لم يتلعثم رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو في رفضه المطلق للمبادرة الفرنسية القاضية بعقد مؤتمر دولي للسلام الصيف المقبل
لم يتلعثم رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو في رفضه المطلق للمبادرة الفرنسية القاضية بعقد مؤتمر دولي للسلام الصيف المقبل، واعتبرها «غير موجودة»، محاولاً مرة أخرى قطع الطريق أمام أي مسعى دبلوماسي قد يضايق حكومته في سياساتها المدمرة للحلم الفلسطيني، ولكن هذا الرفض يختزل أكثر من موقف، والأغلب أنه يعود إلى خشية مما هو أكثر من «مؤتمر السلام» المفترض.
من المؤكد أن رفض نتنياهو للمبادرة الفرنسية لن يقوده إلى مجلس الأمن الدولي، فيفرض عقوبات على كيانه، فهذا الأمر شبه مستحيل في ضوء «الفيتو» الأمريكي المتربص هناك، ولكن الأمر المحتمل هو تصاعد الانتقادات الأوروبية والفرنسية، غير الرسمية خصوصاً، تجاه السياسات الصهيونية. فرفض نتنياهو أدانه بأفعاله، إذ سيبدو في نظر الرأي العام معرقلاً للسلام وداعية للتوتر، بعكس السلطة الفلسطينية التي لبت دعوة المؤتمر على الرغم من التحفظات العديدة التي أبدتها فصائل وجبهات وشخصيات، مؤكدة أن مؤتمراً كهذا لن يغير الوضع القائم، مادام الاستيطان مستمراً، والجرائم المتلاحقة بحق المدنيين العزل بمن فيهم النساء والأجنة في الأرحام لا تتوقف، وهي جرائم لم تجابه بما يلزم من الإرادة الدولية لمحاسبة السفاح وإنصاف الضحايا.
برفضه المبادرة الفرنسية ومؤتمرها، يقدم نتنياهو خدمة للفلسطينيين باعـــتباره هارباً مـــن استحقاقات القانون الدولي وقرارت الأمم المتحدة واتفــاقيات أوسلو الداعية إلى حل الدولتين في الصراع الفلســطيني الصهيوني، وحُسْن استثمار موقف نتنياهو من عدمه يعود إلى قدرة السلطة الفلسطينية على لعب هذه الورقــة في المحافل الدولية وفي مؤتمر باريس، إذا تم عقده في وقته، لا سيما أن الرأي العام الغربي، والأوروبي على الخصوص، لا يحتاج إلى من يشرح له أبعاد السياسة الصهيونية المنافية لكل القوانين والمواثيق، والتي تسجل في كل يوم انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان الفلسطيني في أرضه ومقدساته وحرمة دمه.
فكل ما يرتكبه جنود الاحتلال وقطعان المستوطنين موثق بالصوت والصورة، وأصبح يصيب العالم المتحضر بالحَرَج ويدفعه دفعاً إلى اتخاذ الموقف المناصر للقيم الإنسانية وينأى عن مواقف التجاهل والتغاضي التي عمَّرَت عقوداً من الزمن.
صحيح أن القضية الفلسطينية في وضع أصعب من أي وقت مضى، والصحيح أيضاً أن كيان الاحتلال ليس في وضع أفضل، الأولى لأن الظهير العربي والإسلامي لم يعد متماسكاً وفَقَد توازنه بسبب الحروب الجوالة في فضائه، والثاني لأن العالم الغربي لم يعد يصدق كالسابق الادعاءات الصهيونية، بل إن تلك الإدعاءات انقلبت كالسحر على الكيان، وهذا الانقلاب، الذي بدأ مع انتفاضة الأقصى في بداية الألفية، مازال يواصل حركته حتى يأتي اليوم الذي يسطع فيه الحق الفلسطيني عالياً فلا يدانيه باطل.
*نقلاً عن "الخليج"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة