من الأرقام للقرار.. الحسناء سفيريدينكو تطرق باب السلطة بأوكرانيا

في توقيت بالغ الحساسية من الحرب الروسية الأوكرانية اقترح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، يوليا سفيريدينكو، لتقود الحكومة.
ورغم أنها النائبة الأولى لرئيس الوزراء ووزيرة الاقتصاد فإن اختيارها على رأس الحكومة، حال موافقة البرلمان، يضعها أمام تحديات بالغة أبرزها الحفاظ على الدعم الدولي المتذبذب، ومطلب الإصلاح الاقتصادي، وتعزيز قطاع الدفاع المحلي.
- صبر ترامب نفد.. 50 يوما مهلة أخيرة لإنهاء حرب أوكرانيا
- «باتريوت» على أبواب كييف.. و«خطة أمريكية» لتسليح أوكرانيا
هذه الخطوة جاءت ضمن إعادة ترتيب المشهد التنفيذي في البلاد، وسط تصاعد العمليات العسكرية على الجبهات وتفاقم التحديات الاقتصادية، ما يمنح هذا التكليف بُعدًا استثنائيًا يتجاوز مجرد تبديل المناصب.
ماذا قال زيلينسكي؟
وقال زيلينسكي في منشور على منصة «إكس»: «ناقشنا تدابير ملموسة لتعزيز الإمكانات الاقتصادية لأوكرانيا وزيادة إنتاجنا المحلي من الأسلحة.. ومن أجل هذا الهدف، نبدأ عملية تحول في الحكومة، واقترحت أن تتولى سفيريدينكو قيادة الحكومة لتطوير أدائها بشكل جذري».
وبالتوازي مع هذا التعيين، اقترح الرئيس نقل رئيس الوزراء الحالي دينيس شميهال إلى منصب وزير الدفاع، خلفًا لرستم أوميروف، الذي يُتوقع أن يتولّى قريبًا منصب سفير أوكرانيا لدى واشنطن.
ويُنظر إلى شميهال باعتباره شخصية إدارية محنكة، قادرة على إدارة ملفات الأمن والدفاع في هذه المرحلة المعقدة.
ليست الأولى
ورغم أهمية هذا التعيين، إن أقره البرلمان، فإن يوليا سفيريدينكو ليست أول امرأة تقود الحكومة في أوكرانيا. فقد سبقتها إلى هذا المنصب يوليا تيموشينكو التي تولت رئاسة الحكومة مرتين، في عام 2005 ثم بين 2007 و2010، وكانت إحدى أبرز وجوه «الثورة البرتقالية» وزعيمة لحزب «باتكيفشينا».
وتميّزت تجربة تيموشينكو بطابعها السياسي والشعبوي، حيث خاضت صراعات داخلية حادة، وارتبطت بمواقف مثيرة للجدل في ملفات الطاقة والعلاقات مع روسيا والغرب.
وفي المقابل، تمثل سفيريدينكو نموذجًا مختلفًا؛ تكنوقراطية هادئة، خرجت من رحم المؤسسات الإدارية والاقتصادية، وتحمل رؤية إصلاحية واضحة ترتكز على الواقع لا الشعارات.
الاثنتان تحملان الاسم نفسه «يوليا»، لكن الظروف التي جاءت بهما إلى هذا المنصب متباينة كليًا.
وبينما دخلت تيموشينكو إلى الساحة من باب الثورة والصدامات السياسية، تقترب سفيريدينكو من قيادة الحكومة بدفعٍ من الاحتراف الاقتصادي والإجماع المؤسسي في خضم أزمة وطنية شاملة.
ماذا نعرف عن سفيريدينكو؟
وُلدت يوليا سفيريدينكو عام 1985، وبدأت مسيرتها التعليمية في جامعة كييف الوطنية للتجارة والاقتصاد، حيث حصلت على درجة الماجستير في تخصص «إدارة مكافحة الاحتكار» بتقدير امتياز. وهو تخصص نادر نسبيًا في الأوساط الحكومية، ويعكس توجّهها نحو العمل المؤسسي والتقني الدقيق.
دخلت سوق العمل من بوابة القطاع الخاص عام 2008، لكنها سرعان ما انتقلت إلى الحقل العام.
ومنذ عام 2015، شغلت مناصب متعددة في إدارة الدولة الإقليمية بمحافظة تشيرنيهيف، فترأست إدارة التنمية الاقتصادية، ثم أصبحت النائبة الأولى لرئيس الإدارة، وصولًا إلى تولّيها رئاسة إدارة الدولة الإقليمية نفسها في الفترة بين يوليو/تموز وديسمبر/كانون الأول 2018.
برز نجمها في الحكومة المركزية عام 2019 حين عُينت نائبة لوزير التنمية الاقتصادية، ثم رُقيت بعد عام إلى منصب النائبة الأولى للوزير، لتصبح جزءًا من الفريق الاقتصادي المركزي.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2020، أصدر الرئيس زيلينسكي مرسومًا بتعيينها نائبة لرئيس مكتب الرئيس، وهو منصب يُعد أقرب نقطة بين الإدارة التنفيذية ومكتب الرئاسة.
في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، تقلدت سفيريدينكو منصبها الحالي كنائبة أولى لرئيس الوزراء ووزيرة للاقتصاد، لتكون مسؤولة مباشرة عن الملفات الاقتصادية الأكثر تعقيدًا، وعلى رأسها التعاون مع الدول الغربية، وتحفيز الإنتاج المحلي، وإصلاح مناخ الأعمال في ظل ظروف الحرب.
وقد حصلت على شهادة شرف من مجلس الوزراء الأوكراني تقديرًا لجهودها.
وسيتعين على سفيريدينكو، أن تواجه جملة من التحديات الضاغطة، أبرزها إعادة هيكلة الاقتصاد المتعثر، وتحسين كفاءة الإنتاج الدفاعي المحلي، والحفاظ على ثقة الحلفاء الغربيين الذين يموّلون جزءًا كبيرًا من الإنفاق الحكومي، بما في ذلك البرامج الاجتماعية والإنسانية.
وتملك سفيريدينكو تجربة تمتد من الإدارة المحلية إلى إدارة الاقتصاد الكلي في ظل الحرب. وفي حال نجاحها، فإنها لن تكرر تجربة تيموشينكو، بل ستصنع مسارًا جديدًا خاصًا بها، في كتاب القيادة الأوكرانية.