مأساة فتيات الروهينجا.. الزواج مقابل الطعام
تضطر فتيات الروهينجا الصغيرات الهاربات من ميانمار للزواج عند وصولهن بنجلاديش؛ لتأمين الطعام لأهلهن.
تضطر فتيات الروهينجا الصغيرات الهاربات من ميانمار للزواج عند وصولهن بنجلاديش؛ وذلك لتأمين مزيد من الطعام لهن ولعائلاتهن.
وتقول الأطقم الطبية في بنجلاديش، إن الفتيات الصغيرات كن هدفا بعينه للعنف الجنسي في ولاية راخين بميانمار، لكن في مخيمات كوكس بازار يتواصل تعرضهن للعنف في شكل الزواج المبكر، مما يسبب أضرارا جسدية ونفسية.
تقول أنوره، التي هربت من راخين بعدما حرق الجيش منزلها: "عندما تزوجت لم أكن قد نضجت بعد". بعمر الـ14 عاما، تزوجت أنوره في غضون أسابيع من وصولها بنجلاديش، ووضعت أول أطفالها.
وتضيف: "لم أتمكن من فهم ماذا حدث، أصبحت ضعيفة، ولم أتناول أي شيء. لم أخبر أحدا ولم يعلم أحد أنني حامل. الفتيات لا يصبحن أذكياء حتى عمر 4 أو 5 سنوات بعد بلوغهن؛ حيث يصبحن أقوى ويفهمن الأشياء التي تجري في الحياة، ويصبحن أطول وأجمل".
وتتابع: "تمنيت لو تمكنت من قضاء مزيد من الوقت دون زوج أو طفل، لتكون الحياة جميلة".
تحدثت صحيفة "الجارديان" البريطانية مع عشرات المراهقات اللاتي إما تزوجن في مخيمات وإما يبحث آباؤهن عن أزواج لهن.
في حين أن الزواج المبكر أمر شائع في مجتمعات الروهينجا في ميانمار، تقول الفتيات إن وجبات الطعام كانت عاملًا رئيسيا في قرار الزواج بالمخيمات؛ حيث يعتمد تخصيص حصة 25 كيلوجراما من الأرز كل أسبوعين على متوسط حجم العائلة البالغ 5 أفراد، لكن كثيرا من العائلات كانت أكبر.
مريم، 14 عاما، وصلت بنجلاديش في سبتمبر، وتزوجت بعد 3 أسابيع، وتقول: "كل شيء كان يحترق في القرية، وبينما هربنا، أطلق النار على كل من كانوا في الجهة الأمامية".
وتتابع: "ليس لدي أب، وكنت عبئاً كبيرا على والدتي لذا كان جيدا زواجي. بالطبع إن كان لدى والدتي القدرة على إطعامي، كان سيسعدني البقاء عزباء".
ويقول محمد حسن، الذي رتب زواج ابنته عرفة، ذات الـ14 عاما: "عائلتنا مكونة من 10 أفراد، بينهم 7 بنات، ونحصل على 25 كيلوجراما من الأرز كل أسبوعين، هذا ليس كافيا لعائلة من 10 أفراد".
ويضيف: "بالطبع لو بقيت في راخين، لم لأكن لأتسرع في زواج ابنتي، كنت مزارعا يمتلك 3 أفدنة من الأراضي، كنت لأطعمها بالموجود في المنزل، أو أسرتنا الممتدة أو جيراننا كانوا ليساعدونا. هنا لا يمكننا ذلك".
عرفة لم تكن قد قابلت زوجها، الذي هو وفقا لقولها "أكبر منها بنحو 20 عاما"، لكنها كانت قد رأته من مسافة بعيدة، واعتقدت أنه "رجل محترم".
وتقول: "آمل أن يكون جيدا أن أصبح زوجة، في منزلي أقوم بكل شيء من أجل والديّ وشقيقاتي الصغيرات".
فتاة واحدة من بين الفتيات التي أجريت معهن اللقاءات عرفت زوجها قبل يوم الزفاف، واتفقت جميع الفتيات على أنهن لم يكن يعلمن أي شيء عن الحياة الزوجية.
وتقول فاطمة، التي كانت بعمر 12 عاما عند زواجها، إن والديها زوجاها لأنهما لم يتمكنا من إطعامها، وكانت تعتقد أن زوجها سيقوم بهذه المهمة فقط.
وتقول الفتيات وعائلاتهن إنه كان أسهل عليهن الزواج في بنجلاديش عن ميانمار، ورغم أن السن القانونية لزواج الفتيات في بنجلاديش 18 عاما، إلا أن الدولة لديها أعلى معدلات زواج الأطفال في العالم.
بالنسبة لبعض الآباء، يعتبر التساهل في قوانين الزواج ببنجلاديش فرصة، وتقول روزيا، 15 عاما، إنها تزوجت بعد قدوم سيدة إلى مأوى عائلتها وإخبارهم بأنهم إذا كانوا غير قادرين على إطعامها، يجب عليهم تزويجها بابنها، وتضيف: "إن وافق والديّ، يجب عليّ الموافقة".
لكن كان الزواج عملية احتيال، فبعد شهرين من الزفاف تبين أن الرجل ليس ابن تلك السيدة، وبدأ يطلب المال من أسرتها، وعندما لم يتمكنوا من الدفع له اختفى.
ويقول محمد، والد روزيا: "لدي ابن صغير و6 فتيات. في ميانمار، لا يسمح بالزواج لمن دون 18 عاما، واحتجنا إلى تصريح عسكري لذلك، وهذا يكلف الكثير من المال. كانت هذه فرصة عظيمة، فرصة ليست متاحة في ميانمار".
محمد عاقد العزم على العثور لبناته على أزواج، ويقول: "الزواج المبكر ليس جيدا بحسب علمي، لكنه جيد لي؛ فأنا لا يمكنني إطعامهن".