ترامب يصعّد ضد بكين: الصين عدائية.. ولا لقاء مع شي ورسوم جمركية هائلة في الطريق
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الجمعة، إنه "لا يبدو أن هناك مبررا" للقاء الزعيم الصيني شي جين بينغ خلال زيارته المرتقبة إلى كوريا الجنوبية، ملوحا بفرض رسوم جمركية إضافية بعد أن فرضت الصين قيودا على صادرات المعادن النادرة الضرورية للصناعة الأمريكية.
وأشار الرئيس الجمهوري إلى أنه يدرس "زيادة هائلة" في ضرائب الاستيراد على المنتجات الصينية، ردًا على الخطوات التي اتخذها شي جين بينغ، معتبرا أن ذلك قد يشكل إما موقفا تفاوضيا للولايات المتحدة، وإما خطوة انتقامية جديدة قد تثير مخاوف بشأن استقرار الاقتصاد العالمي.
ووفقا لوكالة "أسوشيتد برس" كتب ترامب عبر منصته "تروث سوشيال": "إحدى السياسات التي ندرسها حاليا هي زيادة هائلة في الرسوم الجمركية على المنتجات الصينية الواردة إلى الولايات المتحدة. وهناك أيضًا العديد من التدابير المضادة الأخرى التي تُدرس بجدية".
وتتنافس الولايات المتحدة والصين على تحقيق مكاسب في محادثات التجارة، بعد أن أشعلت ضرائب الاستيراد المعلنة في وقت سابق من العام حربا تجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.
ورغم أن الدولتين اتفقتا على تخفيض الرسوم الجمركية عقب مفاوضات في سويسرا والمملكة المتحدة، فإن التوترات لا تزال قائمة، خصوصا مع سعي الصين إلى تقييد وصول الولايات المتحدة إلى المعادن الأرضية النادرة، التي يصعب استخراجها وتُعد أساسية في إنتاج التقنيات الأمريكية المتقدمة.
لم يُلغِ ترامب رسميا اجتماعه مع شي، ما يشير إلى احتمال عدم انعقاده ضمن جولته الآسيوية نهاية الشهر الجاري، والتي كان من المقرر أن تشمل محطات في ماليزيا، التي تستضيف قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، إضافة إلى اليابان وكوريا الجنوبية، حيث كان يفترض أن يلتقي شي قبيل قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (APEC).
وقال ترامب في منشور آخر: "كان من المقرر أن ألتقي الرئيس شي بعد أسبوعين في منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ، وكذلك في كوريا الجنوبية، ولكن يبدو الآن أنه لا يوجد سبب لذلك".
وقد كسر تهديد ترامب حالة الهدوء التي سادت وول ستريت لمدة شهر، حيث انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 2% بفعل المخاوف من تصاعد التوترات التجارية بين واشنطن وبكين.
وفي اليوم السابق، فرضت الحكومة الصينية قيودا جديدة على تصدير المعادن النادرة، مشترطة على الشركات الأجنبية الحصول على موافقات خاصة قبل الشحن، كما أعلنت ضوابط إضافية على تصدير التقنيات المستخدمة في تعدين وصهر وإعادة تدوير هذه المعادن، مع رفض أي طلبات تتعلق بالمنتجات المستخدمة في الصناعات العسكرية.
ووصف ترامب الصين بأنها "أصبحت عدائية للغاية"، مؤكدًا أنها "تأسر العالم" من خلال تقييد الوصول إلى المعادن والمغناطيسات المستخدمة في الإلكترونيات الدقيقة، ورقائق الكمبيوتر، وأجهزة الليزر، والمحركات النفاثة، وغيرها من التقنيات المتقدمة.
وقال الرئيس الأمريكي: "لم أتحدث إلى الرئيس شي لأنه لم يكن هناك سبب لذلك. لقد كانت هذه مفاجأة حقيقية، ليس لي فحسب، بل لجميع قادة العالم الحر".
ولم ترد السفارة الصينية في واشنطن فورًا على طلب وكالة "أسوشيتد برس" للتعليق على تصريحات ترامب.
وأضاف ترامب أن الخطوة الصينية "غير مناسبة على الإطلاق"، خصوصا في ظل إعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في غزة، والذي سمح بالإفراج عن الرهائن المتبقين من هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وأشار، دون دليل، إلى احتمال أن الصين تحاول استغلال دوره في التهدئة بالمنطقة، متسائلا عبر منصته: "أتساءل إن كان هذا التوقيت مصادفة؟".
وفي الوقت ذاته، أشارت غرفة تجارة الاتحاد الأوروبي في الصين إلى أن الإعلانات الأخيرة من بكين "تزيد من تعقيد سلسلة التوريد العالمية للعناصر الأرضية النادرة"، مشيرة إلى أن هناك بالفعل تراكمًا في طلبات تراخيص التصدير من الجولة السابقة للقيود.
وفي وقت سابق، تسببت الحرب التجارية المدفوعة بالرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة والصين في اهتزاز الاقتصاد العالمي، بعد أن فرض ترامب رسومًا بلغت 145% على البضائع الصينية، وردت بكين بضرائب استيراد وصلت إلى 125% على المنتجات الأمريكية، ما أدى فعليًا إلى حصار تجاري متبادل بين البلدين.
وأعقبت ذلك مفاوضات خفّضت الرسوم الأمريكية إلى 30%، مقابل 10% فقط من الجانب الصيني، مما أعاد فتح قنوات الحوار، لكن الخلافات الجوهرية ما زالت قائمة حول المعادن النادرة، وقيود تصدير رقائق الكمبيوتر، ومبيعات فول الصويا الأمريكي، وسلسلة من الرسوم المينائية المتبادلة.
ويرى مراقبون أن تهديد ترامب الأخير قد يكون مناورة لزيادة الضغط على الصين، أو مؤشرًا على تصعيد تجاري جديد يلوح في الأفق.
وقالت ويندي كاتلر، النائبة الأولى لرئيس معهد سياسات جمعية آسيا، إن تصريحات ترامب "تعكس هشاشة الوفاق القائم بين البلدين"، مضيفة أنه "من غير الواضح ما إذا كان الجانبان مستعدين لتهدئة التوترات لإنقاذ الاجتماع المرتقب".
أما كول ماكفول، الباحث في مركز الأمن والتكنولوجيا الناشئة بجامعة جورج تاون، فأكد أن ترامب بدا في منشوره وكأنه "يهيئ الأرضية لمفاوضات جديدة"، بينما ترى الصين أن دخولها المحادثات مجددًا يمثل نجاحًا بحد ذاته، بعد أن تمكنت من انتزاع تنازلات رئيسية من واشنطن.
من جانبه، قال كريغ سينجلتون، المدير الأول لبرنامج الصين في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إن منشور ترامب قد "يُمثل بداية نهاية هدنة الرسوم الجمركية"، التي كانت قد خففت مؤقتًا من حدة المواجهة التجارية بين البلدين.
ورغم عدم وضوح كيفية تنفيذ تهديدات ترامب أو رد الصين عليها، فإن المحللين يجمعون على أن الخطر بات واضحا: "لم يعد الاضطراب بين الجانبين مجرد استعارة، فكلا الطرفين يشهر أسلحته الاقتصادية في الوقت نفسه، ولا يبدو أن أحدهما مستعد للتراجع"، وفقًا لما ختم به سينجلتون تصريحه.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuODcg جزيرة ام اند امز