ا هو إرهابي آخر، العروسي عبدالله، ظهر أن ملفه الجنائي كانت تعلم به المخابرات الفرنسية، مثل سابقيه في باريس وبروكسيل وأورلاندو
ها هو إرهابي آخر، العروسي عبدالله، ظهر أن ملفه الجنائي كانت تعلم به المخابرات الفرنسية، مثل سابقيه في باريس وبروكسيل وأورلاندو الذين تبيّن أن أسماءهم، مرتكبين ومنظِّمين للمجازر، كانت تحت المراقبة قبل ذلك من قِبَل مخابرات كل بلد من البلدان التي حصلت فيها مجازر العامين 2015 و2016 في الغرب؟
إذن أكثر فأكثر يظهر وجود ما سمّيتهُ في مقالي أمس الأول "المجتمع الصغير" من الإرهابيين* الذين ترصد كلّاً منهم بشكل دائم أجهزةُ المخابرات في الغرب وقبل حصول المجزرة ويتأكّد كل مرة أن لهذا "المجتمع" سجلَ أحوال شخصيةٍ يأتي منه الإرهابي لكي يقتل ويبيد مثلما يأتي "الناخبون" من سجلات الأحوال الشخصية للاقتراع استنادا لأسمائهم المدونة مسبقا!
إذا جاز لي استخدام هذا التشبيه المستفز قياسا بما أصبح معروفاً أن كل قاتِلٍ من الذين ارتكبوا هذه المجازر لديه سجل جنائي معروف سابقا.
يذهب إلى القتل كما يذهب الناخب إلى الاقتراع حاملا "وثيقته" معه أي أن إسمه موجود في سجلات "رسمية" وضعتها المخابرات من حصيلة جهود مراقبة وتحقيقات وأحيانا إدانات سابقة. إلى هذا الحد يمكننا الذهاب في المقارنة بعدما ظهر أن جميع الذين قاموا بالمجازر كانوا شبابا متشددين معروفين.
مجتمع مشبوه من أقلية صغيرة جدا من مسلمي الغرب وسجلات في دوائر المخابرات وضحايا وإرهاب عاد لا يهدد فقط نمط الحياة الغربي بل أيضا يضغط لتعديلات جوهرية في "فلسفة" النظم السياسية ومفاهيمها للهجرة والتعامل المتعدد المستويات معا ( ناهيك عما أفسده ودمّره من حياتنا في الشرق الأوسط وغيره).
معظم هذه المجازر تبنّتها "داعش" وقام بها "داعشيون" في السنتين الأخيرتين. وواحدة كبيرة قامت بها القاعدة (شارلي إبدو).
السؤال "الساذج" والملح الذي يطرح نفسه بعد كل مجزرة، وهو سؤالٌ أكثر إلحاحاً في الطرح بعد أورلاندو لأن المجزرة الكبيرة الأخيرة تتعلّق بالولايات المتحدة الدولة الكبرى في العالم:
ماذا ينتظر الرئيس الأميركي لتنظيم عملية استئصال سريعة لـ"داعش" وقاضيةٍ عليها بقوات خاصة أميركية فرنسية غربية بعد هذه العملية التي تكاد تهدِّد نمطَ الحياة الأميركية بل نمطَ القيمِ الانفتاحية الأميركية نفسها بعد طول استرخاء من آثار مجازر 11 أيلول وما أعقبها من ردود عسكرية أميركية غيَّرت وجه الشرق الأوسط ومصائره؟
هل يفاجئنا الرئيس أوباما في هذه الأشهر الأخيرة من عهده بقرار هجوم استئصالي استثنائي على داعش عبر عملية برية وحاسمة في الرقة والموصل على أساس فصل انتقام أورلاندو عن المبدأ الثابت للسياسة الخارجية لولايتيه وهو مبدأ عدم إرسال قوات عسكرية لشن حروب جديدة؟
الفصل ممكن لو اعتبر الرئيس أوباما ما حصل في أورلاندو تهديدا للأمن القومي أي إذا اعتبر تهديد نمط الحياة الأميركية تهديداً للأمن القومي الأميركي.
أمْ نُصاب بالإحباط مرة أخرى مثلما أُصِبنا به بعد التوقعات الانتقامية التي تعالت بعد كل مجزرة من شارلي إبدو إلى المقاهي والمسرح في باريس إلى بروكسيل إلى أورلاندو وأمس الأول ضواحي باريس؟
حتى الآن ومنذ صدمة أورلاندو حاول الديموقراطيون في واشنطن شد النقاش نحو مسائل الداخل وهي المتمثلة أساسا بموقفهم ضد حرية شراء السلاح الفردي في الأسواق الأميركية، الحرية التي يحميها في الكونغرس تقليديا لوبي شركات سلاح قوي جداً.
وكان أول من نقل النقاش إلى هذا الشأن الداخلي باراك أوباما في أول تعليق له على المجزرة.
أما الرد على مستوى السياسة الخارجية فلا جديد فيه ومن الصعب الاقتناع بأنه مطروح على الطاولة بأشكال مفاجئة غير مألوفة.
إلا إذا كان هذا الحدث الرهيب في أورلاندو من شأنه قلب الأوراق الانتخابية جذريا في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
حتى اليوم وبعد سنتين صعبتين في باريس وبروكسيل وأمس في أورلاندو كان المنتَظر دائما أجوبة حاسمة تُنهي أي متنَفَّس للإرهاب.
تأخر استئصال داعش. دائما يتأخّر استئصال داعش.
الرأي العام العالمي يعيش على وقع هذا الشعور بأن الاستئصال "يتأخر" منذ اللحظة الأولى لقيام "دولة" داعش المفاجئ. تأخر مستر أوباما ومسيو هولاند وإن كنا جميعا في الجحيم الداعشي.
هذه لحظة قد يكون على الرئيس باراك أوباما أن يختار فيها بين خيارين سيئين جدا وعليه اعتماد أحدهما. جورج دبليو بوش ودونالد ترامب.
الخيار البوشي يعني التحرك بسرعة لضربة عسكرية برية مباشرة لاستئصال داعش كما فعل بوش عام 2001 في أفغانستان أو تركُ المسرح الانتخابي الأميركي لقمة سائغة لحملة دونالد ترامب وأفكارها العنصرية والمتهوِّرة (بل المخجلة حسب هيلاري كلينتون) كما يظهر من مجرى السجال المستجد في الحملة الانتخابية وخصوصا جديدها التي يتهم أوباما بالتعاطف مع الأيديولوجيا الإسلامية وبعدم تسمية الإسلام المتشدد علنا كمصدر خطر رئيسي على الولايات المتحدة.
*نقلا عن جريدة "النهار"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة