اعتبر الرئيس باراك أوباما، أن أسوأ خطأ في رئاسته كان عدم التخطيط لمرحلة ما بعد إسقاط الزعيم الليبي معمر القذافي في 2011
اعتبر الرئيس باراك أوباما، أن أسوأ خطأ في رئاسته كان عدم التخطيط لمرحلة ما بعد إسقاط الزعيم الليبي معمر القذافي في 2011، وقال في مقابلة مع قناة «فوكس نيوز» الإخبارية يوم 10 إبريل/نيسان رداً على سؤال إن «الخطأ الأسوأ كان على الأرجح الإخفاق في التخطيط لما بعد التدخل في ليبيا، الذي أعتقد أنه كان عملاً سديداً».
برأيي، لم يكن ذلك أكبر خطأ ارتكبه أوباما، ولكنه لأمر كاشف أنه لا يزال مقتنعاً بأن عدم التخطيط لما بعد مرحلة القذافي، كان أسوأ من الخطأ الأفدح بكثير، المتمثل بالتدخل في ليبيا أصلاً.
إن الخطأ الوحيد الذي «يعترف» به أنصار التدخل في ليبيا هو أن ذلك التدخل كان «محدوداً جداً» واقتصر فقط على إسقاط نظام معمر القذافي. وهم لا يستطيعون الاعتراف بأن التدخل ذاته كان خطأ من دون الإقرار بأنهم أساؤوا الحكم عندما أيدوا التدخل.
ومن المهم تذكر أن عدم التخطيط لمرحلة ما بعد تغيير النظام في ليبيا كان هو بالذات الحجة الرئيسية في تبرير الإدارة الأمريكية لذلك التدخل في ربيع 2011. فقد أكدت الولايات المتحدة وحلفاؤها في حينه أنهم لن يخططوا لمرحلة ما بعد القذافي لأنهم لا يريدون تكرار ما حدث في العراق، ولذلك لن يقوموا بأي محاولة لضمان الأمن والاستقرار في ليبيا في السنوات التي ستلي إنجاز العملية العسكرية لإسقاط نظام القذافي.
وشدد ذلك التحالف بقيادة الولايات المتحدة على أن الهدف من التدخل ليس تنصيب نظام جديد في ليبيا.
وقال أنصار الحرب الليبية أيضاً إن ليبيا لن تحتاج إلى أن تضطلع الولايات المتحدة وحلفاؤها بمثل هذا الدور، وفي جميع الأحوال لن يتطوع أحد للقيام بهذا الدور.
لقد عرف أوباما في حينه أنه لا يوجد أي دعم سياسي في الولايات المتحدة أو أي مكان آخر لمهمة عسكرية طويلة الأمد في ليبيا.
وتعهده بعدم التورط في ليبيا في مهمة لن يعرف أحد إلى متى ستطول، وهو بالذات، ما جعل تلك الحرب مقبولة سياسياً داخل الولايات المتحدة. فالأمريكيون كانوا مستعدين لقبول مهمة قصف تدوم شهوراً عدة، ثم ترك البلد لمصيره، ولكنهم ما كانوا ليقبلوا احتلالاً جديداً لبلد آخر في العالم الإسلامي، مع كل ما سيستتبع ذلك من تكاليف مادية وخسائر بشرية.
وعندما تركت الولايات المتحدة وحلفاؤها الذين شاركوا في التدخل العسكري ليبيا لمصيرها، لم يكن ذلك من قبيل الغفلة، وإنما جزءاً من الخطة منذ البداية. ولهذا يصعب أن نصدق أوباما عندما قال إن أسوأ خطأ ارتكبه خلال رئاسته هو أنه وقادة التحالف الآخرين لم يخططوا لمرحلة ما بعد القذافي. بل على العكس، اتخذوا ذلك القرار لأنهم كانوا يريدون تدخلاً رخيص الكلفة وغير محفوف بمخاطر، ولأنهم في الحقيقة لم يكونوا مستعدين لقبول التزام طويل الأمد بضمان الأمن في ليبيا، وإعادة إعمارها.
وفي الوقت ذاته، كانوا مستعدين لترك ذلك البلد والمنطقة المحيطة يغرقان في الفوضى، وعدم الاستقرار، والاكتفاء بالانتصار عندما يتحقق فعلياً تغيير النظام.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة