لهذه الأسباب..لن تتراجع طهران عن برنامجها "الباليستى"
بعد مناوراتها الصاروخية الأخيرة، أظهرت إيران تشبثها وعنادها بالاستمرار في برنامج تطوير الصواريخ الباليستية.
أظهرت إيران بعد مناوراتها الصاروخية الأخيرة تشبثها وعنادها بالاستمرار في برنامج تطوير الصواريخ "الباليستية" الذي يثير مخاوف إقليمية ودولية.
ولم يزد الأمر في شأن التحسب لمشروع الصواريخ "الباليستية" الإيرانية عن التحليق في مجال من التراشقات السياسية البعيدة عن التشدد والمواقف الجادة من القوى الكبرى والمنظمات الدولية التي تعارض تطوير برامج الصواريخ "الباليستية" خشية تهديد السلم والأمن العالمي في المستقبل حال امتلاك إيران لأسلحة نووية.
فقد امتلأ الفضاء السياسي خلال مارس/آذار الحالي بتصريحات هادئة بثتها المنابر الرسمية للأمم المتحدة منها ما جاء على لسان رئيس مجلس الأمن من أن إطلاق إيران صواريخ "باليستية" يعكر صفو البيئة السلمية الناجمة عن توقيع خطة العمل الشاملة والمقصود بهذه الخطة قرار المجلس رقم 2231 الذى ينظم أنشطة طهران النووية وما يتعلق بها من أسلحة يمكن أن تستخدم في إطلاق الرؤوس النووية، باعتبار أن استمرار إطلاق الصواريخ يكدر الثقة الناجمة بعد الاتفاق المبرم مع إيران.
تلا هذا بيان أممي من الأمين العام "بان كى مون" دعا فيه طهران إلى ضرورة تجنب زيادة التوتر في المنطقة بعد قيامها بتجارب صاروخية جديدة، فيما أعلنت الولايات المتحدة أنها تراجع تقارير عن تجارب صاروخية إيرانية جديدة، وأنها عازمة على اتخاذ الرد المناسب وتطمينات شبه رسمية ذات صبغة دبلوماسية من "جو بايدن" نائب الرئيس الأمريكي في تصريحات بالقدس المحتلة، نوه فيها إلى إن بلاده ستتحرك في حال تأكد قيام إيران بهذه التجارب.
تسعى طهران إلى تأكيد عزمها على المضي قدما في مشروعها "الباليستى" الذى حققت فيه خطوات كبيرة، لهذا قامت قوات الحرس الثوري الإيراني خلال مناورات "اقتدار الولاية" الصاروخية التي جرت في أماكن متعددة من البلاد في وقت واحد بإطلاق صواريخ "باليستية" من طراز "شهاب 1و2" وصواريخ "قدر" بعيدة المدى "طبقًا للتوصيف الإيراني غير الدقيق" من النسخة "FوH" بمدى 1400 كلم تقريبًا.
هنا يتبادر سؤال هام عن السبب الذي يقوى ويدعو إيران إلى هذا التحدي والإجابة هي:
مثلما هو الحال مع الأسلحة النووية والكيماوية والبيولوجية لا تحظر المواثيق والمعاهدات الدولية الصواريخ "الباليستية"، ولكنها تطالب بالامتناع عن إنتاجها واختبارها وتصديرها، وهذا ما نوهت إليه بصورة غير إلزامية اتفاقية الحد من انتشار الصواريخ "الباليستية" بلاهاي "HCOC" المبرمة في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2002، وهى الاتفاقية التي امتنعت عن الانضمام إليها غالبية دول الشرق الأوسط بما فيها إيران.
في أعقاب حرب الخليج الأولى، أدركت إيران أهمية امتلاك سلاح ردع في بناء قوتها العسكرية، وبعد حصار الغرب لها نتيجة شطط سياسات الجمهورية الإسلامية الوليدة، أصبحت القوات الجوية الإيرانية نتيجة القيود الواقعة عليها ضعيفة للغاية، وهى كذلك حتى الآن، لذلك اتجه المخطط الاستراتيجي إلى إحياء برنامج إيران في تطوير منظومتها الصاروخية، والذى قطع شوطًا في فترة ما قبل الثورة الإسلامية، عندما اتفق الشاه مع إسرائيل على تطوير صواريخ قصيرة المدى، بعد إحجام واشنطن عن منحه صواريخ "لانس"، حيث قدمت إيران التمويل وقدمت إسرائيل التكنولوجيا.
نتيجة فقدان إيران لقوة جوية يمكن أن تكون ذات تأثير، حتى المدى المتوسط زمانيًّا على أقل تقدير، وهزال قواتها البحرية، في مواجهة أساطيل القوى الكبرى التي تؤمن الخليج وبحر العرب، تعول طهران بتركيز كبير على الصواريخ "الباليستية" لتعزيز قدرتها على تحقيق الضربات طويلة المدى.
نجحت طهران طوال مفاوضاتها العسيرة مع مجموع "5+1 " في الإفلات من وضع قيود مشددة على مشروعها للصواريخ "الباليستية"، وبعد النجاح في التوصل إلى اتفاق شامل تبقت قضية الصواريخ "الباليستية" عالقة وغير محسومة، والحل الواقعي الذي تم الاستقرار عليه للحؤول دون نسف المحادثات، ترك الباب مواربًا في هذا المجال.
بعيدًا عن تهويلات إيران بأن صواريخها بعيدة المدى؛ إذ لا يتجاوز أبعد مدى نجحت في الوصول إليه 2000 كلم، بينما تحدد أغلب الدوائر العسكرية المدى البعيد بتلك الصواريخ التي تزيد عن 3000 كلم، تليها العابرة للقارات، التي يزيد مداها عن 6000 كم، لذلك لا تشكل قدراتها الحقيقية تهديدًا للدول خارج محيط إقليمها.
تشير الاختبارات المستمرة إلى أن طهران تسعى إلى تقليل الخطأ المعياري في الوصول للهدف، رغم إعلانها عن إحراز تقدم في أنظمة التوجيه والتحكم، من خلال الجمع بين أنظمة الملاحة بالقصور الذاتي مع تقنية الملاحة الفضائية بنظام جلوناس "البديل الروسي لنظام التموضع العالمي G.B.S، وبالطبع الجيروسكوبات المدققة آليًّا، حتى تنجح في تحقيق المستوى المطلوب لدقة الوصول إلى الهدف على المسافات البعيدة.
كما تستغل إيران فرصة أن الدول الغربية تتحاشى الضغط الآن في هذا الملف لتضمن استثمارات ضخمة في اتفاقات متعددة مع حكومة طهران، التي تم فك أرصدتها المجمدة في الغرب، ورفع الحظر عن تصديرها للنفط.
aXA6IDE4LjIyNS4xOTUuMTUzIA== جزيرة ام اند امز