مصر تبحث عن "ريجيني" في وجوه 5 من أبنائها
حوادث متفرقة، لمقتل 5 شباب مصريين، بعواصم مختلفة، دفعت بالقاهرة إلى البحث عن "ريجيني المصري"
عقب مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، والخلاف الدبلوماسي الذي نشب بين القاهرة وروما، إثر مطالبة الأخيرة الكشف عن ملبسات الحادث وتسليم الجناة، شهدت الدبلوماسية المصرية نشاطًا غير مسبوق فيما يتعلق بحوادث تمس مصريين بالخارج، في حالة بدت وكأنها بحث عن ريجيني المصري.
يبدو أن حوادث متفرقة لمقتل 5 شباب مصريين بعواصم مختلفة بالخارج، دفعت القاهرة إلى البحث عن "ريجيني المصري"، لا سيما بعد 4 أشهر من خلاف دبلوماسي نشب بين القاهرة وروما، إثر مطالبة الأخيرة بالكشف عن ملابسات مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني.
الدبلوماسية المصرية، التي شهدت نشاطًا غير مسبوق في المطالبة بالكشف عن ملابسات مقتل مصريين بالخارج، ظهرت جليًّا في لغة الخطاب الرسمي، سواء على مستوى الرئاسة أو الخارجية، في محاولة بدت وكأنها لاستعادة القاهرة مجددًا للكرة، وهي تطالب بالتحقيق هي الأخرى، في مقتل أبنائها بالخارج.
تلك الخطوة التي من شأنها أن تعزز موقف مصر، في أخذ الوقت الكافي، لإجراء التحقيقات دون ضغوط دولية، في وقت لوحت فيه إيطاليا أنها ستتخذ إجراءات "فورية وملائمة" ضد مصر إذا لم تتعاون الحكومة المصرية بشكل كامل في الكشف عن الحقيقة وراء مقتل الطالب الإيطالي.
وهو الأمر الذي فتح الباب أمام إمكانية قطع الاتحاد الأوروبي للعلاقات الدبلوماسية مع القاهرة، وهو السيناريو الذي بدأ يخفت رويدًا مع ظهور حوادث مقتل الشباب المصريين الخمسة في الخارج.
آخر هؤلاء الشباب، ظهر الثلاثاء، وهو محمد باهر صبحي ويبلغ من العمر 32 عاما، الذي أعلنت الخارجية المصرية عن أن سفارتها في روما تلقت إخطارا بالعثور على جثمانه في مدينة نابولي الإيطالية، وبه مظاهر أولية لضرب على الرأس والفك، وكانت الجثة ملقاة على شريط القطار في مدينة نابولي الإيطالية يوم 30 إبريل/نيسان الماضي.
وقالت الخارجية إن السفارة تتابع الأمر باهتمام بالغ فور علمها بالحادث، وإنها بصدد توجيه مذكرة عاجله إلى الخارجية وسلطات الأمن الإيطالية لطلب الإفادة بتقرير عاجل عن ملابسات الحادث، ونتائج التشريح المبدئي للجثمان.
وسبق باهر، أربعة مصريين غيره، اختلفت طرق وأماكن وفاتهم، لكن الرابط بينهم كان في التصعيد الدبلوماسي للقاهرة، والذي تدرج مع كل منهم، فبالبداية كانت مع "عادل معوض"، الذي ذكره الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في حوار لصحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية، في منتصف مارس/آذار الماضي.
وقال الرئيس المصري حينها: اسمحوا لي أن أتحدث أيضًا عن عادل معوض هيكل، وهو شاب مصري اختفى في إيطاليا منذ خمسة أشهر، ولم تنجح كل الجهود المبذولة للبحث عنه.
واعتبر مراقبون أن مقتل "ريجيني" نجح في دفع القاهرة إلى ذكر حادثة اختفاء عادل معوض بعد إثارة ملف مقتل الطالب الإيطالي، حتى أن البعض فسره باعتباره "ذكاءً دبلوماسيًا" من جانب القاهرة في تعاملها مع الانتقادات الإيطالية بشأن ريجيني.
حتى أن الصحف المصرية، نفسها برزت في هذا السياق، واتهمت الشرطة الإيطالية بالفشل على مدار أكثر من 5 أشهر في كشف غموض اختفاء عادل معوض، في الوقت الذي تتهم فيه روما القاهرة بالتأخر في الكشف عن ملابسات مقتل ريجيني الذي مر عليه نحو شهرين فقط.
وفي 23 مارس/آذار الماضي، أعلنت الخارجية المصرية عن أن سفارتها في فنزويلا تتابع قضية مقتل مواطن يدعى عبدالرحمن إسماعيل السيد حسن، تعرض لحادث سطو مسلح لدى وصوله إلى مطار كاراكاس، فيما بدا أنه أول تتبع لحالات مشابهة لريجيني.
وعلى الرغم من أن قضية المواطن المصري في كاراكاس لم تحصل على زخم دبلوماسي مشابه لريجيني، لكن الأمر كان مختلفًا لدى النشطاء الذين تداولوا صورًا للشاب وهو ملقى على الأرض بعد مقتله على مواقع التواصل الاجتماعي، متسائلين عن حقه، حتى وصفه البعض حينها بـ"رجيني المصري" دون تعذيب.
وبعد أقل من شهر، وتحديدًا في 27 إبريل/نيسان الماضي، ظهر على السطح وجهًا جديدًا يدعى شريف عادل ميخائيل، نجح في دفع مصر لتصعيد نبرتها الدبلوماسية بشأن مقتل أبنائها بالخارج، وساعد في ذلك ربط الإعلام المصري بين مقتله وبين ريجيني؛ حيث وصف إعلاميون وبرلمانيون، شريف بـ "ريجيني المصري".
وكان من بين هؤلاء الإعلاميين، الكاتب الصحفي مصطفى بكري، الذي وصف شريف حبيب بـ"ريجيني المصري"، وتابع: "ريجيني المصري ببريطانيا قتل بطريقة بشعة ولا يمكن استبعاد أن هناك أهدافًا معينة وراء قتله، فيما أدان الإعلامي محمد الغيطي عبر برنامجه "صح النوم" على فضائية LTC الخاصة، تعامل الغرب مع مقتل الشاب المصري، قائلًا: بريطانيا لن تصل إلى حل، لا يجيدون سوى في التحدث عن ريجيني.
وعلى غرار بكري والغيطي، تصدر شريف ميخائيل، الذي لقى مصرعه محروقًا العناوين الرئيسية للصحف المصرية، وهي تصفه بـ"ريجيني المصري"، في الوقت الذي قال فيه المتحدث باسم وزارة الخارجية المستشار أحمد أبوزيد، إن المعلومات الخاصة بمقتل شريف "تحتاج المزيد من التدقيق".
وبعد حادث شريف ميخائيل بيوم واحد، ظهر قتيل مصري جديد وهو محمد محمود رشدي، الذي لقى مصرعه في ظروف وصفتها الخارجية المصرية بالـ"الغامضة" بولاية أنديانا بأمريكا، استدعت على إثرها المسؤول عن القسم القنصلي بالسفارة الأمريكية بالقاهرة للتأكيد على أهمية الشفافية وسرعة الكشف عن الجناة.
وعلى الرغم من أن جثة رشدي، التي عثر عليها في أحد صناديق النفايات الكبيرة، حملت آثار تعذيب، وفق الخارجية، لكن لم يعرف بعد إذا كان رشدي أو الوجوه الأخرى ستكون ريجيني المصري أو لا!