مسجد عمر مكرم.. ذكرى بطل شعبي وقبلة وداع مشاهير مصر
مسجد عمر مكرم كان بناؤه أول مرة ضريحا لـ"الشيخ العبيط"، ثم بات إحياءً لذكرى بطل شعبي، وأخيرا أصبح قبلة وداع المشاهير في مصر
مسجد عمر مكرم يعدّ أحد أشهر جوامع العاصمة المصرية القاهرة، ذلك لنسبته إلى أحد الزعماء الشعبيين في القرن الـ19، الزعيم الشعبي عمر مكرم الذي قاد حملة منظمة ضد ظلم المماليك لعامة الشعب وطالب برفع الضرائب عنهم، وهو الذي دعا الشعب، بعد الاحتلال الفرنسي لمصر، للقتال إلى جانب الجيش النظامي ضد الفرنسيين ونفاه محمد علي باشا أكثر من مرة خوفًا من تأثيره على الناس حتى توفي في العام 1822 م.
ويشتهر المسجد الذي يقع في الجهة الشمالية من ميدان التحرير بوسط المدينة في القاهرة، أيضاً، بخروج معظم جنازات مشاهير السياسة والفن والأدب منه.
لكن موقع المسجد الحالي شهد تاريخا غير مسبوق، حيث كان قديمًا ضريحا ومسجدا في موقع عرف بـ"الشيخ العبيط"، وتعددت الروايات التاريخية بشأن تلك التسمية، فالبعض وصف "الشيخ العبيط" بأحد أشهر علماء الدين في القرن الثاني عشر من الميلاد، وكان يطلق عليه كذلك "الشيخ البهلول" كما في الفارسية، و"الشيخ الدرويش" كما في التركية.
وفي رواية ثانية، وصف "الشيخ العبيط" بأنه كان شخصًا طيبًا هائمًا على وجهه، ولما كان المصريون مولعون بتسمية "أولياء الله الصالحين" عليهم وبناء الأضرحة لهم ووصفهم بالمشايخ، فقد بني ضريح باسم الشيخ العبيط تطور لمسجد فيما بعد.
بينما اتهمته الرواية الثالثة بأنه كان جاسوسا لمحمد علي باشا، فيما قالت الرواية الرابعة أنه كان شخصا يدعى يوسف يرتدي زي الدراويش ويدعي الجنون ليسرق ويقتل العامة في مكان مظلم بالقرب من المسجد الحالي.
ورغم اختلاف القصص المتداولة حوله، إلا أنها لم تصنع فارقا لأن المسجد والضريح تم هدمهما بمرور الوقت لبناء وتأسيس مسجد عمر مكرم مكانهما في 1952.
وعن تفاصيل المسجد، وصفت سعاد ماهر في كتابها "موسوعة مساجد مصر وأولياؤها الصالحون"، مسجد عمر مكرم بأنه "جامع معلق يرتفع عن مستوى الشارع بسبع درجات رخامية ويتكون من جزأين منفصلين؛ الأول عبارة عن مربع له مدخل رئيسي في الركن الشمالي الشرقي، ومدخل آخر في الجانب الغربي، وهو الجزء المخصص للصلاة، وفي وسط جدار القبلة يوجد محراب كبير يتوسطه صحن صغير يحيط به أربعة إيوانات أمام كل منها دعائم حجرية".
أما الجزء الثاني فعبارة عن مستطيل يتوسطه صحن به فتحات للتهوية والإضاءة وأعد خصيصًا ليقام فيه المعزى.
ويؤكد الدكتور مختار الكسباني، عالم الآثار الإسلامية والأستاذ بكلية الآثار جامعة القاهرة، أن
"المسجد صممه المهندس الإيطالي ماريو روسي، الذي عمل في وزارة الأوقاف المصرية وأسلم وعاش حياته بها وأطلق عليه "صنايعي مساجد مصر" ومن أبرز المساجد التي شيدها مسجد القائد إبراهيم في الإسكندرية، وعمر مكرم، ومحمد كريم".
ويختتم الخبير الأثري بالقول "اكتسب عمر مكرم أهميته من وجود دار مناسبات للعزاء بداخله ربطت اسمه بجنازات أشهر الشخصيات في مصر على مدار سنوات طويلة وخاصة لوجوده في موقع حيوي هو ميدان التحرير، أما الآن فانتشرت مساجد مهمة بها دور مناسبات مثل مسجد المشير ومسجد مصطفى محمود".