تصاعدت حالة الفقر لدى سكان قطاع غزة المحاصر منذ نحو 10 أعوام لنسب قياسية غير مسبوقة، وهو الأمر الذي أثر بشكل كبير على حياة الغزيين.
تصاعدت حالة الفقر لدى سكان قطاع غزة المحاصر منذ نحو 10 أعوام لنسب قياسية غير مسبوقة، وهو الأمر الذي أثر بشكل كبير على حياة الغزيين، الذين يعانون الأمرين جراء الحصار الإسرائيلي المضروب، بالإضافة إلى عدم وجود أي تحسن في مستوى دخل الفرد وارتفاع الأسعار.
وبحسب أحدث إحصائيات رسمية، نشرها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (حكومي)، أواخر العام الماضي، فإن متوسط الدخل القومي للفرد الفلسطيني في قطاع غزة، بلغ نحو دولارين يوميًّا، وذلك خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي، وهي نسبة ضئيلة جدًّا، مقارنة مع الشطر الثاني من فلسطين وهي الضفة الغربية، وضئيلة أكثر بالنسبة لمستوى دخل الفرد الإسرائيلي.
ويبلغ عدد الفلسطينيين، وفق أرقام الإحصاء الفلسطيني، 4.68 مليون نسمة، موزعين ما بين 2.88 مليون نسمة في الضفة الغربية، و1.8 مليون نسمة في قطاع غزة.
ويحذر مسؤولون ومختصون من خطورة تدهور الأوضاع الاقتصادية في غزة، حيث تؤثر بشكل كبير على العديد من النواحي الاجتماعية والنفسية في المجتمع الغزي، معتبرين أن هذه النسبة المتدنية تأتي تزامنًا مع استمرار الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع الساحلي، واستمرار وتفاقم أزمة الكهرباء التي تعيق حركة الإنتاج، إلى جانب ارتفاع نسب البطالة لأكثر من 43%، وفق الإحصاء الفلسطيني، دون إغفال بطء عملية إعادة إعمار قطاع غزة الذي تعرض لحرب شرسة صيف عام 2014.
وطالبوا بضرورة رفع الحصار عن غزة، وتخفيف نسبة الضرائب والجمارك، وكذلك الفائدة للقروض الاستهلاكية، كأحد الحلول الافتراضية للمحافظة على تأمين حياة طبيعية للسكان الغزيين.
أوضاع كارثية:
ويصف الدكتور عماد الباز وكيل وزارة الاقتصاد الوطني بغزة، الأوضاع الاقتصادية بغزة، بأنها الأسوأ اقتصاديًّا، نتيجة الظروف المحيطة من حصار واعتداءات إسرائيلية متكررة على قطاع غزة.
ويقول لبوابة "العين" الإخبارية، إن الظروف المحيطة بسكان غزة، عمَّقت بشكل كبير الأزمة الاقتصادية القائمة نتيجة الحروب الإسرائيلية الثلاث المدمرة على غزة، مضيفًا أن البنى التحتية لجميع القطاعات ومنها الاقتصادية تأثرت بشكل كبير، وأثرت على مناحي الحياة للسكان الفلسطينيين.
ويرى "الباز" أن الأوضاع الاقتصادية بغزة أثرت بشكل أيضًا على عجلة الإنتاج المحلي، وهو الأمر الذي تأثر بمستوى دخل الفرد أيضًا، الذي يعيش داخل سجن كبير جراء الحصار الاقتصادي والسياسي لنحو مليوني نسمة يقطنون القطاع الساحلي.
وحول متوسط الدخل للفرد الفلسطيني بغزة، يقول وكيل مساعد وزارة الاقتصاد بغزة، إن الإحصائيات الرسمية تشير إلى نسب ضئيلة، متوقعًا أن هذه النسب المشار لها ستقل تدريجيًّا كلما اشتدت الضغوطات المتواصلة على سكان القطاع الذين يعانون كثيرًا جراء هذه السياسات الإسرائيلية التي تفرض عقابًا جماعيًّا على الشعب الفلسطيني.
ويدلل "الباز" على الأوضاع الكارثية التي يعانيها سكان القطاع، بما حذرت منه العديد من المؤسسات الدولية من تداعيات استمرار الحصار المفروض وتأخر عملية إعادة الإعمار على جميع النواحي الاقتصادية والاجتماعية والصحية والبيئية.
ويرى أنه من الأفضل لتجنب المزيد من العقبات التي ترهق الاقتصاد بغزة، رفع الحصار عن غزة كاملًا، وفتح جميع المعابر التجارية، وإدخال جميع الاحتياجات الأساسية للسكان الغزيين، دون قيد أو شرط أو رقابة وعلى رأسها مواد البناء المختلفة من أجل إعادة الإعمار أيضًا.
فقر مدقع:
أما الدكتور علاء القطناني، مدير دائرة تنمية المجتمع في وزارة التنمية الاجتماعية، فيؤكد لبوابة "العين" الإخبارية، أن مؤسسات دولية عدة، وفي مقدمتها البنك الدولي، صنفت قطاع غزة على أنه من أكثر الأماكن فقرًا في العالم، حيث تجاوزت نسبة الفقر 65%.
ويؤكد "القطناني" أن الأوضاع الاقتصادية، ودخل الفرد، يؤثر بشكل كبير على الغزيين، حيث إن المشاكل الاقتصادية، ومنها مستوى دخل الفرد، له أيضًا تأثيرات نفسية واجتماعية كبيرة على السكان.
ويقول مدير دائرة تنمية المجتمع، إن هذه التأثيرات دفعت لحالة من اليأس والاحباط وقلق على المستقبل، إلى جانب بعض حالات الانتحار التي حدثت في غزة، خلال الفترة الماضية.
ويرى "القطناني" أن إنهاء الانقسام الفلسطيني هو الحل الأنجح في البداية، لإيقاف هذه الصعوبات التي يعاني منها الغزيين خاصة، والفلسطينيين عامة، وهو السبيل الكفيل لإنهاء جميع الأمور السلبية التي عصفت بالمجتمع الغزي.
ويطالب بضرورة توحيد مؤسسات الدولة، والتركيز على برامج التنمية الاجتماعية، والعمل على توفير فرص عمل للشباب وأرباب الأسر ولو بالحد الأدنى والاهتمام بالإنسان نفسه واحترامه من خلال توفير متطلباته الأساسية.
حالة انهيار:
بدوره، يوضح الدكتور خالد المدهون، عميد كلية المال والأعمال في جامعة فلسطين بغزة، أن السكان الغزيين في حالة انهيار اقتصادي تام، حيث يعيشون في غزة بلا إعمار وماء وكهرباء وعمل، وأيضًا دون حياة كريمة وتنمية.
ويقول "المدهون" في حديثه مع بوابة "العين" الإخبارية، إن الأرقام الرسمية المنشورة من قبل الجهاز الفلسطيني للإحصاء ليست دقيقة وحقيقية، معتبرًا أن هذه الأرقام زادت كثيرًا، وستكون النسب أكبر من تلك المنشورة في التقرير الأخير الصادر عن هذه الهيئة الفلسطينية الحكومية المختصة بشؤون الإحصاء.
ويشير عميد كلية المال والأعمال بجامعة فلسطين، إلى أن ارتفاعات متواصلة في معدلات البطالة بغزة، حيث وصلت لنحو 42.7% في الربع الثالث من عام 2015 وتجاوز عدد العاطلين عن العمل ما يزيد عن 210 ألف شخص، مضيفًا أن البنك الدولي اعتبر البطالة في غزة بمثابة الأعلى عالميًّا.
ويشبه "المدهون" الواقع المزري في غزة، بأنه، "طارد للاستثمار"، حيث إنه لا توجد أي مشاريع تستوعب العاطلين عن العمل، إلى جانب فشل إيجاد حلول خلاقة لحل الأزمة الحالية التي ترتب عليها زيادة نسبة الفقر والبطالة.
ويتوقع "المدهون" أن القادم سيكون أسوأ حال استمرت الأمور على حالها، وبقي الحصار الإسرائيلي المشدد على غزة قائمًا، موضحًا أنها قد ترفع مجددًا معدلات البطالة والفقر لمستويات أكثر مما هي عليه الآن.
مساعدات إغاثية
ويؤكد الخبير الاقتصادي محمود أبو كريم لبوابة "العين" الإخبارية، أن نحو مليون فلسطيني في قطاع غزة، يتلقون مساعدات غذائية إغاثية، سواء من منظمة الأونروا المختصة بإغاثة وتشغيل اللاجئين، أو المؤسسات الدولية الإغاثية الأخرى العاملة في غزة.
ويشير "أبو كريم" إلى أن إحصائيات رسمية أكدت أن 38.8% من سكان قطاع غزة، يعيشون تحت خط الفقر الوطني في فلسطين، والذي يبلغ 2293 شيكلًا أي ما يعادل نحو 600 دولار شهريًّا، في حين أن 21.1% يعيشون تحت خط الفقر المدقع الذي يبلغ 1832 شيكلًا أي ما يعادل نحو 400 دولار.
ويطالب إلى جانب رفع الحصار، ضرورة تخفيض نسب الضرائب والجمارك المفروضة على الغزيين، وهو الأمر الذي قد يعطي سيناريو أفضل للاقتصاد الفلسطيني بغزة، حيث سينعكس إيجابًا على حياة الغزيين.
ويضيف "أبو كريم" أن ذلك يتحقق أيضًا من خلال إنهاء الانقسام الفلسطيني الذي يؤرق المواطن الفلسطيني، إلى جانب سعي الحكومة الفلسطينية لإيجاد فرص عمل لآلاف الخريجين والعمال العاطلين عن العمل.
ويرى أن الأوضاع الحالية تؤدي فعليًّا لتدني مستوى الدخل للفرد في غزة، معددًا العديد من أسبابها ومنها زيادة حدة الضرائب، ومعها الانقسام والحصار الإسرائيلي.
ويلفت الخبير الاقتصادي إلى أن مستوى دخل الفرد في غزة، يساوي 3% فقط من مستوى دخل الفرد بإسرائيل، حيث يصل معدل الفرد بغزة لنحو 75 دولارًا شهريًّا، في حين يصل الإسرائيلي لنحو 2500 دولار شهريًّا.
aXA6IDMuMTMzLjEwOS4yNTEg جزيرة ام اند امز