قتال فصائل المعارضة في "الغوطة" يمنح أكسير الحياة لنظام الأسد
المعارك مشتعلة بينهم منذ 28 إبريل الماضي إلى الآن
بينما ترفض المعارضة السورية استئناف مفاوضات جنيف، قبل وقف نزيف الدم، فإن الاقتتال بين فصائلها يسهم في استمراره متدفقا
قبل نحو شهرين وقف الرجل العجوز في دوما المحاصرة، منبهًا هيئة التفاوض السورية إلى الحذر من الفخاخ في مفاوضات جنيف، واليوم وقف رجل آخر في الغوطة الشرقية يحمل لافتة تتضمن مطلبًا مختلفًا، وهو دعوة فصائل المعارضة إلى التوجه لجبهات القتال وعدم الاقتتال فيما بينها.
بين اللافتتين فرق كبير، ففي الأولى كان الخصم واضحًا، وهو نظام مستبد تساعده أطراف دولية على نصب الفخاخ في المفاوضات، بينما في الثانية غاب هذا الخصم، وتحول الأصدقاء إلى أعداء، وبدلا من أن يرفع الرجل لافتة يطالب فيها برحيل النظام، كان المطلب هو وقف الاقتتال بين أصحاب الهدف الواحد.
وإذا كانت الفخاخ، التي حذر الرجل منها في اللافتة الأولى تتطلب من النظام وأعوانه جهدًا في الترتيب لها حتى تقع المعارضة في شراكها، فإن الاقتتال بين أطراف المعارضة الذي طالبت اللافتة الثانية بوقفه، يمنح فرصة مجانية للنظام للبقاء والاستمرار دون حاجة إلى بذل هذا الجهد.
ويقدم النظام السوري نفسه في المفاوضات التي يديرها المبعوث الدولي للأمم المتحدة "دي ميستورا" في جنيف، على أنه وحدة واحدة، ويركز دائمًا على فكرة الانقسامات بين المعارضة السياسية.
وها هي المعارضة المسلحة تمنحه أكسير الحياة، بعد أن تجاوزت فكرة الخلافات إلى اقتتال فيما بينها، كما يحدث في الغوطة الشرقية بين جيش الإسلام وفيلق الرحمن؛ حيث فقدت بنادقهما بوصلتها، وبدلا من أن تتوجه إلى النظام السوري لفك الحصار عن الأهالي انشغلت في الاقتتال الداخلي بينهما.
وبدأت المعارك بين جيش الإسلام، وفيلق الرحمن منذ 28 إبريل/نيسان الماضي، ولا تزال مستمرة إلى الآن، في مشهد يراه سوريون عبر صفحات الثورة السورية مفيدًا للنظام السوري، الذي قد يدعو المبعوث الدولي "دي ميستورا" إلى التفاوض بين أطراف المعارضة نفسها لتحقيق السلام، قبل أن يتفاوض بين المعارضة والنظام، حسب قول أبوهادي الحمصي على إحدى الصفحات.
وفي وقت ترفض فيه المعارضة السياسية استئناف مفاوضات جنيف، قبل تحسين الوضع الإنساني على الأرض وإيقاف نزيف الدم، كما غرد رياض حجاب المنسق العام لهيئة التفاوض على حسابه بتويتر قبل أربعة أيام، فإن الرد الذي قد يأتيها من الأمم المتحدة، هو أوقفوا نزيف الدم فيما بينكم قبل أن تطالبوا النظام السوري بوقفه.. فهل يحدث ذلك قريبا؟
المفكر السوري برهان غليون، تجاوز ذلك وقال "نحن نحتاج ليس فقط إلى وقف نزيف الدم بين الفصائل، ولكن إلى اتحادها أيضًا".
وأضاف، في تعليق على صفحته الرسمية بموقع "فيس بوك": "ما دامت هناك رايات ترفعها فصائل مسلحة غير راية الثورة السورية سوف يبقى العالم يتلاعب بنا، إلى أن يتم إنهاك هذه الفصائل التي تصطدم مع بعضها البعض ولن يوجه الغرب سهامه للعصابة الأسدية ومرتزقتها إلا إذا عادت قوى الثورة إلى رشدها واتحدت تحت قيادة مجلس عسكري موحد وغرفة عمليات واحدة".