البطالة "كابوس المسؤولين".. "العين" ترصد أزمة العمالة السورية بالأردن
مليون ونصف لاجئ سوري في الأردن يسعون للعمل وتوفير معيشة لعائلاتهم، خلقوا أزمة جديدة لترتفع وتيرة "الخوف من البطالة" في البلاد
"لقد درست الحقوق في جامعة دمشق، والآن أصبحت بائعاً للخضار في الأردن"، قالها لاجئ سوري يعيش بالأراضي الأردنية وهو أحد النماذج العاملة من أجل توفير معيشة لعائلتهم، فهو يؤمن حياة لستة أفراد لا تكفيهم "كوبونات" المفوضية السامية للاجئين للحصول على مواد غذائية.
وبراتب شهري 180 دينارا أردنيا عليه أن يوفر الحاجات الأساسية بقدر الإمكان لعائلته، في الوقت الذي يتقاضى الأردني الذي ليس لديه خبرة عملية 300 دينار كبداية.
بعد ارتفاع عدد اللاجئين السوريين في الأردن إثر هربهم من بلادهم التي مزقتها الحرب على مدار 5 سنوات، بدأت فرص العمل في عمان تعاني من انخفاضا واضحا أثر بدوره على نسب البطالة بين الأردنيين.
ناصر البلاونة صاحب مخبز في منطقة صويلح، رأى أنه مع الوقت ستشهد معظم القطاعات "إحلالا للعمالة الأردنية بالسورية، وستزيد نسبة البطالة بين الأردنيين وتتفاقم لديهم مشكلة إيجاد فرصة عمل للأسف، لشروطهم الصعبة".
وأوضح البلاونة لبوابة "العين" الإخبارية: " لقد استبدلت الكثير من العمالة الأردنية بالسورية لعدة أسباب، أولها أن العامل السوري يتميز بالتزامه في العمل وعدم غيابه المستمر، كما أن طريقة تعامله مع الزبائن جيدة، ولديه مهارات ومهنية عالية".
وأكد البلاونة أنه كصاحب محل يفكر في المصلحة العليا للتجارة التي يمارسها، عن طريق تقليل الرواتب إلى الحد الأدنى وزيادة حجم العمالة لديه، مشيرا إلى أن "وجود عامل أردني سيكلفني كثيراً لأنه لا يقبل برواتب منخفضة في البداية".
وعن وجهة نظر الشباب الأردنيين، قال طارق خصاونة الذي تخرج عام 2014 من كلية السياحة، إنه مازال يبحث عن عمل، مؤكدا أن "وجود العمالة السورية أصبح واضحاً ومؤرقاً بالنسبة للخريجين والراغبين في العمل".
وأضاف خصاونة لـ"العين": "يوجد أعداد كبيرة من السوريين ليس لديهم تصاريح عمل ويعملون بشكل مخالف ويحصلون على رواتب أقل من الأردنيين، فهم في الغالب مسجلون بالمفوضية ويحصلون على مساعدات منها وأيضاً هنالك تبرعات مستمرة من أهل الخير".
وأردف خصاونة قائلا: "في حين أن الأردني لا يحصل على أي مساعدة لذلك يطلب أجرا أكثر، فالشاب الأردني إذا لم يجد عملاً لن يتمكن من الزواج بمرور الوقت أو قد يتزوج في عمر متأخر، وهو ما سيؤثر على بنية المجتمع، أو قد يدفع الشباب إلى الانحراف نتيجة الضغط النفسي عليهم"، مؤكدا أن "التأثيرات السلبية لا يمكن أن نحصيها؛ لأن مشكلة البطالة نعاني منها قبل أن تحصل عملية اللجوء، والآن ستتفاقم".
نفقات مستمرة
ومن جانبه، قال منذر الشرع رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي في الأردن، خلال حديثه لبوابة "العين، إن عدد اللاجئين السوريين العاملين في سوق العمل الأردني يقدر بنحو 160 ألف عامل حسب دراسة أعدها المجلس قبل 6 أشهر، ومن المرجح أن يكون هذا العدد قد ازداد حالياً.
وأضاف الشرع أن هناك دراسات كثيرة حول التكلفة الاقتصادية للجوء السوري، فالكلفة المباشرة للاجئ السوري الواحد سنويا تتراوح ما بين 2000 – 2500 دينار، تغطي المساعدات الخارجية في أحسن الأحوال نحو 48% منها، بينما يتحمل الأردن الباقي، فضلا عن النفقات غير المباشرة متمثلة في استهلاك البنية التحتية من مياه وطرق وتعليم، بجانب مزاحمة السوري للعامل الأردني.
مهن مغلقة
وفي السياق ذاته، قال محمد الخطيب الناطق الإعلامي باسم وزارة العمل لبوابة "العين" الإخبارية، إن العمالة الوافدة من مختلف الجنسيات تشكل ثلث القوى العاملة في السوق الأردني، ويقدر عددها بنحو 315 ألف عامل حاصل على تصريح عمل رسمي، بحسب دراسات وزارة العمل لعام 2015، لا يتجاوز السوريين منهم 7 آلاف عامل.
ونفي الخطيب مزاحمة العامل السوري للعامل الأردني لعدة أسباب، من أهمها وجود اتفاقيات بين وزارة العمل وجميع القطاعات على إعطاء الأولوية للعامل الأردني، إضافة إلى وجود 19 مهنة مغلقة أمام السوريين ولا يجوز العمل بها وهي مجالات الطب، الهندسة، الإدارة، البيع، الديكور، المحروقات، وغيرها.
الأثر سيكون في المستقبل القريب
ومن جهة أخرى، رأى المحلل الاقتصادي عوني الداود أن العمالة السورية أثرت على قطاعات معينة بحد ذاتها بالنسبة للعمالة الأردنية، وتحديداً قطاعات الخدمات والمطاعم والاستراحات والسياحة والمخابز والحلويات وما شابه.
وأضاف الداود لـ"العين"، أن السوريين يتميزون بأنهم أكثر مهنية وقبولاً في هذه المهن، مؤكدا أنهم لم يؤثروا في المهن التي لا يعمل بها إلا الأردنيون كقطاع الإنشاءات والبناء، فعدد السوريين الذين اقتحموا هذا القطاع قليل مقارنة مع عدد العمالة الوافدة المصرية التي ما زالت تستحوذ على هذا القطاع، إضافة إلى قطاع الزراعة.
وتابع الداود: "بعد مخرجات مؤتمر لندن للمانحين 2016 سيكون أثر العمالة السورية في السوق الأردني باتجاهين، الاتجاه الأول يتعلق بضرورة واشتراط خلق فرص عمل للسوريين بعد الأردنيين في المناطق التنموية التي سيتم التوسع بإنشائها من أجل استقطاب المزيد من الاستثمارات، وفي المؤتمر تم إعلان أنه سيتم توفير فرصة عمل لسوري مقابل خمس فرص للأردني".
وأردف قائلا: "أما الاتجاه الثاني هو خلق فرص عمل للسوريين بالتنافس مع غيرهم من الجنسيات في الوظائف المتاحة لغير الأردنيين، وبالتالي من المتوقع أن يكون لهم أثر في المستقبل القريب، فيقدر عدد اللاجئين السوريين في الأردن بنحو مليون ونصف، وتقدر نسبة البطالة بشكل عام في الأردن بـ13% ، حسب تقديرات دائرة الإحصاءات العامة".