أمهات الروهينجا.. فلذات تُحرق وأجساد تُغتصب
امرأة من الروهينجا تحكي قصة أهوال عايشتها جراء الاضطهاد الذي يُمارس ضد هذه الأقلية المسلمة
مئات النساء يقفن في النهر تحت تهديد السلاح، بعد تلقيهن أوامر بعدم التحرك.. مجموعة من الجنود تتوجه صوب امرأة شابة تدعى راجوما، بينما تحمل طفلها بين ذراعيها، وقد احترقت قريتها في ميانمار.
"أنتِ"، هكذا قال الجنود بينما يشيرون إليها، فتجمدت في مكانها، ثم أعادوا النداء: "أنتِ"، لتحتضن ابنها بشدة أكثر بين ذراعيها.
لحظات ويضرب الجنود راجوما، وينتزعون طفلها من بين ذراعيها ويلقوه في النيران، ثم يجرونها إلى أحد المنازل لتقع هناك تحت أنياب اغتصاب جماعي.
يمر الوقت وينتهي اليوم، وراجوما تركض في أحد الحقول عارية مغطاة بالدماء، تهيم على وجهها وحيدة بعد أن فقدت ابنها ووالدتها وشقيقتيها وشقيقها الأصغر، الذين قتلوا جميعهم أمام أعينها، وفقاً لما روته لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
راجوما، مسلمة من الروهينجا، إحدى أكثر الجماعات العرقية المضطهدة على وجه الأرض، تمضي الآن أيامها في مخيم اللاجئين في بنجلاديش وهي في حالة ذهول.
قال ناجون إنهم رأوا جنود الحكومة يطعنون الأطفال، ويقطعون رؤوس الأولاد، ويغتصبون الفتيات جماعياً، ويحرقون عائلات بأكملها حتى الموت، ويجمعون عشرات القرويين الذكور غير المسلحين ويعدمونهم ضمن إجراءات موجزة.
وقالت راجوما: "الناس كانوا يتوسلون عند أقدام الجنود من أجل حياتهم، لكنهم لم يتوقفوا، كانوا يركلونهم ويقتلونهم. أطلقوا الرصاص على الناس، واغتصبونا".
بالكاد تمكنت راجوما من الوصول لبنجلاديش، بعد هربها على متن قارب خشبي صغير منذ عدة أسابيع.
راجوما لا يمكنها القراءة أو الكتابة، حتى أنها لا تمتلك أية أوراق تثبت شخصيتها أو أنها ولدت في ميانمار، وقد تمثل هذه مشكلة إذا تقدمت بطلب للحصول على حالة لاجئ في بنجلاديش. تعتقد أنها تبلغ من العمر حوالي 20 عاماً، لكنها تبدو وكأنها في عمر الـ14 عاماً، مع نحافتها ومعصميها اللذين يبدوان وكأنها قابلان للكسر.
نشأت راجوما في قرية تولا تولي، وقالت إن المكان لم يعرف السلام أبداً، حيث كان يقطنها الجماعتان العرقيتان الرئيسيتان الراخين البوذية والمسلمين الروهينجا، واللذان اتبعتا ديانتين مختلفتين، وتتحدثان لغات مختلفة، ويتناولان أطعمة مختلفة، ودائماً ما يساورهما الشكوك حول بعضهما البعض.
كانت مجموعة من البوذيين تعيش على بعد بضع دقائق من منزل راجوما، لكنها لم تتحدث مع أي منهم مطلقاً، وقالت: "كانوا يكرهوننا".
سمعت راجوما من قريتها صوت انفجارات إحدى الهجمات، وفي الأيام التالية شاهدت نيراناً هائلة في الأفق؛ حيث كان الجيش يبدأ ما أسماه "عمليات تطهير".
قرى الروهينجا حول "تولا تولي" أحرقت بأكملها، وليلة 29 أغسطس جاء مسن عائداً من المسجد إلى منزل راجوما لتوصيل رسالة مفادها: "البوذيون يقولون يجب أن نذهب إلى النهر من أجل أمننا".
لكن قررت عائلة راجوما البقاء، قائلة: "لا أحد يثق في البوذيين".
في صباح اليوم التالي، بينما كانت راجوما مشغولة في إعداد الطعام، شعرت بشيء ما يحدث خارجاً، فتوجهت إلى النافذة لترى ما يحدث، لتجد عشرات الجنود يركضون في قريتها.
حاولت راجوما وعائلتها الفرار، لكن سرعان ما وقعوا في الأسر، وساروا على ضفاف النهر؛ في حين تم اقتياد المئات من القرويين المذعورين إلى السجن.
فرّق الجنود الرجال عن النساء، وتوسل القرويون من أجل البقاء أحياء، وركعوا على أقدامهم ممسكين بأحذية الجنود.
لكن الجنود ركلوا الرجال بعيداً وقتلوهم، وفقاً لما قالته راجوما وآخرون من الناجين من قرية تولا تولي.
في تولا تولي، صارعت راجوما بأقصى قوتها للتشبث بابنها محمد صادق، الذي كان يبلغ من العمر 18 شهراً، لكن سحب أحد الجنود يديها، فيما أمسك آخر بجسدها، ولكمها آخر في الوجه، والآن تحمل على وجهها ندبة من آثار تلك الضربة، أما عن طفلها فأخذوه بعيداً عنها ورفعوه حيث كانت ساقاه تتلوى في الهواء.
وقالت راجوما: "ألقوا بطفلي في النار، قاموا ببساطة بقذفه فيها".
بعد ذلك، سحبها جنديان إلى أحد المنازل، ومزقا ملابسها وحجابها واغتصباها، وقالت إن شقيقتيها تم اغتصابهما وقتلهما في الغرفة نفسها.
وفي الغرفة المجاورة، تم إطلاق النار على والدتها وشقيقها البالغ من العمر 10 أعوام.
اعتقدت راجوما أنها ماتت، وفقدت وعيها وعندما استيقظت كان الجنود قد اختفوا، لكن كانت النيران تأكل المنزل، فهرولت دون ملابس إلى الخارج.
مر الليل دون أن تحصل على قسط من النوم، وفي الصباح وجدت قطعة من الملابس وضعتها على جسدها، ثم واصلت الركض.
خلال اللقاء الذي أجرته معها "نيويورك تايمز" تقول الأم المكلومة: "لا يمكنني شرح مدى صعوبة الأمر"، وأضافت والدموع تنهمر على خديها: "لن أسمع مجدداً ابني وهو يدعوني أمي".