ليبرمان.. قنبلة موقوتة تضع المنطقة على حافة الانفجار

تعيين أفيغدور ليبرمان وزيرا للدفاع الإسرائيلي يثير مخاوف الفلسطينيين من المرحلة المقبلة

القنبلة السياسية التي فجّرها تعيين أفيغدور ليبرمان، وزيرًا للدفاع في حكومة الاحتلال، تشعل تخوفات جدية على الصعيدين الفلسطيني الإسرائيلي؛ من تداعيات هذا التعيين لمتطرف عُرف بمواقفه العنصرية وتهديداته الصاخبة بالحرب والمواجهة في كل الاتجاهات، بينما يرى آخرون أن الأمر لن يحدث تغييرًا جذريًّا على أداء حكومة قائمة على التطرف والعنف بالأساس.

ويستشعر الدكتور صالح النعامي، الخبير في الشأن الإسرائيلي خطورة التعيين، ويذهب إلى أن هذا القرار "ينذر بتحولات جذرية على صعيد المواجهة بين غزة وإسرائيل، لافتا إلى أن ليبرمان يعتبر "تفكيك معضلة غزة" (سيطرة حماس على غزة وتنامي قوتها فيها) قضيته الرئيسة، وهو يطمح أن يسهم نجاحه فيها في تهيئة الظروف أمام وصوله لرئاسة الوزراء.

لا كوابح

وبخلاف الأصوات التي تقلل من شأن هذا التعيين يؤكد النعامي أنه "يجب عدم الاستهانة بمواقف ليبرمان المعلنة من غزة ومن حركة حماس"، موضحا أن الانطلاق من افتراض مفاده أن ليبرمان سيكون أكثر "انضباطاً" عندما يكون في الحكم والمسؤولية.. افتراض قد ينسفه الواقع، لسبب بسيط، وهو عدم وجود كوابح يمكن أن تفرمل ليبرمان، سواء على الصعيد الداخلي، حيث إن حزبه سيمثل لسان الميزان وبالتالي لا يمكن أن يخاطر نتنياهو بمواجهة معه، الواقع الإقليمي يمثل فرصة سانحة له.

وسبق أن دعا ليبرمان إلى استخدام القوة حتى إنهاء حكم حماس بغزة، كما دعا لاغتيال قادتها إذا لم تسلم الجنود الإسرائيليين الأسرى.

تهديدات دون نتائج

أما الخبير في الشأن الإسرائيلي محمد دراغمة فيرى أن ليبرمان لن ينجح في تحقيق تهديداته الدموية، مذكرا بأنه عندما كان رئيس حكومة الاحتلال الحالي بنيامين نتنياهو رئيسا لتكتل المعارضة أيام حرب 2008 على قطاع غزة وقف ضد التهدئة التي توصل له يهود أولمرت رئيس حكومة الاحتلال آنذاك، وكانت تصريحات نتنياهو أشد من تصريحات ليبرمان هذه الأيام ضد المقاومة في القطاع.

وأضاف "عندما وصل نتنياهو للسلطة في العام 2009 وشن حربي 2012 و2014 على قطاع غزة لم يحقق عسكرياً ما أراده وهو إسقاط حكم حماس والقضاء على الصواريخ من قطاع غزة.

وتابع "بالتالي ليبرمان إن تسلم وزارة الحرب لن يكون بمقدوره فعل أكثر مما فعله أولمرت ونتنياهو وهو الانتصار بحجم الدمار الذي يزرعونه في قطاع غزة، وفي قتل الشيوخ والنساء والأطفال"، مشددا على أن كل تلك الحروب والقضاء على المقاومة في قطاع غزة أمر غير ممكن عسكريا، وهذا ما اعترف به قادة كبار في جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وليبرمان زعيم يميني متطرف إسرائيلي، كان يترأس منصب وزير خارجية إسرائيل منذ بداية 31 آذار 2009 في حكومة نتنياهو حيث قدّم استقالته في 3 أيار 2015 وصرح بعدم مشاركته في الحكومة الحالية، وهو نائب رئيس الحكومة وزعيم حزب إسرائيل بيتنا.

فائدة فلسطينية!

بدوره، يقلل المحلل السياسي الدكتور نهاد الشيخ خليل من أهمية المخاطر المترتبة على تعيين ليبرمان، ورأى أن ذلك "لا يعني شيئاً سواء على الصعيد الاستراتيجي أو التكتيكي؛ لأن قادة جيش الاحتلال ومؤسساته اكتسبوا خبرة في تقييد سلوك السياسيين!".

في المقابل يرى الشيخ خليل أن وجود ليبرمان في وزارة الجيش قد يكون مفيداً لنشاط فلسطيني على مستوى العالم يفضح الاحتلال، ويدعو لعزل دولته، ومقاطعته في كافة المجالات!

مخاطر عملياتية

وينبه الخبير في الشأن الإسرائيلي محمود مرداوي إلى عدم التهوين في وصول ليبرمان إلى قرار تحريك الجيش وإصدار الأوامر له في أي تصعيد في غير مكانه.

وقال: "على مستوى استراتيجي فلن يكون أي اختراق في مفهوم الأمن والسياسة الخارجية لليبرمان، لكن في البعد العملياتي التكتيكي فأنا لا أنصح أحدا بالتهوين من تأثيره".

تباين إسرائيلي

إسرائيليا، يبدو هناك أيضا تباين في وجهات النظر مما يمكن أن يحدثه تعيين ليبرمان وزيرا للجيش الإسرائيلي.

ففي حين يرى الكاتب في صحيفة معاريف بن كاسبيت أن كل من يتوقع أن تنشب حرب كبرى الآن، ويقصف سد أسوان وتدمر طهران، لا يفهم بالليبرمانية، في إشارة إلى تهديدات سابقة لليبرمان لوّح فيها بقصف السد المصري واستهداف طهران.

ولكنه أقر بأن "أحدا لا يفهم الليبرمانية. ولا حتى نحن المحللين"، مستدركا "ليبرمان ليس المجنون الذي يقنع نفسه بأن يصدق بأنه هو. فهو يفهم الأمور. فيه رسمية ومسؤولية (عندما لا يكون في المعارضة)، يتحدث بالإنجليزية بشكل مختلف تماما عن الروسية والعبرية. لن تكون حرب، تقدموا".

بينما كتب جدعون ليفي على صحيفة هآرتس مقالا تحت عنوان "جهزوا الملاجئ"، اعتبر فيه أن "اختيار ليبرمان وزيرا للدفاع هو كتمزيق القناع والكشف عن وجه "إسرائيل" الحقيقي"؛ وقال: "حدث شيء ما في إسرائيل يُحظر الاستخفاف به ولو للحظة، مجرد الاقتراح على ليبرمان بأن يكون وزير الدفاع الـ 18 لدولة إسرائيل هو رفع علم أسود لم يسبق أن رفع مثله، وتجاوز لخط أحمر لم يسبق أن تم تجاوزه".