الصحافة بالأردن بين القمع والحرية.. اتهام دولي وإنصاف محلي
صحفيون: الاستطلاع المحلي موجه.. والمعلومة هي الأهم
الصحفي الأردني بين التقارير الدولية التي صنفت بلاده تحت الدول غير الحرة، والتقارير المحلية التي أقرت حالة الحرية الصحفية "متوسطة"
الحرية التي تمنح للصحفي في أداء تقاريره وجمعه للمعلومات، تعكس مدى وعي المجتمع ومدى تدخل السلطة في عمله، سواء بالقمع أو الدعم، وحسب تقرير حرية الصحافة لمنظمة "فريدوم هاوس" الأمريكية، لا تزال الأردن من الدول غير الحرة صحافيا، رغم إظهار التقارير المحلية حالة الحريات الإعلامية بالبلاد "متوسطة".
وربما يكون تقرير المنظمة الأمريكية المستقلة وضع الأردن في خانة الدول غير الحرة، ولكن العديد من الصحفيين الأردنيين يجدون أنهم يعيشون حرية متوسطة بالفعل، بل يصفها بعضهم بالممتازة مقارنة بما يعيشه الصحفي في الدول المجاورة وسط اعتقالات وتهديدات مستمرة، ولذلك التقت بوابة "العين" مجموعة من الصحفيين بالأردن للوقوف على ماهية الحرية بالبلاد.
تقرير حالة الحريات الإعلامية
قال نضال منصور، الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحفيين بالأردن، إن حالة الحريات الإعلامية تتصف بالمتوسطة والجيدة، مشيرًا إلى أن برنامج "عين" المخصص لرصد وتوثيق الانتهاكات الواقعة على الإعلاميين، رصد 12 استمارة شكوى بحق انتهاكات لحرية الإعلام فقط خلال عام 2015، بينما رصد فريق البرنامج 9 حالات.
وأضاف منصور، حسب التقرير السنوي لحالة الحريات الإعلامية في الأردن الذي نفذه المركز خلال ديسمبر/كانون الأول 2015، تبين أن 5.72% من الصحفيين لم يتعرضوا لمضايقات أو انتهاكات خلال العام الماضي، فيما أظهرت النتائج أن 4.98% من ممارسي الإعلام لم يتعرضوا لأي توقيف أو محاكمة بقضايا تتعلق بعملهم.
وأشار الاستطلاع إلى أن 9.82% من الإعلاميين لا يتعرضون لأية محاولات احتواء أو إغراءات، فيمَ قال حوالي 34 زميلا يعملون بالقطاع الإعلامي الخاص إنهم تعرضوا لمحاولات احتواء وامتيازات وإغراءات خلال عملهم الصحفي.
وقال نحو 1.60% من المستجيبين إن ظاهرة كتابة الأخبار وتحقيقات مدفوعة الأجر منتشرة بدرجتين كبيرة ومتوسطة في الصحف اليومية، في حين قال نحو 5.80% إن الظاهرة منتشرة في المواقع الإلكترونية.
وبينت النتائج أيضا أن وسائل التواصل الاجتماعي تحوز على ثقة المواطنين بدرجتين كبيرة ومتوسطة وبنسبة موافقة وصلت إلى 74.1%، في حين وجد ما نسبته 7.79% من المستجيبين بأن وسائل التواصل الاجتماعي أسهمت في تعزيز مشاركة الناس وإبداء آرائهم في الأردن.
ومن جانبه، قال نقيب الصحفيين بالأردن طارق المومني، إن الحرية الصحفية في الأردن تمر بحالة تذبذب، مؤكدا ضرورة التقدم الدائم والمستمر بما يحقق للصحفي الحماية والأمان وألا يشعر بتغول السلطة عليه.
وتابع المومني: "ولكن لنعترف أننا إلى هذه اللحظة يوجد اعتقالات وغيرها من الطرق التي تضيق الخناق على الصحفي، يوجد في الأردن ما يقارب 1100 صحفي مسجلين في النقابة وهو عدد لا يمكن الاستهانة به، نتوقع أن يتحسن الحال في المراحل القادمة ونسعى بشكل دائم إلى تعديلات قانونية تعزز من حرية الصحافة.
حالة تحتاج إلى مراجعة
في السياق ذاته، رأى عمر محارمة الكاتب الصحفي في جريدة الدستور الأردنية، أن تقرير حالة الحريات في الأردن لا يعكس واقع هذه الحريات، "فمن الواضح أن الأسئلة التي وضعت في الاستطلاع الذي شارك فيه الصحفيون صيغت بطريقة توجه نتائج هذا الاستطلاع مسبقاً".
وأضاف محارمة لبوابة "العين" الإخبارية، "ما شهدناه خلال العام الماضي من عمليات توقيف للصحفيين وصدور قرار يجيز حبس الصحفيين ورواد شبكات التواصل الاجتماعي استنادًا للمادة 11 من قانون الجرائم الإلكتروني، هي دلائل أن الحريات في الأردن تراجعت بشكل كبير".
وتابع محارمة: "وأشير هنا إلى تقرير فريدوم هاوس الصادر العام الماضي، الذي صنف الأردن بلدًا غير حر صحفيًّا، بعد أن بقي لسنوات سابقة في خانة بلد حر جزئيًّا".
وأكد محارمة أن حالة الحريات في الأردن تحتاج إلى مراجعة شاملة على المستوى الإجرائي والتشريعي، لتلبي طموحات المواطنين بشكل عام والصحفيين بشكل خاص، مشددا على أنه "لا يكفي مقارنة حالة الحريات في الأردن بدول المحيط العربي التي تعاني معظمها من مستويات متفاوتة من القمع والتضييق".
وأشار محارمة إلى أن انتشار استخدام الإنترنت وتزايد دور وفاعلية مواقع التواصل الاجتماعي والصحافة الإلكترونية، تفرض على الصحفيين الأردنيين الارتقاء بمستوى عملهم ورفع سقف حرياتهم إلى مستوى يعيد الثقة فيهم ويجاري "الفضاء المفتوح" على الشبكة العنكبوتية بطريقة مهنية منضبطة.
تفعيل قانون حق الحصول على المعلومة
وفي الجهة الأخرى، رأت الصحفية الأردنية نادين النمري من جريدة الغد، أن الصحفي في كل دول العالم يعاني من تضييقات، وبالنسبة للصحفي الأردني فإن حالة الحريات المحيطة به هي حالة متوسطة مقارنة مع الدول المحيطة بنا وما يعيشه الصحفيون من اعتقالات وتردٍ للوضع العام.
وأضافت النمري أنه على الصعيد العملي "دون شك يوجد حالات توقيف للصحفيين بجانب عدم حصولهم على المعلومة التي يبحثون عنها من خلال قانون حق الحصول على المعلومة، إضافة إلى منع بعض الصحفيين من التواجد في بعض المناسبات والفعاليات".
وشددت النمري على ضرورة تفعيل قانون حق الحصول على المعلومة بشكل أكبر في الأردن، وأن تتعاون كافة الجهات الحكومية والأمنية مع الصحفي الذي يبحث عن الحقيقة كجزء من دوره في المجتمع.