مشروع القرض السندي في الجزائر يصطدم بفتاوى التحريم
مشايخ دين في الجزائر يطلقون فتاوى تحريم ضد القرض السندي الذي أطلقته الحكومة، مما يهدد الاستثمارات التي كانت تنوي إطلاقها
اصطدم إطلاق الحكومة الجزائرية أكبر عملية قرض سندي في تاريخها بفتاوى مشايخ دين تحرم نسب الفائدة المترتبة عنها وتدعو الجزائريين لمقاطعتها رغم حاجة الحكومة الماسة إلى هذه الأموال لتمويل استثماراتها.
اعتبر مشايخ دين في الجزائر أن الفائدة المترتبة عن القرض السندي الذي أطلقته الحكومة هي "الربا" المحرمة في الإسلام، وعلى هذا الأساس أفتوا بعدم جواز شراء السندات الحكومية، ودعوة الجزائريين لتوظيف أموالهم بدلا عن ذلك في قنوات أخرى تدر عليهم أرباحا حلالا.
وعلى رأس هؤلاء، يبرز الشيخ شمس الدين بوروبي المثير للجدل بسبب تدخلاته المثيرة، حيث ذكر في برنامجه الشهير على قناة النهار الجزائرية بأن هذه السندات هي نفسها القروض التي تجر الربا وهي محرمة في الشرع، وذلك في رده على الأسئلة التي ترده من المشاهدين.
ويحظى بوروبي بنسبة متابعة كبيرة ويتم تداول تدخلاته بكثرة على مواقع التواصل الاجتماعي، بالنظر إلى الطريقة التي ينتهجها في إيصال أفكاره والتي تتسم باللغة الشعبية البسيطة والأمثلة الدارجة على لسان الجزائريين، ، لكن كثيرا ما يعاب عليه إطلاق فتاوى دون أن تكون له الأهلية العلمية اللازمة لذلك.
لكن بوروبي ليس وحده، إذ جاءت دعوات المقاطعة لأسباب دينية من مشايخ آخرين ومختصين في الاقتصاد الإسلامي، ومنهم الدكتور فارس مسدور، ذكروا بأن نسبة الفائدة الثابتة التي يمنحها السند لا يمكن اعتبارها ربحا عن الاستثمارات التي سيتم إطلاقها لأن الأصل فيها هو الربح كما الخسارة بينما السندات المطروحة تجر وراءها أرباحا مهما كانت الظروف.
وحيال ذلك، التزمت وزارة الشؤون الدينية ولجنة الفتوى بها الصمت وأبدت ضمنيا عدم رضاها بعد أن لم تتم استشارتها في الموضوع، حيث صرح وزير الشؤون الدينية أن وزارته لم يطلب منها فتوى شرعية بخصوص القرض السندي.
غير أن وزير المالية استبق هذا الجدل بالتوضيح أن القرض السندي لا يخالف بتاتا الشريعة الإسلامية لان الفوائد المترتبة عن السندات المطروحة هي عملية اقتسام أرباح من مشاريع استثمارية ستدر عوائد مالية كبيرة بين المواطنين والحكومة.
ومعروف عن وزير المالية قبل أن يعين في هذا المنصب، موقفه من فوائد البنوك التي لا يراها محرمة على إطلاقها، حيث سبق له أن أبدى ذلك في العديد من المحاضرات بوصفه خبيرا ماليا وأحد المتأثرين بمدرسة المفكر الجزائري مالك بن نبي.
وتبلغ القيمة الاسمية للسند 50 ألف دينار (450 يورو)، ويدر فائدة تتراوح نسبتها، حسب آجال التسديد، ما بين 5% بالنسبة للسندات ذات 3 سنوات و 5.75 % بالنسبة لـ5 سنوات. أما طريقة الدفع فتبقى من اختيار المكتتب، إما نقدا أو عن طريق تحويل بنكي.
استثمارات الحكومة مهددة
وتهدد حملة المقاطعة برهن الهدف المعلن من ورائها، وهو تمويل مشاريع استثمارية واقتصادية للدولة. غير أن هناك أهدافا أخرى، بحسب خبراء، تتعلق برغبة الحكومة امتصاص السيولة الهائلة التي تتحرك في السوق الموازية وإعادة إدخالها إلى الدورة الاقتصادية الرسمية.
ويقدر حجم السيولة المتداولة في السوق الموازية، وفق تقديرات غير رسمية، بحوالي 4 آلاف مليار دينار، وهو ما يكبد خزينة الدولة خسائر جبائية ضخمة سنويا.
وكانت الجزائر تمول مشاريع البنية التحتية الضخمة التي أطلقتها، حصريا من الخزينة العمومية بالاعتماد على مداخيلها من مبيعات البترول، لكنها اضطرت لإيقاف عدد معتبر من المشاريع التي كانت مبرمجة للإنجاز سنة 2015.
وجاء هذا الإلغاء بسبب تراجع حاد في المداخيل وصل إلى 70% سنتي 2014 و2015، إثر انهيار أسعار البترول في السوق الدولية، وتسجيل عجز قياسي في الموازنة سيصل مع نهاية 2016 إلى 30%، علما أن الجزائر تحصل 98% من مداخيلها من العملة الصعبة من البترول والغاز تحديدا.
aXA6IDMuMTQ1Ljg5Ljg5IA== جزيرة ام اند امز