معرض "العالم بعيونهن".. تمازج الأساليب الفنية بحدقة أنثوية
يحتفى المعرض التشكيلي "العالم بعيونهن"، المستمر حتى 30 من نوفمبر في نادي جلف البادية في دبي بأعمال 5 فنانات عربيات، يقمن في الإمارات.
"المرأة في عيونهن"، "ماذا ترى المرأة؟"، "لماذا يسير الخوف على الوجوه في بعض المطارح، وفي مطارح أخرى نحو التجريد؟"، أسئلة تبدو مشروعة في معرض تعكس اللوحات فيه تمازج الأساليب الفنية وتفاعلها مع الموضوعات التي تشغل بالدرجة الأولى عين المرأة اليوم، في إطار الفن التشكيلي والتصوير الفوتوغرافي.
وتتنوع الأعمال في المعرض المقام بدبي تحت عنوان "العالم بعيونهن"، بصيغة تكاملية، سواء في طرح موضوعات المرأة ومشكلاتها ومعاناتها، أو في استخدام الأساليب الفنية التي تراوحت بين الانطباعية والتجريدية والزخرفية والواقعية والكلاسيكية والفوتوغرافية.. ولكن اللوحات تقدم العالم الأنثوي، كما تراه كل رسامة على حدة.
وجوه وكراس وفوتوغراف
تتضمن أعمال المعرض، الذي افتتحه النحّات الكويتي سامي محمد، لوحات للفنانة السورية ميساء محمد، والتي اتسمت برسمها للوجوه بأحجام مختلفة، وهم واحد، مجسّدة الواقع السوري وفق رؤيتها، بطابع يغلب عليه الحزن والذي ارتسم على تفاصيل الوجه، لا سيما العيون، وتأخذ الخطوط عندها بُعداً تعبيرياً واضحاً لم يقتصر ما قدمت به الفنانات هنا على جماليات الجسد الأنثوي، وإنما تم الاقتراب من خلال روحها، وهذا ما اشتغلت عليه الفنانة التشكيلية ميساء في أعمالها والتي أتت وجوه أشخاصها مفعمة بالصدق لحظة التعبير والتي نلاحظ حجم الخراب الذي طال معظم تفاصيل الوجه من الخوف والإحباط الذي قابلته الفنانة بتحميل شخوصها من خلال العيون بنظراتها أو الشفاه المدماة، وما حمّلتها من مضامين ورموز من هذا اللامعقول الذي يحصل اليوم في عالمنا المعاصر.
وتأتي أعمال الفنانة السورية إيفا حسان عزت، لترينا من خلال 7 لوحات شاركت بها، وبروز "ثلاثية الكرسي" التي عكست من خلالها رؤيتها للواقع العربي وما يحمله هذا الكرسي من دلالات رمزية، بتشكيلات لونية بين الذهبي الرمادي والأسود الدامي، أمام حطام هذا الواقع لم يغِب الحب عن لوحاتها، ودائماً هناك امرأة ورجل حالة حب ملاحقة بالخوف، والقلق، وهو ما جسّدته لوحتها" أولي" يا إلهي.
فيما انزاحت لوحات الفنانة التشكيلية اللبنانية ماجدة نصر الدين نحو التجريد وتكثيف العمل على الأبيض والأسود في تدرجاتهما، استمراراً لما وصفته بخربشات الطفولة، والتي كانت أشبه بقصيدة، وعين امرأة ترى العالم ملاحقاً بالليل.
في حين تميل الفنانة السورية بنان سفر إلى الفن التزييني والرسم على القماش، حيث شاركت بعدد من اللوحات وكل رسومها المشاركة اقتصرت على البروفايل، وإحدى لوحاتها صورة لزوجها الفنان لؤي صلاح الدين، وهنا مضت نحو البعد التعبيري المرتسم على الوجوه.
أما في التصوير الفوتوغرافي فقد قدّمت الفنانة هند شعوت (المغرب) مجموعة صور عكست من خلالها الجمال كما تراه، المرأة بحالاتها المختلفة، وغلب على أعمالها نساء الإعلانات.
"ثلاثية الكرسي" وأشياء أخرى عن "إيفا"
ثلاثية الكرسي، تعكس فيها لحظة شعرية خانقة لهذا الكرسي، من خلال الجسد بتحولاته عارياً كما الحقيقة التي لا تشبه إلّا ذاتها وهي بالنسبة للفنانة إيفا تقارب وتعرّي هذا الكرسي في خريفه الأخير. وهنا تبدو الخطوط حادة مكسرة والألوان تحمل بعض الذهبي المغبّر أو الرمادي المتمازج مع اللون الأحمر.
لم تجد الفنانة إيفا حسان عزت في "ثلاثية الكرسي" نفسها بعيداً عن "السياسة وفلسفاتها" سوى أنها ترسم الكرسي "لم أكتفِ بكرسي واحد، وإذ بي أرسم ثانٍ وثالثٍ.. الكرسي وما يُحدثه من مشهد الموت.. للمدينة وناسها، وأعتقد أنه وجعنا لهذا وجدت نفسي أرسمه وأعبّر من خلال اللون على عنف المشهد".
وتقول إيفا لـ "العين" إنه "تحت هذا الكرسي عظام خطوط حادة للجسد، أجساد في التهشيم والانكسار، أجساد غير طبيعية ممسوخة لأن المشهد غير طبيعي، وما نراه خارج كل دوائر الوعي والإدراك، فما يحدث لا يصدق أنه الكرسي الكرسي، في البدء كان الحب".
تربت إيفا في "بيت وبيئة مشغولة بالحب من بيوت الشام المزروعة بالورد حاراتها، وأنا عشت هناك ودرست هناك، وها أنا أواصل طريق الحب، لهذا في أعمالي دائما امرأة ورجل، في الحب وداخل ديمومة الخراب التي نعيشها امرأة ورجل وخيوط حب لوّنتها بالأزرق والأرجواني".
وتضيف لـ"العين": "لا يمكن أن يكون هناك فن بدون هذا الخيط الذي يشحن الخيال، أنا كائن أميل إلى الحب وأنبذ كل أنواع الحرب والعنف، لهذا تجد في لوحاتي البيت، الجدران الأبواب، والتي تأخذ بُعداً تجريداً وتعبيراً معاً، ومما لا شك فيه أن اللون لغة، والخطوط لغة".
وحصلت إيفا عزت على جوائز عالمية حين كانت في السابعة من عمرها، ولا تخفي تأثرها بالأحداث الدائرة في بلادها سوريا، قائلةً: "الدمار الذي أصاب أرواحنا وبيوتنا، من الهول الذي حوّل أحلامنا إلى كوابيس من القيامة التي تعصف بكل شيء.. أنا ابنة الشام التي تختزن بداخلي كل صور الجمال، لهذا أحافظ على براءتي طفولتي أحميه كي أحافظ على الجمال، ما حدث خلال الخمس سنوات الأخيرة أعادني إلى منصة الرسم بعد انقطاع، المرأة الشامية تطرّز على كل شيء لتنثر الجمال، تلك الصورة سكنتني من جدتي وأمي وكل من حولي الذين كانوا يحولن البيت إلى جنة، فكيف وأنا من بيت كله شعر أبي وأمي".
احتفى المعرض التشكيلي "العالم بعيونهن" الذي يتواصل في نادي غولف البادية بدبي حتى 30 من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، بأعمال 5 فنانات عربيات، يقمن على أرض الإمارات.
aXA6IDMuMTQuMTM0LjE4IA== جزيرة ام اند امز