هل "البطاقة المصرفية" حل لأزمة السيولة في ليبيا؟
هل تكون فكرة الاعتماد على البطاقة المصرفية مقبولة لدى التجار وأصحاب المحلات، وكذلك المستهلكين في ليبيا لحل أزمة السيولة.
تُعاني ليبيا منذُ أكثر من سنتين من أزمات واختناقات كثيرة ومتعددة سواء كانت على الصعيد السياسي، أو على المستوى الأمني، ولكن تبقى الأزمة الاقتصادية دائمًا متصدرة للمشهد الليبي وفي مقدمة جُملة المشاكل.
على الرغم من تشعب وتعقد الوضع الاقتصادي في البلاد، إلا أن أبرز ما يعنيه المواطن العادي هو ما يمس حياته اليومية، من توفر الحاجات الأساسية، وتناسب أسعارها مع دخله، كذلك حصوله على مرتبه الشهري وفي وقته، إلا أن الواقع المُعاش مغاير لكل ذلك، الأمر الذي جعل أبسط الأساسيات ترقى لتصل سقف الطموحات.
فالرواتب دائمة التأخر، والمصارف تعاني من شح كبير في السيولة، وارتفاع مخيف في أسعار السلع والخدمات، ما جعل التحدي الاقتصادي يمثل أبرز عقبة أمام المجلس الرئاسي المُستلم مؤخرًا لزمام الأمور في البلاد، وكذلك لحكومة الوفاق المنبثقة عنه والمدعومة من الأمم المُتحدة.
لأجل حل أزمة السيولة النقدية التي يعاني منها القطاع المصرفي، عقد محافظ مصرف ليبيا المركزي "الصديق عمر الكبير" اجتماعًا مع "مسؤولي التسويق والبطاقات الإلكترونية بالمصارف التجارية"، لأجل التباحث حول إيجاد الآليات المناسبة لتفعيل استخدام البطاقات الإلكترونية المحلية الإصدار ومتابعة نشر وتوزيع خدمة السداد عبر نقاط البيع.
خرج الاجتماع بضرورة إشاعة الطمأنينة لدى التجار والباعة كذلك المواطنين على حدٍّ سواء بأن استخدام هكذا طريقة للدفع والسداد تُعَد آمنة ومضمونة.
نظريًّا لا يختلف اثنان على أهمية استخدم هذه الطريقة في التعاملات التجارية اليومية للمواطنين سواء من حيث كونها أكثر أمانًا من حمل القيمة المالية نقدًا، أو إمكانية استخدمها وتوظيفها في أغراض عدة، ولكن يبقى التساؤل الأكبر في الوقت الراهن يتمثل في الزمن الذي سيستغرقه تفعيل هذه الخدمة.
وهل يفترض بالمواطن انتظار المدة التي سيأخذها تفعيلها للخروج من أزمة السيولة الخانقة، ثم هل سيستقبل المواطن استخدم هذه البطاقة والتعاطي معها بسهولة ويسر في الوقت الذي لم يعرفها مسبقًا، وهنا ما زال الرهان أيضًا قائمًا على التجار وأصحاب المحلات، فهل سيقبلون التعامل بها ومنح الثقة في عملية إلكترونية للحصول على ثمن البضاعة، في الوقت الذي لا يرى فيه نقود بين يديه كما تعود دائمًا.
حول الأسئلة القائمة بالخصوص أوضح نائب مدير إدارة الفرع بمصرف الوحد "علاء نجم"، لبوابة "العين" الإخبارية، أن استخدام البطاقات الإلكترونية في البيع والشراء ليس حل لأزمة السيولة فقط، بل هو الحل العملي الأمثل الذي ينبغي استعماله لما لهذه البطاقة من مزايا، كالأمان، وتعدد الوضائف وسرعة إنهاء المعاملات، بالتالي يعتقد بأنه يفترض بدء العمل بها في أسرع ممكن.
ويضيف "نجم" أن الفرصة الآن مواتية تمامًا أمام إدارات المصارف التجارية والمصرف المركزي للبدء في تفعيل هذه الخدمة، لأن الأزمة القائمة ستشجع بل "ستُجبر" المواطن على إيجاد حل لمشكلة عدم توفر النقد في المصرف في الوقت الذي يكون فيه محتاجًا لبيع سلع، والاستفادة من خدمات، مُلزم بدفع مقابل لها، بالتالي هذه الأزمة ستكون فرصة لنشر ثقافة استخدام هذه البطاقات.
"إيهاب بلخير" مدير إدارة البطاقات والخدمات الإلكترونية بمصرف الوحدة، قال في حديثه لبوابة "العين" الإخبارية، إن شركة الصرافة المسؤولة عن الموزع الوطني للخدمة قامت بتجهيز نقاط البيع وإمكانية العمل قائمة وقد تمت تجربة الخدمة لمصرف الجمهورية، والآن تعمل باقي المصارف على التعاقد مع شركة الصرافة بخصوص الخدمة؛ إذ إن البنى التحتية للخدمة جاهزة منذُ مُدة.
ويضيف "بلخير" أن منظومة عمل نقاط البيع الخاصة بمصرف الجمهورية أساسًا تقبل التعامل مع بطاقات باقي المصارف التجارية، وهذا سيُسهل ويسرع عملية تفعيل خدمة استخدام البطاقة الإلكترونية في معاملات البيع والشراء، وهذا بدوره سيسهم بشكل كبير في حل أزمة النقص الحاد الحاصل في السيولة.
ويعتقد "بلخير" أن المواطن سيُسعد بهذه الخدمة؛ لأنها ستكون البديل المثالي للمشكلة التي يعانيها والمتمثلة في عدم قدرته على سحب أمواله من المصرف لعدم توفر العملة النقدية، ناهيك عن أن استعمال البطاقة الإلكترونية في نقاط البيع ما زال أسهل حتى من استخدمها في آلات السحب النقدي.
بجولة لبوابة "العين" الإخبارية بين الناس وأخد انطباعاتهم حول تفعيل هذه الخدمة تحدث "عصام الجبالي" (33 عامًا) وهو صاحب محل لبيع الهواتف المحمول معربًا عن سعادته بها لو تم تفعيلها، وهو يعتقد بأن هذه إضافة حضارية وكان يُفترض أن تفعل منذ سنوات.
فيما قال "لامين الأسود" (47 عامًا) الذي يعمل موظفًا في شركة الكهرباء، إنه لا يعرف هذا النوع من الخدمات مُسبقًا ويعتقد أن إمكانية استخدامها صعبة في الوقت الراهن؛ لأنه شخصيًّا لا يمكنه أن يثق ببطاقة لشراء حاجاته.
أما "يوسف الهادي" (56 عامًا) صاحب محل مواد غذائية متحمس جدًّا للموضوع، وقال إنه يتمنى أن تنتشر هذه الخدمة في المحال التجارية؛ لأن هذا في تقديره سيشجع الزبائن على الشراء.
"فضيلة سعد" صيدلانية ترى أنه من الضروري أن تُستخدم وتُفعل هذه الخدمة الحضارية؛ لأن المواطن الآن يعاني من عدم توفر السيولة، وأحيانًا يكون فعليًّا يمتلك المبلغ في حسابه المصرفي، ولكنه غير قادر على الاستفادة منه في ظل شح السيولة ما يترتب عنه عدم قدرته على سحب أمواله والاستفادة منها في حل ما يجابهه من مشاكل.
"أحمد الزليطني" (52 عامًا) ويعمل مقاول يرى بأن الفساد المالي والغش سيطال استخدام هذه البطاقات بالتالي فإنه لن يستخدمهها إذا تم اعتمادها وتوزيعها لأجل التعامل بها في البيع والشراء.
بين حماس المصرفيين، واختلاف آراء المواطنين حول جدوى استخدام البطاقة الإلكترونية في عمليات البيع والشراء اليومية، لا يزال من يعلم بأهميتها ومن لا علم له بطبيعة عملها يقفون في طوابير المصارف ولساعات طويلة لعلَّهم يتمكنون من سحب جزء بسيط من مرتبهم الذي تسمح به إدارة المصرف لأجل إرضاء بعض من يقفون في الطابور.
aXA6IDMuMTM5Ljk4LjEwIA== جزيرة ام اند امز