واشنطن تضغط وأوروبا تُطمئن.. هل توقع أوكرانيا على «الاتفاق المُرّ»؟
يواجه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ضغوطا متزايدة من واشنطن للقبول بتنازلات مؤلمة في إطار خطة السلام التي يدفع بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بحسب مسؤولين أوكرانيين مطّلعين على مسار المفاوضات.
ووفقاً لموقع أكسيوس، تخشى كييف انحياز الخطة الأمريكية الحالية الواضح لصالح موسكو، رغم نفي الإدارة الأمريكية التي تؤكد أنها تضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالقدر ذاته.
الضغوط الأمريكية على الرئيس الأوكراني، تأتي بالتزامن مع جولة أوروبية يقوم بها زيلينسكي تشمل لندن وبروكسل وروما، سعيًا للحصول على دعم قادة أوروبا الذين يطمئنونه بأنه ليس مضطرًا للرضوخ لضغوط ترامب أو شروط بوتين.
ويبرز هذا التباين بين النهجين الأمريكي والأوروبي بوصفه أحد أبرز عناصر التوتر في المفاوضات الدائرة.
ولفت التقرير إلى أن المباحثات تتمحور حول ملفين أساسيين: إصرار روسيا على انتزاع كامل منطقة دونباس، بما في ذلك المناطق التي لا تخضع لسيطرتها، ومطالبة أوكرانيا بضمانات أمنية صارمة من الولايات المتحدة تحول دون تكرار أي عدوان روسي في المستقبل.
لكن الموقف الأمريكي بدا أكثر تشددًا خلال الأيام الأخيرة، بحسب مسؤول أوكراني قال إن عرض واشنطن أصبح "أسوأ" بعد اجتماع مطوّل في الكرملين جمع مستشاري ترامب، جاريد كوشنر وستيف ويتكوف، بالرئيس بوتين.
وأشار المسؤول إلى أن كلا الرجلين حاول الضغط على زيلينسكي خلال اتصال هاتفي دام ساعتين، في محاولة لانتزاع موافقة سريعة على تنازلات واسعة النطاق في ملف دونباس. وبحسب رواية كييف، فقد بدا وكأن الجانب الأمريكي يسوّق مطالب موسكو ويحاول تمريرها تحت عنوان "حلّ نهائي للنزاع".
وجاء هذا الاتصال في ختام 3 أيام من المباحثات المكثفة في ميامي بين فريقي الطرفين، والتي انتهت بتقدم محدود دون اختراقات جوهرية في ملفي الأراضي والضمانات الأمنية.
ورغم إعلان ترامب أن مفاوضي زيلينسكي "يعشقون" الخطة الأمريكية، حرصت كييف على الإشارة إلى أن الوثيقة وصلت إلى مكتب زيلينسكي قبل ساعة واحدة فقط من الاتصال، ما حال دون دراستها كاملة. وفي المقابل، أعرب مسؤولون أمريكيون عن استغرابهم، مؤكدين أن النسخة المحدثة أُرسلت قبل يوم واحد.
وتشير كييف إلى أن المقترح الأمريكي الجديد يتضمن شروطًا أشد صرامة من الصيغ السابقة، وخاصة ما يتعلق بمستقبل دونباس والسيطرة على محطة زابوريجيا النووية، فضلًا عن ترك أسئلة جوهرية معلّقة بشأن طبيعة الضمانات الأمنية وآليات تنفيذها.
وتخشى أوكرانيا من أن أي انسحاب أحادي الجانب من خطوط التماس قد يمنح روسيا فرصة للالتفاف واستئناف القتال من مواقع أفضل.
ويؤكد مسؤولون أوكرانيون أن الجانب الأمريكي بدا في عجلة من أمره لانتزاع موافقة زيلينسكي "عبر الهاتف"، في حين تصر إدارة ترامب على أن المسودة الحالية نابعة من مقترحات أوكرانية، وأن مستشاريها ضغطوا على بوتين لقبول تعديلات تصب في مصلحة كييف؛ غير أن هذا التباين في التفسيرات يعكس، وفق مراقبين، أزمة ثقة عميقة بين الطرفين رغم ساعات التفاوض الطويلة.
في المقابل، حرص زيلينسكي على إظهار جبهة أوروبية موحّدة خلال لقائه في لندن قادة بريطانيا وفرنسا وألمانيا.
فقد أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن "لدى أوكرانيا الكثير من الأوراق القوية"، بينما عبّر المستشار الألماني فريدريش ميرتس عن شكوكه حيال بعض بنود الخطة الأمريكية، مؤكدًا أن أوروبا ستقف بحزم خلف كييف.
ولا تخفي الإدارة الأمريكية انزعاجها من الحراك الأوروبي، إذ تعتبره محاولة لكسب الوقت وتعطيل الضغط الأمريكي، لكن كييف ترى أن استبعاد أوروبا من المفاوضات يصبّ في مصلحة موسكو، وأن زيلينسكي لا يمكنه اتخاذ قرارات مصيرية من دون التشاور مع الحلفاء الأوروبيين الذين يدعون إلى التروي وليس التسرّع.
ويتوقع أن تسلم أوكرانيا، إلى جانب القوى الأوروبية، مقترحًا مضادًا محدثًا لواشنطن، يتضمن رؤيتها لتسوية لا تمسّ بسيادتها على الأراضي الأوكرانية.
وأوضح زيلينسكي أن موسكو تصر على تنازلات إقليمية "لن نقبل بها"، وأن الولايات المتحدة تبحث عن صيغة وسط.
وفي ملف الضمانات الأمنية، تواصل كييف والاتحاد الأوروبي مناقشة الدور الذي قد تلعبه الولايات المتحدة في تطبيق أي اتفاق محتمل. ورغم توسيع الإطار العام للمقترح الأمريكي الأخير، فإنه لا يتضمن - وفق مسؤولين أوكرانيين - أي التزام بمعاهدة تُصادق عليها إدارة الكونغرس، وهو ما تعتبره كييف ضرورة أساسية لضمان أمنها على المدى الطويل.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTU4IA==
جزيرة ام اند امز