فلسطينيون: القضاء الإسرائيلي عاجز عن محاسبة المجرمين اليهود
بعد إحراق عائلة دوابشة بزجاجات حارقة
إسرائيل تعلن اعتقال أربعة يهود أحرقوا عائلة دوابشة وانتمائهم إلى منظمة إرهابية.
لم يبدد إعلان إسرائيل رسميًّا اعتقال مجموعة من الشبان اليهود المتورطين في إحراق وقتل أفراد عائلة دوابشة في يوليو الماضي بقرية دوما شمال الضفة الغربية، مخاوف الفلسطينيين من إجراء محاكمة شكلية تنتهي بالإفراج عنهم تحت أي ذريعة من الذرائع كما حدث في وقائع سابقة.
سُمح بالنشر
وقالت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية أن أجهزة أمن الاحتلال سمحت نشر أنها اعتقلت خلال الأيام الأخيرة عددًا من الشبان اليهود، للاشتباه فيهم بارتكاب الاعتداء الذي وقع في قرية دوما في نابلس وارتكاب اعتداءات إرهابية أخرى، كما يُنسب إلى هؤلاء الشبان الانتماء إلى شبكة إرهابية يهودية.
وكانت جريمة حرق عائلة دوابشة فجر الجمعة 30 يوليو الماضي، بعد أن ألقى مستوطنون زجاجات حارقة على منزل العائلة، وتسبب ذلك بحريق كبير في البيت قضى فيه حرقًا الطفل الرضيع علي دوابشة، 18 شهرا، وكذلك توفي لاحقا والداه الأب سعد والأم المربية رهام، متأثرَين بالحروق البالغة التي أصيبا بها، بينما لا يزال الطفل أحمد، 4 سنوات، الناجي الوحيد، يتلقى العلاج نتيجة الحروق التي أُصيب بها.
وكشف موقع (0404) الإسرائيلي، أن جهاز الأمن العام الإسرائيلي اعتقل المنفذين الذين يشتبه في انتمائهم إلى منظمة إرهابية يهودية شابة وتنفيذ هجمات إرهابية.
4 من عصابة إرهابية
ووفقًا للمعلومات التي رُشحت حتى الآن فإن جهاز الأمن العام الإسرائيلي (شاباك) والشرطة الإسرائيلية اعتقلا 4 مشتبه بهم بتنفيذ جريمة الحرق والقتل البشعة.
ومع ذلك قال مصدر أمني إسرائيلي لصحيفة "يديعوت أحرونوت" إن اعتقال المتهمين لا يعني انتهاء التحقيق، أو توجيه لوائح اتهام.
وحسب المعلومات التي نشرتها وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن المشتبه بهم هم أعضاء تنظيم يهودي يتشبه بقيامهم بأعمال إرهابية متعددة إحداها حرق عائلة دوابشة.
عميل لـ"الشاباك" متورط
وتوصّل موقع "عرب 48" لمعلومات خطيرة تفيد بأن أحد المخططين للعملية هو عميل لـ"الشاباك"؛ وهو الأمر الذي يتستر عليه الجهاز الأمني الإسرائيلي حتى اليوم.
وحسب الموقع فإن عميل "الشاباك" حرّض "فتية التلال" على ارتكاب جرائم ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، وكان على علم بجريمة هزّت البلاد قبل شهور (حرق عائلة دوابشة).
وأكد الموقع أن "الشاباك" اعتقل مؤخرًا ناحوم غنيرم وناشطًا آخر يدعى إليشع أودس، ووضعهما رهن الاعتقال الإداري للاشتباه بهما بارتكاب الجريمة.
ووفقًا لموقع "تيكون عولام" فإن عدم تقديم لوائح الاتهام ضدهما جاء خشية كشف إخفاق "الشاباك"، إذ كان عميله على علم بمخطط الجريمة، ولم يبلغ "الشاباك" بذلك، خوفًا من افتضاح أمره في أوساط اليمين. وحسب الموقع ذاته، فقد اعتقلت الأجهزة الأمنية شابين، اليوم، على ذات الخلفية.
وتنشط عصابات إرهابية يهودية تحمل أسماء "فتية التلال" و"تدفيع الثمن" في الضفة الغربية والقدس، حيث تقوم بمهاجمة منازل ومزارع ومساجد بصورة مستمرة.
ووفق الإعلام الإسرائيلي فإن التحقيق يجري بالتعاون بين الشرطة الإسرائيلية، وجهاز الأمن العام (الشاباك) والنيابة العامة.
وكانت موجة من الاحتجاجات قد عمّت مدن الضفة الغربية بعد جريمة دوما، بينما صدر قرار إسرائيلي في حينه بحظر النشر حول تفاصيل التحقيق في القضية حتى الأيام الأخيرة التي بدأت ترشح فيها معلومات عن تطورات جديدة، واليوم (الخميس) سمحت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بنشر بعض تفاصيل تطورات التحقيق.
حراك من النواب العرب
وجاء الكشف الرسمي عن اعتقال الجناة بعد ثلاثة أيام من تقدم نواب عرب في الكنيست الإسرائيلي (البرلمان)، بالتماس إلى المحكمة العليا الإسرائيلية، لتقديم مستوطنين متهمين بإحراق وقتل عدد من أفراد العائلة، للمحاكمة.
وقال نواب "التجمع الوطني الديمقراطي"، في الالتماس "نتيجة لعدم حدوث تطور ومرور نحو أربعة أشهر على الجريمة، دون مثول الإرهابيين للمحاسبة القانونية، تقدم النواب غطاس وزحالقة وزعبي بالتماس للمحكمة العليا ضد (موشيه) يعالون (وزير الجيش الإسرائيلي) وضد المستشار القضائي للحكومة (يهودا فاينشتاين)، يطلب من المحكمة إجبارهم على تقديم الإرهابيين للمحاكمة فورًا، دون أي تأخير آخر".
ونقل الموقع العبري عن مسؤولي التحقيق قولهم: "لا يزال هناك يقين بأن المعتقلين هم من مرتكبي الحرق العمد والقتل في دوما، ولكن هناك شك معقول أنهم متورطون في الحادث".
محامي أحد المتورطين، تشاي شريط، اتهم الدولة العبرية بأنها غير ديمقراطية، لافتا إلى أن موكله اعتُقل قبل ثمانية أيام لم يسمح له خلالها بزيارته.
شكوك فلسطينية
وقلل الحقوقي الفلسطيني فؤاد خفش من أهمية الإعلان الإسرائيلي، مشككا في قدرة القضاء الإسرائيلي على محاسبة الإرهابيين الإسرائيليين.
وقال خفش لبوابة "العين": "الموضوع منذ أسبوع وهم أبناء حاخامات، والتبرير سيكون واضحا من قِبل الاحتلال أنهم مرضى نفسيون"، في إشارة إلى الذرائع الإسرائيلية المعتادة، في حالات مماثلة والتي كان آخرها تأجيل محاكمة المتهم الرئيس في قتل الطفل الفلسطيني محمد أبو خضير؛ لحين فحص حالته النفسية قبل عدة أيام، وهو الأمر الذي نُظر إليه كخطوة تمهّد لتبرئته من جريمة القتل والحرق البشعة.
وأكد خفش أنه "لا ثقة إطلاقا بالمحاكم الإسرائيلية"، موضحًا أن هذه المحاكم "تكيل بمكيالين، تحكم بالمؤبد على من يقتل إسرائيليًّا، وتبرر قتل الفلسطيني من قِبل الإسرائيلي بأنه مضطرب نفسيًّا وفي أحسن الحالات يتم الحكم عليه بغرامة مالية تافهة".
ما يعزز الشكوك الفلسطينية، إضافة إلى تأجيل محاكمة قاتل الطفل أبو خضير، إقدام سلطات الاحتلال قبل يومين على إغلاق ملف التحقيق في قضية إحراق مماثلة لإحراق منزل عائلة دوابشة، وهو الحادث الذي وقع في الرابع من تشرين أول الماضي حين قام مجهولون بإلقاء زجاجة حارقة على منزل فلسطيني قرب بيت لحم، ولسبب تقني لم تشتعل الزجاجة فقررت الشرطة إغلاق الملف بادعاء عدم معرفة الجاني.
إلى جانب هذه القضايا التي حظيت بتغطية واسعة في وسائل الإعلام يجري التحقيق حاليا في جرائم أخرى لعصابات "تدفيع الثمن"، وهي جماعة إرهابية يهودية من المستوطنين تنفذ هجمات ضد الفلسطينيين، فيما يجري التغاضي عن غالبية هذه الجرائم.
لن نغفر ولن ننسى
ويؤكد الحاج حسين دوابشة الذي استُشهد نجله وحفيده في الجريمة: "لا نثق بالقضاء الإسرائيلي، فدوره معروف في التغطية على جرائم المستوطنين، ومطلبنا أن تجري محاكمة حقيقية للقتلة، وللمحرضين على الجريمة من قيادات الاحتلال والمستوطنين".
وقال دوابشة لبوابة "العين": ما حدث جريمة نكراء، أحرقوا المنزل بمن فيه وهم أحياء، لقد استشهد الجميع ولم يبقَ إلا أحمد، مطلبي أن يُحرقوا ويُعدموا كما أعدموا ابني وزوجته وحفيدي".
وشدد على أن عائلته ككل الشعب الفلسطيني لن تغفر ولن تنسى هذه الجريمة وغيرها من الجرائم المستمرة يوميًّا.
واعتبر المحلل السياسي مأمون شحادة أن الإعلان الإسرائيلي عن الكشف عن قتلة عائلة دوابشة واعتقالهم، ما هو إلا "رسائل تحويرية وموجهة إلى المجتمعات الغربية خصوصًا الأوروبية، بعد التحرك الأوروبي لمقاطعة منتجات المستوطنين ووسمها بعلامة مشبوهة قبل نحو أسبوعين".
وأوضح شحادة لبوابة "العين"، أن إسرائيل تحاول جاهدة أن تقنع المجتمع الغربي بأنها تواجه أعمال المستوطنين الإرهابية خصوصًا أنها متهمة بدعم تلك المجموعات المتطرفة المنتشرة في الضفة الغربية، مثل: مجموعة تدفيع الثمن، وحراس الهيكل، والقبعات الخضراء، وأمناء جبل الهيكل، وغيرها من التشكيلات التي تشكل خطرًا حقيقيًّا على الفلسطينيين في الضفة والقدس.
وتابع: "إسرائيل تدرك أن تحرك الشارع الأوروبي لم يكن الوحيد ضمن دائرة الإدانة لجرائمها وجرائم مستوطنيها، بل امتد إلى الوسط الأمريكي على اعتبار أن الأعمال الإسرائيلية أصبحت تتجه نحو تدهور العلاقات مع الشعوب الغربية وحكوماتها"، لذلك اضطرت إلى القيام بتلك الخطوة الرمزية.
واستبعد شحادة اتخاذ إسرائيل إجراءات عقابية رادعة بحق قتلة عائلة دوابشة، مبينًا "أن إسرائيل تتجه نحو اليمين المغالي في تطرفه ضد الفلسطينيين.. فكيف لها محاكمة أفراد شبّعتهم بأفكار يجرمها القانون"، متوقعًا أن يكون مصير قتلة عائلة دوابشة مماثلًا لقتلة أبو خضير.
aXA6IDE4LjIyNS4xNTYuOTEg جزيرة ام اند امز