زاهي حواس لـ"العين الإخبارية": الإمارات تغرد منفردة لصون تراث العالم
زاهي حواس يقول إن دولة الإمارات العربية المتحدة تغرد منفردة بجهودها الكبيرة لتقديم يد العون في مجال صون التراث العالمي
بحزن شديد تحدث عالم الآثار الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار المصري الأسبق، عن القطع الأثرية المنهوبة في العراق، والمتاحف المدمرة على يد تنظيم داعش الإرهابي في سوريا.
كما تحدث عن الخسائر المتلاحقة في اليمن بعد هدم عشرات المواقع التاريخية المسجلة من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" كمناطق تراث عالمي، محذرا من تكرار سيناريو سوريا والعراق واليمن في ليبيا، لتشويه الهوية الثقافية والحضارية لشعوب المنطقة.
حواس ألقى بالمسؤولية كاملة على عاتق المجتمع الدولي، موضحا أنه تجاهل على مدار 10 سنوات كاملة تدمير 3 حضارات في العراق وسوريا واليمن من أهم حضارات العالم، لافتا إلى أن العالم يقف مكتوف الأيدي أمام تعديلات وتغييرات في المعالم التاريخية بتركيا.
وقال حواس في حواره لـ"العين الإخبارية"، إن دولة الإمارات العربية المتحدة تغرد منفردة بجهودها الكبيرة لتقديم يد العون في مجال صون التراث العالمي في عدد من الدول العربية، في ظل دور الأمم المتحدة المتخاذل، وخطوات منظمات حفظ التراث البطيئة في هذا الشأن.
ودعا "حواس" الحكومة الإماراتية إلى إعداد مقترح باسم دولة الإمارات يشمل ما قدم من جانبها في مجال صون التراث العالمي ليتم تقديمه إلى جامعة الدول العربية لبدء مرحلة تسجيل خسائر المواقع المنهوبة في العراق وسوريا واليمن وليبيا.
إلى نص الحوار:
*ما تقييمك لحجم الدمار الذي لحق بعدد من المواقع الأثرية حول العالم؟
ما حدث على مدار الـ10 أعوام الماضية، خاصة في سوريا والعراق واليمن، أمر كارثي، لم أر أكثر بشاعة من تدمير 3 حضارات من أهم حضارات العالم، وكلي أسف عندما أقول الآن إن ما حدث لا يمكن تداركه وإصلاحه.
المجتمع الدولي تجاهل هذه المأساة تماما، ولم يخط خطوة واحدة نحو إنقاذ الحضارات ولن يفعل، ويبتعد عن القيام بدور جاد لإنقاذ ما تبقى من تاريخ العراق وسوريا وليبيا واليمن، أظن أن ملوك هذه الحضارات القديمة تبكي دما في العالم الآخر لما حدث من تشويه بدد حضاراتهم، وعلى رأسهم الملكة زنوبيا ملكة تدمر.
والآن، العالم يقف مكتوف الأيدي أمام تعديلات وتغييرات في معالم التاريخية بتركيا، وللآسف العالم يتحرك فقط لقتل الإنسان والاعتداء على حريته ولا يتحرك لإنقاذ الحضارات، وما يحدث في تركيا لا ينال فقط من الحجر لكن ينال أيضا من البشر، وتدمير الأثر أخطر من تدمير البشر، لأن الحجر سر بقاء البشر، ومن خلاله نعرف حضارات وتاريخ الشعوب.
العالم كله صامت رغم كل هذا الخراب الذي طال شعوب العالم، وليبيا الآن طالتها يد التخريب والنهب والسرقات، ولا أحد يعرف مصير آثار العصر الروماني في ليبيا الآن، ومن خلالكم نحاول إيقاظ ضمائر الأمم لإنقاذ تاريخ وحضارات الشعوب.
* استعادة الآثار العربية المسروقة تشغلك دائما.. هل قدم المجتمع الدولى يد المساعدة لإتمام هذه المهمة؟
حتى هذه اللحظة تشغلني، لكن الأمم المتحدة دورها متخاذل، ومنظمات حفظ التراث والأثر خطواتها بطيئة وتكاد تكون معدومة، ولم أر دورا لجامعة الدول العربية حتى الآن، وقدمت مقترحات عدة ومتفرقة هنا وهناك ولم يتم التعامل مع الأمر بجدية.
البداية يجب أن تكون بمبادرة من جامعة الدول العربية، لأنها المعنية بالمقام الأول وهذا دورها، فحفظ تراث الأمة العربية واستعادته دور أصيل من أدوار الجامعة، وعليها وضع أسس لمشروعات إنقاذ سريعة من خلال اختيار مجموعة من الأثريين لجمع المعلومات حول المواقع والمتاحف الأثرية المدمرة والمنهوبة، وكذا تسجيل عدد القطع المسروقة والمعروضة في المزادات العالمية، وبعدها تبدأ تحركات واسعة لاستعادتها وفقا لبروتوكولات عالمية.
*ما دورك في استعادة القطع الأثرية المهربة إلى الخارج بعد أحداث 2011؟
نجحت في استعادة ما يقرب من 6 آلاف قطعة أثرية مصرية خرجت بشكل غير قانوني، ولكن هذا الرقم قليل مقارنة بما تم تهريبه خارج مصر في هذه الآونة.
وهناك قطع أثرية نادرة لم تسترجع بعد وموجودة في متاحف عالمية، ووقتها استعنت بعدد من الخبراء الأجانب لإتمام هذه المهمة.
بما تنصح الدول التي تريد استعادة آثارها المنهوبة؟
على الدول العربية التى تعرضت آثارها للتدمير والنهب اللجوء إلى القضاء الدولى أولا، وتسجيل ما يمكن حصره من قطع مسروقة لتضع العالم كله أمام مسؤوليته، وبعدها تلجأ إلى مقاطعة البعثات الأثرية التابعة للدولة التي لا تلتزم بالقوانين والاتفاقيات.
العراق ذاق مرارة السرقة والتخريب على يد التنظيمات الإرهابية، والآثار العراقية تباع في المزادات العلنية أمام أعين العالم، وفي سوريا طال التدمير عدد من المواقع والمتاحف الأثرية، وكذا تم تدمير المباني التاريخية في اليمن، والآن تواجه ليبيا المصير نفسه في محاولة لتشويه الهوية الثقافية والحضارية لشعوب المنطقة.
*هل يتم التنسيق بين الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية للحفاظ على التراث العربي؟
لا.. رغم أن المسؤولية عالمية، وحضارة العالم مستمدة من حضاراتنا العربية، لكن لم تقدم جامعة الدول العربية حتى الآن مقترحا قويا لمنظمات الأمم المتحدة المعنية بالتراث في ظل ما نعيشه من قلق على آثارنا العربية المنهوبة.
جامعة الدولة العربية إذا باشرت دورها ستجبر الجميع على التعاون معها، لكنها لم تبادر حتى هذه اللحظة وتقترح مشروعا لتسجيل الآثار المهربة أو آليات بعينها لحماية تراث الحضارات العربية.
*كيف ترى دور الإمارات بوصفها عضوا في المجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو في دعم المواقع التراثية فى عدد من الدول؟
تواصل بشكل منفرد التطوير والدعم وتقديم يد العون في مجال صون التراث العالمي في عدد من الدول العربية، وكانت يدها خلف إحياء معالم تاريخية عدة في العراق وفلسطين ومصر والبحرين، بالإضافة إلى فرنسا وكينيا.
لكن اقترح على الحكومة الإماراتية إعداد مقترح باسم دولة الإمارات يشمل ما قدم من جانب الإمارات في ملف دعم وتطوير التراث حول العالم، وكذا تصورات الحفاظ على التراث العربي، وبعدها يتم تقديمه إلى جامعة الدول العربية لبدء مرحلة تسجيل خسائر المواقع المنهوبة في العراق وسوريا واليمن وليبيا.
aXA6IDE4LjIyMi41Ni43MSA= جزيرة ام اند امز