أيزيديون: الحشد الشعبي يكمل إرهاب داعش في سنجار
الشكاوى تتوالى من قيام مليشيا الحشد الشعبي المدعومة من إيران بممارسات لتغيير تركيبة السكان في المناطق ذات الكثافة الأيزيدية والعربية.
تواجه مليشيا الحشد الشعبي الموالية لإيران اتهامات جديدة بارتكاب انتهاكات في مناطق الأيزيديين بشمال العراق، منها إجبار أهالي قضاء سنجار على النزوح عنه مجددا.
وسيطرت مليشيا الحشد الشعبي على قضاء سنجار أكتوبر/تشرين الأول الماضي بحجة الحرب على الإرهاب وحمايته من تنظيم داعش الإرهابي
وكان داعش قد سيطر على سنجار ومناطق أيزيدية أخرى 2014؛ ما أجبر بعض سكانها على النزوح، ثم سيطر عليها الأكراد، قبل أن تقع مواجهات بين الأكراد ومليشيا الحشد الشعبي للسيطرة على المنطقة.
وبعد الإعلان عن "تحرير" سنجار من داعش، عاد بعض النازحين إلى سنجار، إلا أن بعضهم يشكو من صعوبات يواجهونها بسبب انتشار مليشيا الحشد الشعبي هناك؛ ما يضطرهم للنزوح مرة أخرى.
وقال أحد العاملين في التجارة بين دهوك وسنجار، بَدل ملحم، لشبكة "رووداو" الكردية: "لقد توقفت أعمالنا نهائيا، ونطالب حكومة إقليم كردستان والحكومة العراقية بإعادة فتح الطريق أمامنا".
وفي وقت سابق قال حيدر ششو قائد قوة حماية أيزيدخان إنه “لن يسمح بتواجد أي قوة غير أيزيدية لفرض سيطرتها على مناطق سنجار”، وطالب بخروج الحشد الشعبي من المنطقة واستبدالها بالجيش العراقي بالتنسيق مع أبناء سنجار.
وأرجع ششو ذلك إلى أن عناصر الحشد الشعبي قامت بانتهاكات في سنجار مثل مصادرة سيارات من السكان والسيطرة على المقار والمباني الحكومية.
وتعيش نحو 500 عائلة من قضاء سنجار في مخيم "كبرتو"، وقبل مجيء الحشد الشعبي كانت هذه العوائل تستعد للعودة إلى مناطقها، إلا أنها فقدت الأمل بالعودة مجددا إلى سنجار.
من جهتها قالت إحدى النازحات، كوجر خلف: "من يظلمنا يجب أن يخرج من مناطقنا، سواء كان إيزيديا أو مسلما أو غير ذلك، وحتى لو تحولت سنجار إلى ذهب؛ فإننا لا نستفيد منها شيئا".
وينص الدستور العراقي على أن سنجار من المناطق المتنازع عليها بين حكومة إقليم كردستان وحكومة بغداد، ويتبع قضاء سنجار إداريا لمحافظة نينوى، فيما يُشكل الأيزيديون 85% من سكانه.
وبعد سيطرة القوات العراقية ومليشيا الحشد الشعبي على سنجار جرت تعيينات جديدة في إدارتها، ولكنها لم تلقَ قبولا عاما من الأيزيديين.
فقد قال قائد وحدات حماية الأيزيديين، حيدر ششو، إنه لم يؤخذ رأيهم في هذه التعيينات، "والحشد الشعبي لم ينفذ وعوده في أن كل شيء سيكون كما يحب أهالي سنجار".
تغيير تركيبة السكان
والشكاوى من مساعي الحشد الشعبي للسيطرة على سنجار وتهجير سكانها سابقة على هذه الأحداث؛ ما يفتح الباب للبحث عن دور هذه المليشيا في الانتهاكات التي تعرضت لها مناطق الأيزيديين وفتح الطريق إليها أمام داعش لتكون حجة لتدخلها هذه المليشيا وتسطير عليها تحت اسم تحريرها من الإرهاب.
ففي أغسطس/آب الماضي وجّه "تحالف القوى العراقية" اتهامات بارتكاب عمليات قتل وتهجير وحرق لعدة قرى في محافظة نينوى، ضمنها قرى أيزيدية، واستهداف عشائر عربية بها، في محاولة لتغيير تركيبة السكان.
ويضم هذا التحالف الكتل السياسية السنية في الحكومة والبرلمان، وتشكل بقيادة وضاح الصديد، يوليو/تموز الماضي؛ كي يجهز دور هذه الكتل في تحديد مستقبل العراق في مرحلة ما بعد تنظيم داعش.
وفي مؤتمر صحفي عقده التحالف حينذاك، قال نائبه على المتيوتي إنه "في الوقت الذي تأملنا فيه خيرا بتحرير الموصل من براثن الإرهاب وظلم عصابات داعش الإرهابية، فإننا نشهد اليوم نمطا جديدا من الظلم والاستهانة بحياة وكرامة المواطن العراقي، لكن هذه المرة على يد فصائل انتمت إلى الحشد الشعبي من أهالي قضاء سنجار، وتبين لنا أن انتماءهم لأجل الانتقام بسلاح الدولة العراقية".
وأعطى المتيوتي أمثلة قائلا إن أمن الحشد الشعبي أفسح الطريق لعصابات دخلت في يونيو/حزيران الماضي إلى قضاء البعاج وخطفت 53 عراقيا من قرية كوجو في سنجار خلال عمليات إخلاء عراقيين من العشائر العربية، بينهم 27 مختطفة من النساء والأطفال الرضع وكبار السن ممن تجاوزت أعمارهم 65 عاما.
ولفت إلى أنه "تم إعلام رئيس الوزراء بهذا الأمر، وإعلام مدير مكتبه وتشكيل وفد برئاسة النائب عبد الرحمن اللويزي للقاء أبو مهدي المهندس وهادي العامري، لكن دون جدوى لمعرفة مصيرهم".
وأبو مهدي المهندس هو نائب رئيس مليشيا الحشد الشعبي، وهادي العامري أحد أبرز قياداتها، ويشرفان على جميع عملياتها في العراق.
ومثال آخر ضربه المتيوتي على تلك الجرائم وهو أنه بتاريخ 17 أغسطس/آب الماضي عادت القوة نفسها من منتسبي هيئة الحشد من قرية كوجو، واختطفت 8 مزارعين وأحرقت عددا من القرى العربية في محيط جبل سنجار، وهي قرى بسكن الشمالي والجنوبي، وعلي الياسين وأجزاء من قرية أخنيسي.
وكانت مليشيا الحشد الشعبي قد أعلنت منذ عدة أشهر تشكيل فصيل تابع لها انضم له أيزيديون من سنجار تحت حجة "تحرير" سنجار من داعش.
وتبرر مليشيا الحشد وجودها داخل تلك المنطقة بأنها "نصير للمظلومين" من الأيزيديين الذين يشكون من تعرضهم لانتهاكات فظيعة على يد داعش، كما تستخدم هذا الوجود في إبعاد تهمة الطائفية عنها عبر الحديث عن أنها "أنقذت" الأيزيديين رغم أنهم لا ينتمون إلى الشيعة.