شركات إسرائيلية تهرب من المستوطنات.. سلاح المقاطعة ينتصر
المزيد من الشركات الإسرائيلية شرعت في نقل مخازنها ومقراتها من المستوطنات في الضفة الغربية تحسبًا لزيادة قرارات المقاطعة الدولية
بمزيج من الفخر والتصميم، يتابع الفلسطينيون تزايد عدد الشركات الإسرائيلية التي تنقل مصانعها أو مخازنها من مناطق صناعية في المستوطنات الجاثمة في الضفة الغربية إلى داخل الخط الأخضر خلال الفترة الماضية.
يأتي ذلك في ظل اتساع وتيرة المقاطعة الدولية للبضائع المنتجة فيها، التي توجت مؤخرًا بقرار من مجلس حقوق الإنسان، بإعداد قائمة سوداء بالشركات العاملة في المستوطنات اليهودية.
نجاحات عبر 3 مستويات
ويرى منسق الحملة الشعبية لمقاطعة البضائع الإسرائيلية، خالد منصور، أن الجهود الفلسطينية والدولية بدأت تثمر تدريجيًّا، وهي تسير على 3 مستويات: المقاطعة وسحب الاستثمارات وإجراء العقوبات، معتبرًا خطوة مجلس حقوق الإنسان خطوة في الاتجاه الصحيح.
في حديثه لبوابة "العين" الإخبارية، قال منصور، وهو عضو السكرتارية العامة للفرع الفلسطيني لحملة المقاطعة الدولية "بي دي إس"، إنهم يقومون بتزويد حركة المقاطعة الدولية بالمعلومات والمعطيات عن الشركات العاملة في المستوطنات، لتفعيل إجراءات المقاطعة وسحب الاستثمارات، حيث تم مؤخرًا تسجيل نجاحات في فرنسا والنرويج وبلجيكا.
وأظهر تقرير حديث لمنظمة "كتلة السلام" العاملة داخل إسرائيل، نشرته صحيفة "هآرتس"، تزايد عدد الشركات الإسرائيلية، التي نقلت مصانعها أو مخازنها من مناطق صناعية في المستوطنات إلى داخل الخط الأخضر، خلال الفترة الماضية على ضوء الخوف من مقاطعة منتجاتها في الأسواق العالمية، وأبرز هذه الشركات هي "أهافا" و"صودا ستريم".
11 عامًا من الإنجاز
وعام 2005 بدأت حركة مقاطعة إسرائيل نشاطها، بنداء وجهته المئات من منظمات المجتمع المدني الفلسطيني إلى أفراد ومنظمات العالم بمقاطعة إسرائيل، وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، حيث تبلورت حركة المقاطعة التي تعرف اليوم باسم "بي دي إس".
ووضعت الحركة لنفسها مجموعة أهداف بينها: إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وعودة جميع اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، وإنهاء جميع أشكال التمييز ضد الفلسطينيين بمن فيهم الذين يعيشون على أراضي 1948.
رحيل متزايد عن المستوطنات
وبحسب تقرير منظمة "كتلة السلام"، فإن ما بين 20%-30% من الشركات التي كانت موجودة في المناطق الصناعية بالمستوطنات لم تعد موجودة هناك الآن، مقارنة بتقرير سابق أعدته المنظمة ذاتها قبل 20 عامًا.
وتبين أنه في بعض الحالات، قررت شركات تعمل في المستوطنات الانتقال إلى داخل الخط الأخضر في أعقاب اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000، على خلفية تزايد المخاطر على المصالح التجارية بالمستوطنات.
وقال المتحدث باسم منظمة "كتلة السلام"، آدم كيلر، إنه رغم دخول مصالح تجارية جديدة مكان تلك التي نقلت أعمالها من المستوطنات يوجد اتجاه واضح لمغادرة شركات كبيرة تصدر منتجاتها ومعنية بعلاقات دولية، ويوجد انخفاض في عددها.
وأشار إلى أنه "بين الشركات التي انتقلت من المستوطنات إلى داخل الخط الأخضر، (دلتا) التي نقلت مخازنها من (عطيروت) إلى قيساريا، و(طيفع) لصناعة الأدوية التي نقلت مختبراتها من (عطيروت) إلى بيت شيمش، وتستند أعمال هاتين الشركتين إلى التصدير".
وفي حالة شركة "أهافا"، التي تواجه ضغوط المقاطعة، فإنها موجودة الآن في مفاوضات لبيعها لشركة صينية عملاقة، حيث أعلنت "أهافا" في بداية الشهر الحالي عن برنامجها لنقل مصنعها الجديد إلى كيبوتس عين جدي.
الانسحاب أو المقاطعة
منصور واصل حديثه لـ"العين"، بالقول، إن هذه الشركات، بدأت تستشعر أن وجودها في المستوطنات مكلف، وأنه لا جدوى اقتصادية من ورائه، وبالتالي ليس أمامها إلا الانسحاب أو مواجهة المقاطعة والعقوبات.
وأشار إلى أن الاستثمارات في المستوطنات كانت تصل إلى 650 مليون دولار سنويًّا، واليوم هي في تراجع، والجهود يجب أن تتكثف كي لا يتم استثمار أرضنا الفلسطينية المقام عليها المستوطنات بشكل مخالف للقانون الدولي.
وكانت شركة "صودا ستريم"، قد نقلت مصنعها من المنطقة الصناعية الاستيطانية "ميشور أدوميم" إلى النقب، العام الماضي، في أعقاب ضغوط حملة المقاطعة الدولية، وكذلك نقلت شركة "بيغل بيغل" مصنعها من المنطقة الصناعية الاستيطانية "بركان" إلى مدينة صفد.
يأتي ذلك في وقت، اعترف نائب رئيس مجلس المستوطنات، يغئال ديلموني، أن عدة شركات انتقلت من المستوطنات إلى داخل الخط الأخضر، معتبرًا أنها "استسلمت لضغوط حركة المقاطعة.
وأوضح "منصور" أن قرار الاتحاد الأوروبي، الذي فعل قبل أشهر، وألزم إسرائيل بوضع وسم "صنع في المستوطنات" على البضائع المنتجة فيها، ساهم في دفع العديد من الشركات العاملة في المستوطنات لنقل مقراتها خشية المقاطعة الدولية وتأثيراتها.
وتنتشر في الضفة الغربية 187 مستوطنة بين رسمية وغير رسمية بحسب جمعيات إسرائيلية، وسط توقعات بأن هذه الإحصاءات لا ترصد بعض البؤر الاستيطانية العشوائية.
ثمار نسبية
بدوره، اعتبر الباحث في مواجهة الاستيطان، خالد معالي، أن حركة المقاطعة على المستوى الدولي تؤتي ثمار نسبية، وتشكل قلقًا حقيقيًّا لدى إسرائيل، التي تسعى للالتفاف على هذه المقاطعة بتزويد "الملصق" على البضائع، بحيث تبدو وكأنها منتجة داخل إسرائيل، وليس في المستوطنات التي يعد وجودوها مخالفًا للقانون الدولي.
ومع ذلك يرى معالي في حديثه لبوابة "العين" الإخبارية، أن الجهد الفلسطيني في حركة المقاطعة غير كافٍ، ولا يوازي حجم الانتشار الاستيطاني سواء في العدد أو المساحة التي تستولي عليها من خيرة الأراضي الفلسطينية.
ولفت إلى ضرورة تضافر الجهود لإنجاح هذا الجهد وتطويره ليصبح آلية فاعلة في معاقبة الاحتلال وإلزامه بأن يدفع ثمن جرائمه وانتهاكاته ضد الشعب الفلسطيني، منوهًا إلى الحاجة لتنسيق الجهود لفضح محاولات الالتفاف الإسرائيلية على هذه الحركة وتطويرها كي تصبح مقاطعة للاحتلال في حد ذاته.
من جانبه، يرى عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة "التحرير الفلسطينية"، تيسير خالد أن نقل الشركات من المستوطنات يعد نجاحًا لحركة المقاطعة الدولية.
وأشار إلى أنه يجب وضع إسرائيل أمام أحد خيارين: وقف النشاطات الاستيطانية أو العقوبات بما فيها المقاطعة وسحب الاستثمارات.
aXA6IDMuMTIuMTUyLjEwMiA= جزيرة ام اند امز