مصر تتسلح بالاستثمار الحكومي لتعويض انكماش القطاع الخاص
الحكومة المصرية تضاعف الاستثمارات العامة بالموازنة الجديدة من 75 مليارا إلى 239 مليار جنيه.. ما مصير استثمارات القطاع الخاص؟
يمضي الاقتصاد المصري بوتيرة متسارعة إزاء تزايد الاعتماد على الإنفاق الحكومي في تنفيذ الاستثمارات، مع تقلص الدور الاستثماري للقطاع الخاص تأثرًا بأزمة نقص العملة الصعبة واتساع الفارق بين السعرين الرسمي والموازي للدولار مما أدى لارتباك خطط العديد من الشركات.
وتحاول الحكومة تعويض تراجع استثمارات القطاع الخاص بالتوسع في الاستثمار بقطاعات متعددة تتنوع بين كثافة العمالة وتجهيز البنية التحتية اللازمة للاستثمارات المستقبلية للقطاع الخاص، وهي الخطوة التي تراهن عليها الحكومة لإعادة تنشيط الاستثمارات الخاصة واعتبار أن التراجع الحالي "أمر مؤقت".
وتكشف موازنة العام المالي المقبل 2016/2017 عن استهدف ضخ استثمارات بقيمة 531 مليار جنيه تتوزع بواقع 239 مليار جنيه استثمارت عامة مقارنة بنحو 75 مليار جنيه متوقعة بموازنة العام الحالي، و292 مليار جنيه للقطاع الخاص مقابل 360 مليار جنيه في الموازنة الحالية.
وتكشف هذه الأرقام أن إجمالي الاستثمارات العامة ستساهم بنحو 45% من استثمارات الموازنة مقابل 55% للقطاع الخاص، بعد أن كان الأخير يستهدف المساهمة بنسبة 75% من استثمارات موازنة العام المالي الحالي.
من جانبه، قال أحمد عبد الغني، الرئيس التنفيذي لشركة ريدج كابيتال – مصر، إن استراتيجية الحكومة تقوم الآن على تنفيذ عدد من المشروعات القومية التي تطلب استثمارات ضخمة في مجال الطاقة الكهربائية والطرق ومشروعات الإسكان الاجتماعي والمتوسط واستصلاح 1.5 مليون فدان، والبنية التحتية بمشروع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
وأضاف أن الحكومة تخطط لتنويع أوجه الإنفاق ما بين ضخ استثمارات مباشرة وتأسيس صناديق لإنشاء المشروعات بالشراكة مع القطاع الخاص مثل صندوق أملاك السيادي الذي تخطط الحكومة لإنشائه.
وأكدت الحكومة في البيان المالي لموازنة العام المالي المقبل أن الطفرة التي تشهدها الاستثمارات الحكومية تستهدف رفع معدلات النمو ودفع النشاط الاقتصادي لتوليد فرص عمل حقيقية وتحقيق زيادة في الدخول وخفض معدلات البطالة بواقع 1% لتصل إلى 11.5 – 12%.
وتتركز هذه الاستثمارات في استكمال مشروع الطرق واستصلاح الأراضي وبناء 200 ألف وحدة سكنية بمشروع الإسكان الاجتماعي بتكلفة 33 مليار جنيه، فضلا عن دخول 3 محطات كهرباء الخدمة بقجرة 14.4 جيجا وات.
واعتبر عبدالغني أن التحدي الحقيقي أمام الحكومة هو كيفية تدبير موارد الاستثمارات المستهدفة، خاصةً في ظل تفاقم الدين المحلي وارتفاع عجز الموازنة، ولكنه أكد أهمية استثمارات الحكومة في البنية التحتية لكونها توفر البيئة الملائمة لتمكين القطاع الخاص من الاستثمار.
وقد ارتفع الدين العام في نهاية مارس آذار 2016 إلى 2.964 تريليون جنيه، يتوزع بين 2.49 تريليون جنيه دين محلي، و53.4 مليار دولار دين خارجي.
وتعتمد الحكومة في تمويل استثماراتها المباشرة والتي تقدر بنحو 107 مليارات جنيه بموازنة العام المالي المقبل، على شقين الأول أموال الدولة بقيمة قدرها 64 مليار جنيه، فيما يتمثل الشق الثاني في منح وقروض منتظرة بقيمة 43 مليار جنيه.
وطالب الرئيس التنفيذي لشركة ريدج كابيتال – مصر بأن تتوسع الحكومة في تنفيذ مشروعات بالشراكة مع القطاع الخاص مثل نظام BOT الذي يتيح للحكومة إعداد دراسات الجدوى الاقتصادية وطرحها للقطاع الخاص بهدف الانتفاع من إيرادتها لفترة زمنية طويلة تصل إلى 25 عاما ثم إعادتها للدولة.
فيما لم يلق التوسع الاستثماري للحكومة قبول البعض الآخر باعتباره يلقي على الموازنة بأعباء جديدة، إذ قال هشام محمود، الخبير الاقتصادي، إن الحكومة تلجأ لتوسيع النفقات الاستثمارية في ظل إدراكها بتراجع القطاع الخاص عن ضخ استثمارات بأحجام مثيلة للسنوات الماضية وتحديدًا قبل ثورة 25 يناير كانون الثاني 2016.
وأرجع تقلص استثمارات القطاع الخاص إلى بيروقراطية الأجهزة الحكومية وعدم تفعيل الشباك الواحدة ونقص العملة ووجود سعرين للدولار بالسوقين الرسمية والسوداء، ما يسفر عن تغير أسس دراسات الجدوى وتسعير المنتجات والخدمات.
وأشار محمود إلى أن قلة موارد الدولة تسفر عن عدم تنفيذ الاستثمارات الحكومة المستهدفة بالكامل، لذا بات على الحكومة إفساح مجال أكبر أمام الشركات للتوسع في الاستثمار، وهو ما يتطلب تعديل قانون الاستثمار لتجاوز تعدد جهات ولاية إصدار التراخيص والموافقات وتخصيص الأرضي.
وقد بلغت إجمالي الاستثمارات المنفذة خلال النصف الأول من العام المالي الحالي نحو 172 مليار جنيه من إجمالي استثمارات مستهدفة بنحو 435 مليار جنيه.
وكانت الحكومة ترصد في موازنة العام المالي 2014/2015 ضخ استثمارات عامة بقيمة 67.2 مليار جنيه، لكنها أنفقت بالفعل 60.2 مليار جنيه فقط.
وفي ضوء مؤشرات الاستثمار في مصر، فإن معدل الاستثمار يظل عند مستوى متواضع بنسبة 15% من الناتج المحلي، في حين يبلغ متوسط الاستثمار العالمي نحو 20%.
aXA6IDMuMTUuMTQzLjE4IA== جزيرة ام اند امز