العقارات.. العملة الأكثر ربحًا في مصر
وسط إقبال المواطنين على حشد مدخراتهم للاستثمار في الدولار وشهادات الادخار كملاذ ضد انخفاض قيمة الجنيه، تبرز العقارات كوعاء أكثر ربحية.
قبل 3 أسابيع فقط اتفق محمد عدلي –محاسب 37 عامًا– مع وسيط عقاري على شراء وحدة سكنية بمساحة 120 مترًا نصف تشطيب في مدينة الشروق شرقي القاهرة مقابل 336 ألف جنيه، وبعد 11 يومًا من الاتفاق فوجئ عدلي برفع الوسيط سعر الشقة إلى 354 ألف جنيه بدعوى ارتفاع الدولار.
وبحسب عدلي فإنه كان ذاهب بالفعل لسداد قيمة الشقة نقدًا، ولكن الوسيط أصر على رفع سعر المتر من 2800 جنيه إلى 2950 بعد أن ارتفع الدولار مقابل الجنيه نحو 14% ليصل إلى 8.78 جنيه بدلًا من 7.73 جنيه.
وفي نفس توقيت هذه الواقعة تقريبًا، نجحت شركة بالم هيلز للتطوير العقاري في بيع قرابة 102 وحدة سكنية فارهة غربي القاهرة مقابل 491 مليون جنيه خلال يومين فقط، رغم تداول الحديث عن تباطؤ مبيعات هذه الشريحة بالسوق المحلية.
حتى أن بنك الاستثمار بلتون أكد في مذكرة بحثية تفاجئه بحجم الإقبال على الشراء بهذه الصورة حيث كانت يتوقع ألا تزيد مبيعات مشروع بالم هيلز عن 50% من المبيعات المحققة بالفعل.
هاتان الحالتان طرحا عدة أسئلة حول مدى استعداد المواطنين للإقبال على شراء الوحدات العقارية في ظل التطورات التي تشهدها السوق، فضلًا عن مدى تنافسية العقار الآن للدولار وشهادات الادخار كملاذ استثماري وادخاري ضد انخفاض قيمة الجنيه.
ويعزز هذه التساؤلات تقرير وكالة التصنيف الائتماني فيتش الذي توقع اتخاذ البنك المركزي المزيد من القرارات لخفض الجنيه حتى يهبط سعره مقابل الدولار إلى أكثر من 9 جنيهات ليعبر عن قيمته العادلة في خطوة تستهدف تشجيع المستثمرين الأجانب على ضخ استثمارات بالسوق المحلية.
من جانبه، قال محمد إدريس خبير استثمار عقاري إن جميع الظروف تصب في صالح العقارات حيث اعتادت خلال السنوات العشر الماضية أن تمر بدورة سعرية كل 5 سنوات تقريبًا تشهد خلالها زيادة السعر بنسبة 80 إلى 100%.
وأوضح أن أسعار العقارات ترتفع سواء في حالة استقرار سعر الدولار أو انخفاضه حيث يتحكم في هذا الارتفاع بشكل مباشر الطلب المرتفع الذي تشهده جميع الشرائح الاجتماعية.
وأضاف إدريس أن الوحدات الفارهة تحظى بطلب شريحة المواطنين ذوي الدخول المرتفعة سواء بهدف السكن أو الاستثمار كمخزن للقيمة، وفي الوقت ذاته تتمتع وحدات متوسطي ومحدودي الدخل بطلب مرتفع للغاية حيث تحتاج السوق توفير 500 ألف وحدة سنويًّا.
وتوقع الخبير العقاري أن تشهد العقارات خلال العام الحالي ارتفاعًا تتراوح نسبته بين 15-20% نتيجة استمرار الطلب، علاوة على ارتفاع مواد البناء وتحديدًا الحديد نتيجة ارتفاع سعر الدولار.
وبحسب تصريحات صحفية منقولة عن أحمد الزيني رئيس شعبة مواد البناء بغرفة القاهرة التجارية؛ فإن سعر طن الحديد ارتفع في مارس/آذار الجاري بقيمة تتراوح بين 350 – 500 جنيه ليصل سعر البيع للمستهلك إلى 5500 جنيه للطن، وهو ما دفع شركات الأسمنت لرفع سعر بيع الطن إلى ما يتراوح بين 750 – 800 جنيه رغم تراجع الطلب.
وتجدر الإشارة إلى أن وزارة الصناعة والتجارة أصدرت قرارًا الشهر الجاري بخفض سعر إمداد الغاز الطبيعي لمصانع الحديد من 7 إلى 4.5 دولار للمليون وحدة حرارية، ومع ذلك أكدت الشركات أن خفض الإنتاج مرهون بسعر الدولار؛ نظرًا لأن الخامات المستوردة تشكل 85% من مدخلات الإنتاج.
وبناءً على هذه العوامل، رأى إدريس أن القطاع العقاري يعد الملاذ الاستثماري والادخاري الأفضل لحماية أموالهم من انخفاض القيمة الشرائية للجنيه، بالتوازي مع انخفاض هامش المخاطرة.
لكن هذه الرؤية اختلفت إلى حد ما بالنسبة لمحمد سالم مدير الاستثمار بشركة هايد بارك للتطوير العقاري، حيث أشار إلى أن العقارات وشهادات الادخار يسيران في اتجاه واحد الآن من حيث الجاذبية للمواطنين، ويأتي بعدهما الدولار أو الذهب.
وأوضح سالم أنه يمكن مقارنة متوسط عائد كل وعاء خلال السنوات الخمس الماضية لتقييم جاذبية كل منهم؛ فالدولار ارتفع من 5.88 جنيه في 2011 إلى 8.78 جنيه أي بزيادة 49.32%.
وأشار إلى أنه بالنسبة لشهادات الادخار ذات أجل 5 سنوات؛ فمتوسط العائد التراكمي يتحرك بين 9 - 10% سنويًّا أي أن العائد التراكمي يتجاوز 60%.
وأردف مدير الاستثمار بشركة هايد بارك، أما العقارات فمتوسط العائد يدور حول 80% خلال 5 سنوات، أي أعلى من عائد شهادت الادخار بنسبة تقترب من 20% ولكن يجب الأخذ في الاعتبار مجموعة من العوامل التي تخلق توازنًا بين العقارات والشهادات.
وذكر أن الزيادة في أسعار العقارات تزامنت مع اتجاه الشركات الآن لمد أجل سداد أقساط الوحدات العقارية من 4 سنوات إلى 7 سنوات، فضلًا عن لجوء بعض الشركات إلى إعفاء العملاء من سداد دفعة مقدمة لتشجيعهم على خطوة الشراء، وفي المقابل رفعت الشركات أسعار البيع لطول فترة السداد أو الإعفاء من دفعة المقدم.
كما نوه سالم بأن العملاء الذين اشتروا وحدات عقارية بهدف الاستثمار لن يتمكنوا بالطبع من بيعها بالسعر نفسه الذي تروجه الشركات؛ نظرًا لأن العميل يرغب في البيع نقدًا والشركة تعتمد نظام الأقساط، ما يعني سداد المشتري مبلغ أقل عند الشراء نقدًا.
واستنادًا إلى ذلك ليس من الضروري أن ينعكس ارتفاع أسعار العقارات بنفس النسب المعلنة على جميع حالات البيع.
واختتم سالم حديثه، بأن العائد الآن على شهادات الادخار أجل 3 سنوات ارتفع إلى 12.5% وكذلك يمكن أن تشهد العقارات طفرة سريعة جديدة في أي وقت حسب التطورات الاقتصادية، الأمر الذي يجعل الخيارين هما الأفضل بالنسبة للمواطنين كملاذ ضد انخفاض قيمة الجنيه.
aXA6IDE4LjExNi44OS44IA== جزيرة ام اند امز