تمرد بريغوجين.. مناورة بوتين أم صدام "رجل ميت"؟
لم يكن تحول الصراع بين رجال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى شبه تمرد وليد اللحظة بل سبقه الكثير من الخلافات خلال الشهور السابقة.
لكن ما ارتكبه رئيس مجموغة فاغنر الروسية يفغيني بريغوجين كان صادما للكثير من المتابعين، وأثار الكثير من التساؤلات والتكهنات، فتساءل البعض عما إذا كان بريغوجين، حليف الكرملين منذ فترة طويلة، فقد عقله ببساطة، أم أن الصراع برمته كان ذريعة لفرض الأحكام العرفية وموجة كاملة من التعبئة؟ أم أن روسيا باتت بالفعل على شفا حرب أهلية؟ وكم من الوقت سيمر حتى يسقط قائد فاغنر؟ وفقا لصحيفة "ديلي بيست" الأمريكية.
خبراء روسيا المخضرمون يعترفون بأنه لا توجد طريقة للإجابة عن هذه الأسئلة، ويبدو أن دوافع بريغوجين غير واضحة إلى حد بعيد، لكن خلفية الأحداث الحالية أكثر صعوبة للتنبؤ.
من مطبخ الكرملين إلى رئيس شركة فاغنر، ولماذا الانشقاق؟
قد يكون بريغوجين معروفًا في جميع أنحاء العالم الآن بانتصاراته الحاسمة في الحرب ضد أوكرانيا مع مجموعة فاغنر، التي اشتهرت بتجنيدها الآلاف من السجناء الروس للقتال.
حتى الآن، وبعد الخروج من الظل والمطالبة بالفضل في القيام بالعمل نيابة عن الكرملين، يسيطر بريغوجين على شبكة واسعة من وسائل الإعلام، التي استخدم الكثير منها بوضوح لاستهداف أعدائه في وزارة الدفاع الروسية وتصوير نفسه باعتباره وطنيا مناهضا للنخبوية مصمما على النضال من أجل حقوق المواطن الروسي.
تكهن محللون سياسيون بسعي رجل الأعمال لوضع الأساس لحملة سياسية، لكن بريغوجين دأب على نفي الأمر. لكنه برغم ذلك يحظى بتأييد شعبي كبير: فقد تم رصد منشورات في مناطق بالقرب من الحدود مع أوكرانيا في الأسابيع الأخيرة تشيد بـ"شجاعته" التي لا يتمتع بها الآخرون في الحكومة الروسية.
من بين النظريات الأخرى حول خروجه من الظل هو أنه يدرك أنه كلما زاد الدعم الذي يتمتع به، سيكون من الصعب على الكرملين التخلص منه عندما لا تعود هناك حاجة إليه.
وقالت المحللة السياسية يكاترينا شولمان: "طالما كان على خشبة المسرح، فسيكون من الصعب قتله.. فتسليط الأضواء عليه، سيرفع من تكلفة مقتله".
هل يتصرف بريغوجين نيابة عن بوتين؟
لقد تفاخر مؤسس فاغنر منذ فترة طويلة بعلاقاته الوثيقة مع الرئيس الروسي، حتى أنه استغل ذلك في عرضه لتجنيد السجناء، حيث قال في يوليو/ تموز الماضي: "لدي سلطة خاصة من الرئيس، أنا بحاجة للفوز في هذه الحرب بأي ثمن".
وكان الإجماع العام بين الخبراء هو أن الكرملين سمح لبريغوجين أن يفعل ما يشاء طالما كان مفيدًا للرئيس. ورأى البعض الآخر أن بوتين استخدم بريغوجين لمواكبة الجماعات القومية المتشددة التي دفعت منذ فترة طويلة نحو تكتيكات أكثر وحشية في الحرب.
لكن أيا كانت الدوافع، يبدو أن التهم الموجهة إلى بريغوجين التي أُعلن عنها ليلة الجمعة تشكل إشارة حتى الآن على أن الكرملين بات مستعدا للتخلص منه. ويبدو أنهم يأملون في أن يصبح رئيس فاغنر ذكرى سابقة عما قريب – فقد حظرت شركات الإنترنت جميع منشورات بريغوجين على وسائل التواصل الاجتماعي داخل روسيا حيث أمر الادعاء العام بحذفه من الإنترنت الروسي.
هل هو رجل ميت يمشي؟
قد يموت بريغوجين قريبًا بالسقوط من نافذة "عن طريق الخطأ" مما قد يوصف على الأرجح بأنه حادث نتيجة لمعاقر الخمر أو الانتحار.
ويبدو أن للكرملين (ربما بشكل استباقي) قد أشار إلى إمكانية مقتل بريغوجين. فردا على سؤال في يناير/ كانون الثاني عن احتمال قيام الجواسيس الأوكرانيين بالإطاحة برئيس فاغنر، قال المتحدث باسم بوتين ديمتري بيسكوف إن ذلك مرجح للغاية.
وقال بيسكوف في ذلك الوقت: "فيما يتعلق بمحاولات الاغتيال، فإن أوكرانيا متورطة في كل من محاولات الاغتيال والقتل البشع ... إن تورط نظام كييف في محاولات الاغتيال من هذا القبيل أمر واضح، لذلك هناك مثل هذا الخطر على مواطنينا".
مع وجود التهم الجنائية الموجهة إليه، هناك أيضًا فرصة للزج ببريغوجين في السجن مثل العديد من أعداء بوتين (أمثال أليكسي نافالني)، حتى أنه قد يجد نفسه في السجن، بعد أن قضى فترة سجنه بتهمة الاعتداء على امرأة عندما كان عمره 18 عامًا، وفقًا لسجلات محكمة مقاطعة بريمورسكي في سانت بطرسبرغ (المعروفة آنذاك باسم محكمة مقاطعة زدانوفسكي في لينينغراد).
aXA6IDMuMTQuMTMyLjE3OCA= جزيرة ام اند امز