جاء إعلان إيران عن موقفها النهائي الرافض تمكين مواطنيها من أداء فريضة الحج لهذا العام ختاما لمفاوضات استمرت أشهرا
جاء إعلان إيران أخيرا عن موقفها النهائي الرافض تمكين مواطنيها من أداء فريضة الحج لهذا العام ختاما لمفاوضات استمرت أشهرا، حاول فيها الإيرانيون أن يفوزوا بامتياز «تنظيم مظاهرات وأعمال شغب» في المشاعر المقدسة تحت مسمى «مراسم البراءة»، وأصروا على عدم توقيع اتفاقية الحج التي تمنع مثل هذه الممارسات الغوغائية كونها تهدد أمن وسلامة حجاج بيت الله.. لكن ما سر هذا الإصرار الإيراني على رفض التوقيع، ألا يمكن للسلطات الإيرانية أن توقع ثم تدع حجاجها يفعلون ما يريدون ويواجهون مصيرهم قانونيا؟ أليس هذا الإصرار على الرفض هو بحد ذاته تأكيد على أن حكومة طهران كانت تجهز بعثتها للقيام بعمليات مشبوهة وهو ما يجعل توقيعها على الاتفاقية مانعا لها من الاعتراض على الإجراءات الأمنية التي كانت ستتخذها السلطات السعودية بحق من سينفذون تلك العمليات؟!
من المعروف أن سلوك السلطة الحاكمة في إيران منذ استيلاء الخميني على الحكم سلوك عصابات وتنظيمات إرهابية لا سلوك حكومات دول، وسبق أن أشرت في مقال آخر إلى أن دولة الملالي في إيران لاتختلف في حقيقتها عن دولة أبو بكر البغدادي في العراق وسورية، فكلاهما تنظيمان إرهابيان يدعيان أنهما دول، وإذا كان العالم اليوم يختصر مسمى دولة البغدادي بمصطلح «داعش» فإن اختصار مسمى «جمهورية إيران الإسلامية» في ظل قيادة مرشدها الأعلى خامنئي هو تنظيم «جاس» الإرهابي، وعليه يمكننا توقع ما الذي كانت طهران تخطط له في حج هذا العام للثأر من السعودية بعد خسارتها الفادحة في اليمن نتيجة عاصفة الحزم التي قادتها الرياض بكل قوة وقطعت بها يد المشروع الإيراني التي حاولت أن تمتد في الظلام إلى جبال الجزيرة العربية.
أغلب الظن أن الحرس الثوري الإيراني (الذراع العسكرية لتنظيم «جاس» الإرهابي) وضع خطة محكمة لتخريب حج هذا العام بإثارة الفوضى والشغب وإراقة دماء الحجاج عبر عمليات إرهابية ضخمة للثأر من المملكة وتصويرها كدولة غير قادرة على ضمان سلامة الحجاج.. ومتوقع أيضا أنه درب على هذه الخطة مجموعات كبيرة من أفراده الذين كان مقررا أن يصلوا إلى المشاعر المقدسة بصفة حجاج لتنفيذ الجريمة، لكن صرامة الرياض في تحميل حكومة طهران مسؤولية ما سيحدث عبر إلزامها بتوقيع الاتفاقية أفسد الخطة، فتوقيع الإيرانيين يعني أنهم لن يتمكنوا من الدفاع عن أي فرد من أفراد بعثتهم أو المطالبة بدمه إن خالف القانون وما تضمنته الاتفاقية، كما أن الحكومة الإيرانية ذاتها ستكون المسؤول الأول أمام القانون عن أي عمل إرهابي يرتكبه أفراد بعثتها.. هنا كان لزاما على طهران أن تلجأ إلى (الخطة ب) عبر رفض التوقيع وادعاء المظلومية وممارسة اللطم والنواح الإعلامي والسياسي حول ذلك، وبالطبع ستفشل في إيجاد أي جهة على استعداد لتصديقها أو التعاطف مع ادعاءاتها، تماما كما فشلت في تنفيذ (الخطة أ)، وكما ستفشل في كل مواجهة مع السعودية مستقبلا.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة