توتر جديد بين الجزائر وفرنسا.. اكتشف السبب
لم تمر زيارة السفير الفرنسي بالجزائر إلى منطقة القبائل (الأمازيغ) بردًا وسلامًا عليه؛ فقد أثارت تصريحاته استهجانًا واسعًا بالبلاد.
استهجن وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، تصريحات منسوبة إلى السفير الفرنسي، برنارد إيميي، تتحدث عن منح بلاده الأفضلية لسكان القبائل (الأمازيغ) في التأشيرات، وهو الأمر الذي سارعت السفارة الفرنسية إلى تفنيده واعتباره إشاعة لا أساس لها.
وصف وزير خارجية الجزائر اليوم تصريحات سفير فرنسا بالجزائر بشأن تسليم التأشيرات للجزائريين بـ"المؤسفة"، حيث قال في تصريح للصحافة على هامش استقبال مسؤول في الاتحاد الأوربي: "إذا كانت طبيعة التصريحات التي تم الإدلاء بها في ظروف لا أعرفها تطرح أسئلة من هذا النوع وتثير تعليقات وتساؤلات وتصورات مختلفة ومتعارضة، فهذا يعني أن هذه التصريحات كانت بالتأكيد مؤسفة".
وأضاف لعمامرة أن "مثل هذه التصريحات لا تزيد أي قيمة مضافة في العلاقات الثنائية وهي لا تخدمها بتاتًا، في حين أن مقتضيات مهنتنا كدبلوماسيين تشجع -في كل الظروف- التصريحات التي تجمع وليس تلك التي تفرّق".
وتابع قائلًا: "في الدبلوماسية التي هي مهنتنا لا يجب أن نميز بين مواطني البلد الذي نحن معتمدون فيه"، مشيرًا إلى أن "الدور الرئيسي للدبلوماسي المعتمد لدى رئيس دولة هو فتح جسور وترقية المبادلات وعلاقات الصداقة والتعاون".
وجاء رد سفارة فرنسا بالجزائر على تصريحات لعمامرة سريعًا، حيث أرسلت ردًّا مكتوبًا إلى وسائل الإعلام، ذكرت فيه أن فرنسا ليست لها أي سياسة كوتة فيما يتعلق بمنح التأشيرات، وأوضحت أنه معالجة طلبات التأشيرات يتم وفق مبدأ المساواة ودون أي تمييز.
وأشارت السفارة في ردها الموقع من مسؤولها للإعلام، إيلان دوفيان، إلى أن السفير لدى تنقله إلى مدينة تيزي وزو، لم يُدلِ بهذه التصريحات التي نسبت له، لكن ذكر في لقائه مع الجالية الفرنسية بالمدينة أن سكان هذه المنطقة يساهمون في العلاقات والمبادلات بين البلدين.
وكانت وسائل إعلام جزائرية قد نسبت إلى سفير فرنسا بالجزائر برنار إيميي خلال زيارته، يوم الثلاثاء، إلى مدينة تيزي وزو التي تعد أهم مدن منطقة القبائل، يقول فيها إن "60% من التأشيرات التي تصدرها سفارته موجهة لصالح سكان القبائل وأن 50% من الطلبة الجزائريين في فرنسا من منطقة القبائل".
وأخذت هذه التصريحات المنسوبة لرئيس فرنسا حيزًا كبيرًا من النقاش في وسائل الإعلام الجزائرية ومواقع التواصل الاجتماعي، وعززت من الاعتقاد السائد لدى بعض الجزائريين بأن فرنسا تسعى لاستغلال الخصوصية الثقافية واللغوية التي تتميز بها منطقة القبائل للتفرقة ما بين الجزائريين.
وتعد هذه المرة الثانية التي تعود فيها العلاقات بين الجزائر وفرنسا إلى التوتر، بعد أن انتهت زيارة الوزير الأول الفرنسي قبل 3 أسابيع بشبه أزمة بين البلدين، إثر نشر مانويل فالس صورة على حسابه في موقع تويتر تظهر الرئيس بوتفليقة في وضع شديد الإنهاك بسبب المرض.
ساركوزي "المستفز":
من جانب آخر، رد لعمامرة على تصريحات الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي الأخيرة التي اعتبر فيها الجزائر خطرا على جنوب البحر المتوسط بعد انهيار أسعار البترول، فقال إن "الاهتمام الذي أبداه هذا الشخص إزاء الجزائر من خلال صور نمطية ووصف كاريكاتوري مثير للتساؤلات".
وأضاف "ليست هذه المرة الأولى الذي يقوم بها هذا الشخص بهذا النوع من التعاليق تجاه الجزائر ولذا يمكننا أن نعتبر بأن الأمر يتعلق بحالة متكررة والتكرار لا يخدم أصحابه"، لافتًا إلى أنه "لا ينبغي للرأي العام الجزائري أن يعير اهتمامًا لهذا النوع من التصريحات المسيئة".
وغالبًا ما يتحدث نيكولا ساركوزي المحتمل عودته إلى رئاسة بلاده سنة 2017، بلغة مستفزة اتجاه الجزائر، حيث سبق وأن صرح قبل أشهر من تونس أن مستقبل الجزائر، في إشارة إلى مستقبل الحكم، ينبغي أن يعالج في منظمة "الاتحاد من أجل المتوسط"، وهو أثار استنكارًا واسعًا نظرًا لما اعتبر تدخلًا غير مسؤول في شأن داخلي للجزائر.