زيارة محمد بن زايد لكوريا الجنوبية.. دفعة قوية للشراكة الاستراتيجية
زيارة الشيخ محمد بن زايد إلى سيؤول تعطي دفعة جديدة للشراكة الاستراتيجية بين البلدين ونقلة نوعية في مستوى التعاون.
بدأ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، اليوم الثلاثاء، زيارة رسمية إلى كوريا الجنوبية تهدف إلى تعزيز آفاق التعاون وتطوير العلاقات والشراكة الاستراتيجية.
- محمد بن زايد يصل إلى كوريا الجنوبية في زيارة تستغرق يومين
- الإمارات وكوريا الجنوبية.. شراكة دفاعية لتعزيز السلام في العالم
ويجري الشيخ محمد بن زايد، خلال الزيارة، مباحثات مع رئيس كوريا الجنوبية، مون جيه-إن، في لقاء يعد الثاني خلال أقل من عام بعد القمة التي جمعتهما خلال زيارة "مون" لأبوظبي في مارس/آذار الماضي، في أول زيارة يقوم بها لدولة في منطقة الشرق الأوسط منذ تولي منصبه الرئاسي في 10 مايو/أيار 2017.
وتم خلال تلك الزيارة الاتفاق على رفع العلاقات بين البلدين إلى مستوى "الشراكة الاستراتيجية الخاصة"، وهم ما تم ترجمته بالفعل خلال الفترة الماضية عبر تعزيز التعاون في مختلف المجالات وتبادل الزيارات وتوقيع العديد من الاتفاقيات.
وتعطي زيارة الشيخ محمد بن زايد إلى سيؤول دفعة جديدة للشراكة الاستراتيجية بين البلدين، ونقلة نوعية في مستوى التعاون، وخصوصا في ظل ما يتوافر للعلاقات بين البلدين من مقومات التطور والتقدم وخاصة في مجالات الاستثمار وتكنولوجيا المعلومات والطاقة، ولا سيما بعد نجاح التعاون بينهما في مجال الطاقة النووية السلمية.
** قمة مارس
وقام مون جيه-إن، رئيس كوريا الجنوبية، بزيارة إلى أبوظبي يوم 24 مارس/آذار الماضي، استمرت 3 أيام، أجرى خلالها مباحثات مع كل من الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
وأكد الشيخ محمد بن زايد، خلال مباحثاته مع مون، أن العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية كوريا الجنوبية نموذج متميز للعلاقات الاستراتيجية القائمة على الثقة والمصالح المشتركة واتساق المواقف تجاه القضايا الإقليمية والعالمية والعمل من أجل التنمية التي تصب في مصلحة الشعبين الصديقين.
من جانبه، أعرب الرئيس الكوري، خلال المحادثات، عن رغبته في أن ترتقي العلاقات بين البلدين إلى "علاقات استراتيجية خاصة" تفتح آفاقا جديدة للتعاون والشراكة الثنائية.
وقد رحبت دولة الإمارات بمقترح الرئيس الكوري رفع العلاقات إلى "المستوى الاستراتيجي الخاص"، معتبرة أن هذا المقترح يمثل في طياته تقديرا خاصا للعلاقات الثنائية ويطرح آلية فاعلة نحو مزيد من التواصل ويؤسس لمرحلة متطورة في علاقات البلدين.
وشهد الشيخ محمد بن زايد و"مون" توقيع عدد من مذكرات التفاهم بين البلدين تهدف إلى تعزيز الشراكات الثنائية والتعاون بين البلدين وتطويرها إلى آفاق جديدة من العمل المشترك في مختلف القطاعات.
** محطات "براكة"
كما شهد الزعيمان الاحتفالية التي أقيمت بمناسبة اكتمال الأعمال الإنشائية للمحطة الأولى في مشروع محطات براكة للطاقة النووية السلمية، الذي يعد إحدى ثمار التعاون بين البلدين.
وجرى الاحتفال بهذه المناسبة في موقع العمليات الإنشائية للمحطة النووية الأولى بمنطقة الظفرة في إمارة أبوظبي إيذانا بهذا الإنجاز التاريخي الذي يضع دولة الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الأولى عربيًا للدول التي تملك محطة سلمية تجارية للطاقة النووية ولتصبح أول عضو جديد ينضم إلى القطاع النووي السلمي العالمي منذ عام 1985.
ويعد مشروع محطات براكة للطاقة النووية السلمية أكبر مشروع جديد من نوعه للطاقة النووية السلمية في العالم والذي يشهد تطوير 4 محطات متطابقة في آن واحد تضم كل منها مفاعل من طراز "PR-1400" المتقدم حيث بدأ تطوير المشروع عام 2012 وشهد تقدما متواصلا منذ ذلك الحين.
** زيارات واتفاقيات وفعاليات
الشراكة الاستراتيجية الخاصة تم ترجمتها سريعا على أرض الواقع، عبر الفعاليات المشتركة والزيارة المتبادلة، وتوقيع مزيد من اتفاقيات التعاون.
فقبل أيام، شاركت شركات من سيؤول للمرة الأولى في معرض الدفاع البحري "نافدكس" 2019 بالإمارات، وقام بزيارة إلى الدولة في الشهر نفسه جونغ كيونغ دو وزير الدفاع الوطني في جمهورية كوريا الجنوبية.
وفي 17 ديسمبر/كانون أول الماضي، استقبل الشيخ محمد بن زايد، مون هي سانغ، رئيس الجمعية الوطنية في جمهورية كوريا الجنوبية، حيث جرى بحث علاقات التعاون بين البلدين في مختلف الجوانب خاصة في المجالات البرلمانية.
وخلال تلك الزيارة، وقعت الدكتورة أمل عبدالله القبيسي، رئيسة المجلس الوطني الاتحادي، ومون هي سانغ، مذكرة تعاون لتعزيز العلاقات الثنائية لا سيما البرلمانية منها بما يواكب علاقات الشراكة الاستراتيجية القائمة بين دولة الإمارات وجمهورية كوريا الجنوبية.
وفي ١٢ أكتوبر/تشرين أول الماضي، عقد الاجتماع الأول للحوار الدبلوماسي والأمني على مستوى وكلاء وزراء الخارجية والدفاع بين دولة الإمارات وكوريا الجنوبية بالعاصمة "سيؤول" في إطار متابعة ما تم إنجازه في قمة مارس/آذار الماضي .
واتفقت البلدان على تعزيز التعاون الوثيق ودعم قنوات التواصل، وجرى أيضًا بحث سبل تطوير علاقات الشراكة الاستراتيجية الخاصة وتعزيز التعاون في قطاعي الدفاع والصناعة الدفاعية إلى جانب مناقشة واستعراض الوضع الراهن في منطقة الشرق الأوسط وشبه الجزيرة الكورية والتعاون على الساحة الدولية.
وفي الشهر نفسه، التقى الدكتور أنور بن محمد قرقاش، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، بديوان عام وزارة الخارجية والتعاون الدولي بأبوظبي لي تاي هو، نائب وزير الخارجية لجمهورية كوريا الجنوبية.
وتناولت المباحثات العلاقات الاستراتيجية الوثيقة وسبل تعزيزها في مختلف المجالات.
وفي 3 يوليو/تموز الماضي، ترأس الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، وكانغ كيونغ هوا، وزيرة خارجية كوريا الجنوبية الحوار الاستراتيجي الثالث بين البلدين.
وبحث الحوار الاستراتيجي الثالث -الذي عقد بأبوظبي- علاقات التعاون الاستراتيجي المشترك بين البلدين في مختلف المجالات منها السياسي والدبلوماسي والاقتصادي والتجاري والاستثماري والدفاعي والثقافي إضافة إلى الطاقة المتجددة والبنية التحتية والنفط والغاز والرعاية الصحية والخدمات الطبية والعلمية والتكنولوجيا وذلك في إطار الشراكة الاستراتيجية.
على صعيد الاتفاقيات، وقعت حصة بنت عيسى بوحميد، وزيرة تنمية المجتمع بالإمارات، ونوينجهو بارك، وزير الصحة والرعاية في كوريا الجنوبية، مذكرة تفاهم تختص بالتعاون بين البلدين في مجال الحماية الاجتماعية في ٢٩ يناير/كانون الثاني الماضي.
وتأتي المذكرة في سياق الجهود التنموية النوعية التي تبذلها وزارة تنمية المجتمع انطلاقاً من توجيهات القيادة الرشيدة تحقيقا لرؤية الإمارات 2021 وصولا إلى أهداف أجندة التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030.
أيضا شاركت الإمارات كضيف شرف في الدورة الـ16 لـ " معرض إديوتيك كوريا للتعليم 2019"، الذي عقد في يناير/كانون الثاني الماضي في مركز COEX للمعارض والمؤتمرات في العاصمة الكورية سيؤول.
** علاقات اقتصادية متنامية
اقتصاديا، شهدت العلاقات بين دولة الإمارات وجمهورية كوريا نمواً وتطوراً كبيراً.
كما نجح البلدان في تطوير نماذج قوية للشراكة في العديد من القطاعات الاقتصادية والمتعلقة بمجالات الابتكار وريادة الأعمال.
ففي 12 فبراير/شباط الجاري، أعلنت كوريا الجنوبية انضمامها إلى برنامج الدول المقيمة في منطقة 2071 الذي أطلقته مؤسسة دبي للمستقبل مؤخرا وذلك خلال مشاركتها في القمة العالمية للحكومات.
ويتيح برنامج الدول المقيمة للدول الشريكة إمكانية التواصل المباشر مع الجهات الحكومية والخاصة ورواد الأعمال والبعثات التجارية والدبلوماسية والثقافية والمكاتب التمثيلية والوفود الاستثمارية في منطقة 2071، وسيسهم في خلق بيئة عالمية ترتكز على ابتكار مفاهيم وحلول مستقبلية، وتبادل الخبرات والممارسات الناجحة في مختلف القطاعات المستقبلية.
وفي الأول من أكتوبر/تشرين أول الماضي، دخلت اتفاقية الاعتراف المتبادل ببرنامج المشغل الاقتصادي المعتمد بين دولة الإمارات وجمهورية كوريا الجنوبية حيز التنفيذ الفعلي.
وتهدف الاتفاقية إلى تبادل الخبرات والمعلومات حول الإرساليات الجمركية والتسهيلات والحوافز الجمركية والتجارية للقطاع الخاص الأمر الذي يعزز عملية تحسين إدارة المخاطر الجمركية لدى الدولة والشركاء التجاريين لها.
ويبلغ عدد الشركات المستفيدة من تطبيق الاتفاقية والبرنامج نحو 320 شركة حتى الآن منها 40 شركة في دولة الإمارات والباقي في كوريا الجنوبية، وتستهدف الهيئة الاتحادية للجمارك ودوائر الجمارك المحلية مضاعفة عدد الشركات الإماراتية المستفيدة من البرنامج خلال الفترة المقبلة.
وفي 29 أكتوبر/تشرين أول الماضي، أقيمت فعالية المؤتمر الدولي للمنتجات الحلال بين دولة الإمارات العربية المتحدة وكوريا الجنوبية في سيؤول.
ودعا المؤتمر إلى التعاون والتكامل في مجال إنتاج وتجارة منتجات الحلال فيما أوصى بجملة من التوصيات التي تسهم في بناء التعاون الاقتصادي بين البلدين في هذا الجانب.
ويتزايد الاهتمام بالأغذية "حلال" في كوريا مع وصول عدد السكان المسلمين في البلاد إلى 160 ألف شخص.
في مجال الطاقة، شهد عام 2018 تطوراً كبيراً في العلاقات بين أدنوك وقطاع النفط والغاز في كوريا الجنوبية، حيث قامت الشركة في مارس/آذار الماضي بإرساء عقدين للأعمال الهندسية والمشتريات والإنشاءات على شركة "سامسونج الهندسية" بقيمة تقديرية بنحو 3.5 مليار دولار أمريكي في إطار خططها الرامية إلى بناء أكبر مجمع متكامل للتكرير والبتروكيماويات في موقع واحد في العالم في مركز الرويس الصناعي.
** الأرقام تتحدث
بلغة الأرقام، بلغ حجم التبادل التجاري بين دولة الإمارات وكوريا الجنوبية 14.93 مليار دولار عام 2017 ، منها إجمالي صادرات الإمارات إلى كوريا 9.55 مليار دولار.
ويعد النفط أكبر سلعة تصدرها الإمارات إلى كوريا، فيما بلغت واردات الإمارات من كوريا 5.38 مليار دولار وتشمل الأجهزة المنزلية والسيارات والكهرباء والمعدات الإلكترونية.
كما بلغ إجمالي الاستثمارات المشتركة بين دولة الإمارات وكوريا الجنوبية 1.85 مليار دولار نهاية العام الجاري.
وتعمل في دولة الإمارات أكثر من 200 شركة كورية جنوبية وهناك أكثر من 11000 مواطن كوري يعيشون في دولة الإمارات، حيث يعد ذلك أكبر مجتمع كوري في المنطقة.
وحسب بيانات سوق أبوظبي للأوراق المالية على صعيد المستثمرين الكوريين المسجلين في السوق، فقد وصل مع نهاية الربع الأول من عام 2018 إلى 70 مستثمراً ينقسمون بين 35 مستثمرا فردا و35 مؤسسة استثمارية.
كما بلغ إجمالي قيمة تداولات المستثمرين من حملة الجنسية الكورية بيعاً وشراءً خلال عام 2017 نحو 50 مليون درهم فيما بلغت القيمة السوقية للأسهم التي يمتلكونها حتى نهاية عام 2017 نحو 160 مليون درهم.
أما بالنسبة لإجمالي قيمة تداولات المستثمرين الكوريين بيعاً وشراء خلال الربع الأول من 2018 فقد بلغت نحو 25 مليون درهم لتشكل ما نسبته نحو 5% من إجمالي تداولات المستثمرين من الدول الآسيوية في الفترة نفسها.
وزار الإمارات قرابة 140 ألف سائح كوري عام 2017، فيما بلغ عدد السياح الإماراتيين إلى سيؤول نحو 10 آلاف زائر، بالإضافة إلى أن 1600 كوري جنوبي يدرسون في جامعات ومعاهد ومدارس الإمارات.
** مستقبل واعد
العلاقات بين البلدين ينتظرها مستقبل واعد، فكوريا الجنوبية من أكثر دول العالم اهتماماً بقطاع التكنولوجيا والابتكار وريادة الأعمال، والإمارات تمتلك رؤية طموحة لأن تكون ضمن أفضل دول العالم في عام 2021، وآفاق التعاون بينهما كبيرة لتحقيق المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة بما يسهم في تحقيق نهضة بلديهما ورفاهية وسعادة شعبيهما.
aXA6IDE4LjIyMi4yMC4zIA== جزيرة ام اند امز