهم في المحافظة".
وأشار إلى أن نادي القضاء لن يألو جهدا في اتخاذ الإجراءات اللازمة للمطالبة بإحالة القائم بأعمال قائد محور تعز للتحقيق والمحاكمة بتهمة عرقلة سير العمل وفقاً للقانون.
على خطى إرهاب الحوثي
وتعد هذه الجرائم بحق القضاة والاعتداءات من قبل عصابات الإصلاح بتعز ومليشيات الحوثي، كنهج تتبعه العصابات الإرهابية، للإخلال بالعدل وحقوق المواطنين، وتمرير أهدافهم عبرها.
وفي مطلع يناير/كانون الثاني الماضي، أقدم قيادي حوثي على اقتحام ومحاصرة مبنى محكمة شرعب السلام في منطقة الحوبان شرق مدينة تعز، الواقعة تحت سيطرة مليشيات الحوثي، في محاولة اختطاف أحد قضاتها.
وقال بيان صادر عن قضاة محاكم محافظة تعز، الواقعة تحت سيطرة المليشيات، إن "القيادي الحوثي المدعو صلاح الصلاحي وبدعم القيادي الحوثي نور الدين المراني اقتحم محكمة شرعب السلام بمنطقة الحوبان بمجاميع مسلحة، وتوعّد القاضي صلاح المليكي بالانتقام منه قبل أن يشرع بمحاولة قتل القاضي خارج مبنى المحكمة بتوجيه الأسلحة نحوه، لولا تدخل الحراسة القضائية".
وأعلن القضاة، في البيان، تعليق جلسات المحاكم تضامنا مع القاضي صلاح المليكي رئيس محكمة شرعب بمحافظة تعز، والذي تعرض لجريمة التعدي من قبل المدعو صلاح الصلاحي بالتوعد بالإضرار به في أثناء تأديته وظيفته.
وأكد البيان تورّط القيادي الحوثي المدعو نور الدين المراني، منتحل صفة وكيل محافظة تعز لشؤون الدفاع والأمن، ومساعد المنطقة الرابعة، مع مرافقيه بمؤازرة الجاني في أثناء ارتكابه الجرائم المذكورة، ثم التجمع بمسلحين والتجمهر حول مبنى المجمع، وإثارة الشغب والضغط لاتخاذ قرار بالمخالفة للقانون وأنظمته.
تعدٍ على الحصانة
ما يتعرض له القضاة من انتهاكات واعتداءات له أثر بالغ على سير النظام القضائي وتحقيق العدالة، فهذه الاعتداءات أدت في مرات كثيرة إلى إضراب المحاكم وتوقف النظر في القضايا لوقت طويل وتعطيل مصالح الناس، وفق مراقبين.
وقالوا لـ"العين الإخبارية" إن ما يحصل هو تعدٍ على الحصانة التي يفترض أن يتمتع بها القضاة والحماية القانونية لهم، والتي ضمنها لهم قانون الجرائم والعقوبات اليمني.
وأكدوا أن "القصد والغرض الرئيسي من هذه الاعتداءات هو حمل بقية القضاة على الخوف وترهيبهم لكي يصدروا أحكاما غير عادلة ومخالفة للقانون لمصلحة المعتدين".
وأشاروا إلى أنه يجب فرض حماية هيبة القضاء وقداسته، ومنع النيل من القضاة بأي طريق، فلولا هذه الحماية لما بقي على منصة الحكم إلّا القليل من القضاة، إذ إنه بات أمرا ضروريا منح القضاة الثقة والأمان في عملهم القضائي.
وقال الباحث اليمني صلاح عبدالواحد، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن الاعتداءات المتكررة على منتسبي السلطة القضائية تؤدي إلى الإخلال بالأحكام القضائية وسير التقاضي في المحاكم.
وأضاف الباحث عبدالواحد أن العدل هو الانتصار للمظلومين والدفاع عن حق من حقوق وممتلكات الناس، وأن المساس به يعد انتهاكا للعدالة والقانون.
وأكد أن أفعال الإخوان على خطى مليشيات الحوثي الإرهابية تستهدف إرهاب خصومها، والعبث بالقضاء والسيطرة عليه، لتحقيق الأحكام القضائية التي تتناسب مع عقيدتهم، وبما يتوافق لصالح قيادتهم دون المساس بهم.
ويتطلب عمل القضاء منحهم حماية جزائية تتناسب مع المنزلة الرفيعة والخطيرة لعملهم، لأن من أبجديات وبديهيات حقوق القاضي أن يكون آمناً على حياته وحياة أسرته وسلامتهم، وحتى يتم تمكين القاضي من أداء واجبه على أكمل وجه، وبما يحقق العدالة القضائية، وفقا للباحث اليمني.
aXA6IDE4LjIyNi4xMDQuMzAg جزيرة ام اند امز