تروج للسياحة "سيرا على الأقدام".. إسكندرية مختلفة بعيون مرشدة مصرية
مزجت بين الأدب والتراث للترويج لمدينة الإسكندرية
مرشدة سياحية مصرية تبتكر طريقة جديدة للترويج لسياحة بلادها، تمزج فيها بين الأدب والتاريخ لترى الإسكندرية بعيون مختلفة.
تجربة جديدة تعيشها الزهراء عادل عوض، المرشدة السياحية بنت مدينة الإسكندرية الساحلية المصرية، بعد أن ابتكرت طريقة جديدة للترويج لسياحة بلادها التي تعاني بعض الركود بتنظيم جولات إرشادية للمصريين والعرب والأجانب المقيمين بمصر عبر جولات ترويجية سيرا على الأقدام.
تجربة الزهراء، المتخصصة في السياحة التراثية، تنطلق في أشهر الأماكن التاريخية أو الأمكنة في مدينة الإسكندرية الساحلية، المرتبطة بالأدب والتي تناولها في أعمالهم أدباء مصريون وأجانب منهم نجيب محفوظ وإبراهيم عبد المجيد.
تنظم الزهراء تلك الجولات بشكل تطوعي منها، وتقول في حديث لبوابة "العين" الإخبارية "راودتني فكرة الجولات الإرشادية سيرا على الأقدام من جولة شكسبير في لندن، لذا فكرت في عمل جولات إرشادية للسياح باللغتين الإنجليزية والفرنسية، والتي تدور حول الأمكنة التي عاش فيها أو كتب عنها أدباء أجانب، مثل: كفافيس أو لورانس داريل أو فورستر".
وتتابع: وجدت أن الأدب المصري غني بالأمكنة التراثية التي يعشقها المصريون والأجانب على حد السواء، وكثير من الشباب لا يعلم عن تاريخها شيئا، لذا بدأت بعمل جولات باللغة العربية للمصريين، وبدأت بالكاتب إبراهيم عبد المجيد، وفي ديسمبر أنظم جولة بعنوان "ميرامار" في إسكندرية نجيب محفوظ.
وتقول الزهراء عن جولة "لا أحد ينام في الإسكندرية" وهو نفس اسم رواية للأديب إبراهيم عبد المجيد: "كانت مشاركة الأديب إبراهيم عبد المجيد في الجولة أمرا رائعا، وكان تفاعل الجمهور معه مثيرا حيث كان يسرد لهم ذكرياته الشخصية وكانوا يبادلونه التعليقات والتساؤلات حول الرواية".
تضيف "بدأت الجولة في التاسعة صباحا واستمرت حوالي 3 ساعات وتضمنت أماكن ذكرها الأديب في الرواية منها حي كرموز وحي العطارين وحي المنشية، منطقة الجندي المجهول والقنصلية الفرنسية والكنيسة اليونانية إيفاجلسيموس وكنيسة سانت كاترين وترعة المحمودية".
وتدور أحداث "لا أحد ينام في الإسكندرية" عن الإسكندرية في فترة الحرب العالمية الثانية، عندما كان يعيش فيها أكثر من 60 جنسية في تناغم تام، وتتنوع فيها الديانات ودور العبادة.
ويسرد عبد المجيد عبر قصص حب بين مصريين وأجانب على لسان أبطاله روايته الأحداث المأساوية التي وقعت في المدينة جراء الغارات الجوية، والتي أدت إلى أن يترك أهالي الاسكندرية المدينة ويهيموا على وجهوهم في المدن المجاورة لها.
وكغيرها ممن يعملون في مجال السياحة تعاني الزهراء من الأوضاع الصعبة التي يمر بها هذا القطاع، وتقول "من النادر أن تجدي سائحا في القاهرة أو في الإسكندرية.. السياح يفدون إلى شرم الشيخ أو الأقصر وأسوان".
وتضيف المرشدة السياحية المصرية التي تلقت مؤخرا تكريما من إحدى شركات السياحة الأمريكية لجهودها المتميزة في مجال الإرشاد: "عمل المرشد عادة ما يكون باليوم في الماضي كنا نعمل يوميا، ووزارة السياحة حددت سعرا للمرشد يترواح من 150 إلى 300 جنيه في اليوم، وهو أمر كان يعين المرشد على الحياة، لكن في 2011 توقفت السياحة".
وفي محاولة لاستثمار تاريخ مدينة الإسكندرية والتي احتضنت عائلات إيطالية ويونانية وسويسرية وبريطانية، فكرت الزهراء في مراسلة أحفاد العائلات الكبرى التي عاشت في الإسكندرية لدعوتهم للعودة مرة أخرى وزيارتها، معتبرة أن هؤلاء لديهم معلومات قيمة عن تاريخ المدينة ويودون القيام بأي شيء من أجل مصر وعودة السياحة إليها، وبالتأكيد زيارتهم مرة أخرى سوف تلقى صدى واسعا وسوف تعيد السياحة مرة أخرى للمدينة.
وحول العلاقة الحميمة مع العائلات السكندرية ذات الأصول الأجنبية، قالت "كانوا دوما ورغم ابتعادهم عن الإسكندرية لعشرات السنين يبحثون عن أي شيء يتعلق بالإسكندرية ويسألون عن أحوال المقاهي والمطاعم، وبيوتهم، فكنت أرسل لهم صورا لها مساهمة مني في إشباع الحنين الجارف لديهم، ثم أنشأت صفحة على فيسبوك بعنوان (Alexandria Belle Époque) والتي جذبت عددا كبيرا من العائلات الأوروبية التي كانت مقيمة بالإسكندرية".
استكملت المرشدة السياحية الشابة جهودها في الترويج للمدينة، فراسلت موقع "تور إيجيبت" التابع لوزراة السياحة المصرية، وكتبت مقالات باللغة الإنجليزية عن الإسكندرية، ووجدت إقبالا كبيرا من السياح للتعرف على المدينة. وتستكمل "قبيل الثورة المصرية فكرت في إعداد جولات سياحية عن "الإسكندرية في الأدب الغربي" كتسويق للمدينة وكنوع من التسويق لنفسها وعملها أيضا، بعدها نظمت جولات "يهود الإسكندرية"، "سياحة الجذور"، "البيوت القديمة" والأحياء القديمة"، وتقول: "قمت بالترويج لنفسي عبر عدد من مواقع السياحة الأجنبية وأصبحت شركات السياحة الأجنبية تتصل بي مباشرة للتنسيق، كما وجدت مجلات وصحفا أجنبية تتصل بي للحديث حول تلك الجولات، ومنها: التايمز، والجارديان، والمونيتور، فبدأت الناس تراسلني وتطلب الجولات".
ومن القصص الإنسانية المؤثرة التي ترويها الزهراء عن العائلات التي أجبرت على ترك الإسكندرية عقب ثورة يوليو/تموز 1952، تروي "كانت بطلة إحداها سيدة يونانية، طلبت مني التجول في منطقة كفر عبده بحي رشدي (شرق) الإسكندرية حيث كانت تقطن في الماضي، حيث ترك أهلها الإسكندرية وعمرها 8 سنوات، والدها كان يملك محالج قطن واضطروا للسفر خلال 72 ساعة، كانت تسير تتلمس جدران المباني، وبعد ساعة من التجول وجدت فيلا فصرخت، قائلة: (هذه هي الفيلا.. هذا كان منزلنا).. جلست تصف لحارس الفيلا حجرة حجرة فيها، وبالفعل جعلها تتحدث لمالك الفيلا الحالي الذي استضافها وكانت تتحدث عن كل ركن وعن ذكرياتها حتى الحديقة كانت تصفها بمكان الأشجار وألوان الزهور، وأخذها في جولة وكانت دموعها تنهمر من شدة تعلقها بالمكان".
وتؤكد "هناك الكثير من الحكايات والقصص لمن تركوا الإسكندرية فشعور هذه السيدة وبكاؤها جعلني أشعر بمعاناتهم، لذا أحاول مساعدتهم ولو بالصور الفوتوغرافية خاصة كبار السن منهم، لدرجة أن إحداهم عندها ألزهايمر لكنها فقط تتذكر الإسكندرية!!"