رسائل عدة للدكتور أنور بن محمد قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات بشأن غزة خلال جلسة حوارية في قمة الإعلام العربي بدبي.
وحول الوضع في فلسطين، قال قرقاش إن القضية الفلسطينية ليست جديدة، ولكن ما نشاهده الآن هو مستوى العنف الآخذ في الأبعاد الأكثر عنفا ووحشية، مضيفا أنه لابد من التمييز بين الواقع الإنساني والواقع العملي في هذه القضية.
وأوضح أنه في الواقع الإنساني قائلا: "نحن كعرب وفي دولة الإمارات العربية تحديدا تربينا على عدالة القضية الفلسطينية ولا يسعنا إلا أن نتعاطف معها تعاطفا كاملا، خاصة في ظل ما نراه الآن من بشاعة ووحشية ضد غزة وما شاهدناه من بشاعة في رفح والتعرض للعزل والمستشفيات".
عدالة القضية
وأضاف: "ومن هنا نحن نقدم كل الدعم والتعاطف الدائمين للقضية الفلسطينية. كما أقول لسنا فقط المتعاطفين في منطقتنا مع فلسطين بل كل إنسان والعالم كله العالم متفق على هذا الدعم والتعاطف".
وأكد قرقاش إيمان دولة الإمارات الراسخ بعدالة القضية الفلسطينية، كما أن سياسة الاحتواء في حل الوضع في غزة فشلت فشلا ذريعا، خاصة في ظل الظلم والقهر والعنف، وخاصة في ظل حكومة يمينية متطرفة في إسرائيل.
وقال: "ومن ذلك أعود وأؤكد أنه من الناحية الإنسانية وبعد 7 أشهر من هذه الأحداث ما زالت أولويتنا الجانب الإنساني فنحن ما زلنا نعد عدد الشاحنات لهذا الشعب الفلسطيني الذي يحتاج إلى كل دعم".
وفي هذا السياق، لفت قرقاش إلى أنه زار قطاع غزة مرتين ويعرفه بقعة بقعة، وبالتالي يعرف جيدا حجم مأساته ومعاناته، ويضيف: "ومن هنا أقول إن دولة الإمارات ركزت وتركز على الجانب الإنساني بشكل رئيسي بالعمل على تقديم وإطلاق مبادرات نوعية في هذا الشأن".
أما فيما يتعلق بالجانب السياسي، يقول قرقاش إن سياسة الاحتواء انتهت ولا بد من تحديد خطوط وخريطة طريق واضحة لإحياء دولة فلسطينية ذات قرار وسيادة.
وقال في هذا السياق إن هناك قرار المحكمة الجنائية الدولية، والاعترافات الأوروبية بالدولة الفلسطينية، وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، مؤكدا أن "كل هذا زخم يجب أن نوظفه، خاصة وأن إسرائيل تفقد حضورها على الساحة الدولية".
ولفت المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات إلى أن هذا الحق في الدولة الفلسطينية يجب أن يتم وفق خريطة واضحة لإقامة هذه الدولة، مشيرا إلى أن هذا تحد لإسرائيل لقبوله، لأن وجود دولة فلسطينية هو ضمان أيضا لوجود دولة إسرائيلية آمنة.
وأضاف: "وبالتالي، لا بد أن نؤكد على العلاقة الترابطية بين الدولتين، ووجود دولة فلسطينية عاصمتها القدس ذات سيادة كاملة هو ضمان لأمن إسرائيل وبالتالي ضمان لأمن الدولة الإسرائيلية".
حل الدولتين
وردا على الحديث عن حل الدولتين، قال قرقاش: "هذا الحل لن يبقى حالما إلا إذا تبعته خطوات تنفيذية حقيقية. وأقول إن هناك تحركا عربيا لإعداد خريطة لاستغلال ذلك الزخم"، منوه إلى أن المنطقة لا تتحمل المزيد من الاضطرابات وسقوط هؤلاء الضحايا.
وذكر قرقاش بما نراه من آلاف الأيتام وحول من يتحمل مسؤولية ذلك، قال إن الدولة الوطنية تعثرت وأصبحت غير موجودة في العديد من الأماكن، فهناك المليشيات التي تسيطر على الدولة، وهناك سهولة التدخل الخارجي في بعض الدول، وهناك الكثير من القوى الرافضة للدولة الوطنية.
وأضاف أنه بالتالي "هناك أجزاء كبيرة من الوطن العربي عاجزة وغير حاضرة في المشهد، أقول وأضيف على ذلك أن هناك حملة عربية لجلد الذات، وبالتالي هناك حملة ضد مصر لجلد الذات أيضا. وهؤلاء لا يقدرون أن مصر قدمت 100 ألف شهيد في حروب فلسطين".
وأضاف: "وهذه النقطة ضرورية، لا يمكن لوم أي دولة عربية فيما يحدث الآن، ومنذ أكتوبر/تشرين الأول، القضية الفلسطينية هي القضية الحاضرة على الساحة العربية وهي الأولى رسميا وشعبيا، والكل أدرك أن المسار السياسي هو المسار الأساسي".
وتابع: "والكل أدرك أن المسار السياسي هو المسار الأساسي منذ سنوات وحتى الآن، فقد تم تحرير سيناء عبر هذا المسار، وتم إقامة السلطة الفلسطينية عبر هذا المسار من خلال اتفاق أوسلو. وما يفعله حاليا هو أن اليمين المتطرف يحاول إيجاد الكثير من الخلل في هذا المسار وتعطيله".
وردا على سؤال: هل يشكل الوضع في غزة تغييرات جديدة في المنطق، كانت إجابة قرقاش أن "هذا سؤال يتعلق بالنظام الدولي. النظام الدولي حاليا هو نظام خلق لمرحلة سابقة انتهت، وهذه المرحلة لم تعد قائمة وموجودة، ولكن ما هو موجود بعض من أجزاء هذا النظام ما زالت قائمة".
وأضاف: "مثال على ذلك نجد ازدواجية المعايير بين فلسطين وأوكرانيا، لذلك لا يمكن انتقاده لأنه بالفعل موجود وسبب ذلك وجود نظام دولي يعاني من خلل كبير، ولكن الرد الحقيقي يكون من خلال تكوين كتلة عربية مهمة تتعاون لرفع قضايانا وسط هذا بعيدا عن جلد الذات. لا يوجد نظام دولي في ظل الظروف الحالية قادر على أن يتبنى أو يصلح أو يتبنى الكثير من التوجهات مثل هذا التوجه".
توجهات الإمارت
وخلال الجلسة تم توجيه سؤال حول هو توجه الإمارات اليوم، وأجاب قرقاش: "أقول لك، انظر إلى زيارة رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة لكوريا الجنوبية والصين، هي زيارة أولا من باب تعزيز وتعدد جسور دولة الإمارات الخارجية".
وأضاف: "وثانيا، هي لتأكيد البعد الاقتصادي سواء داخليا ونحن نعرفه أو إقليميا عبر شراكات كبيرة مثل رأس الحكمة، مثل الاتفاق الاستثماري لرأس الحكمة في مصر، وإعادة تفعيل الاتفاقات مع تركيا، والعلاقات الكبيرة مع السعودية، وبناء جسور مع إيران تتركز على البعد التجاري. نريد أن نعزز السياسة ونقلل من ضرر السياسة الخارجية للإمارات".
وقال إنه في هذا السياق، "نتوجه نحو الاقتصاد. نحن نتوجه فعليا للتركيز نحو الاقتصاد، وما يحدث حاليا هو الانتقال من التركيز على الاقتصاد إلى التركيز على الجانب التكنولوجي الذي أصبح، وخاصة القطاعات التكنولوجية، النجاح. إذاً نحن ننتقل الآن للتركيز من الاقتصاد إلى التكنولوجيا".
وقال: "نحن مشغولون أيضا بملفاتنا الإقليمية، وفي مقدمتها العديد من القضايا وأبرزها حالياً القضية الفلسطينية. إلا أننا نخصص أيضا جزءا رئيسيا من جهودنا نحو المستقبل، وخاصة كما نرى هو توجه تكنولوجي في الأساس. وأعود لأكرر: هذا زاد من إيماننا في دولة الإمارات العربية بالعمل العربي المشترك".
وعاد قرقاش للحديث مرة أخرى عن النظام الدولي وقال: "نحن في نظام دولي مريض، ولذلك نحاول ألا نهمل. نحاول أن يكون لدينا حضور عربي وألا نهمل تكوين هذا الجهد والتكتل العربي حتى تكون قضايانا مسموعة وسط قضايا الآخرين في هذا النظام الدولي المريض".
وأضاف: "أؤكد على جانب مهم، وخصوصا الإعلام. بغض النظر عن التكنولوجيا والتحدي التكنولوجي الذي يفرض نفسه على الإعلام، بالنسبة لي كمتابع وقارئ للمحتوى، أجد أن المحتوى هو الأهم. أحيانا تكون سرعة الخبر مهمة حتى نكون على اطلاع، ولكن مسألة المحتوى وبعد الخبر والتأكيد على أن المحتوى يقدم قيمة مضافة هي الأهم".