أسبوع "تصريحات البقاء" .. فخ للأسد أم تمكين من الفريسة؟
بدأها رئيس وزراء بريطانيا ثم وزير خارجية أمريكا وأخيرًا وزير خارجية فرنسا
تصريحات رئيس وزراء بريطانيا ثم وزيرا خارجية أمريكا وفرنسا حول بقاء الأسد، قرأها البعض بأنها "فخ له"
قبل أربعة أيام، قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، إن الخلاف بين الدول الغربية وروسيا بشأن مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد تقلص وسيتقلص أكثر، ثم أتبعه وزير الخارجية الأمريكي بالقول في 4 ديسمبر، إنه قد يكون من الممكن حدوث تعاون بين السلطات السورية والمعارضة ضد تنظيم داعش، دون رحيل الرئيس السوري بشار الأسد مؤقتًا.
وأول أمس قال لوران فابيوس وزير خارجية فرنسا، إن بلاده لا تتمسك بـرحيل الأسد قبل الانتقال السياسي.
كل هذه التصريحات عندما توضع إلى جوار بعضها البعض، تعطي مؤشرًا بأن القوى الدولية ربما تكون قد توصلت إلى تصور ما حول مصير بشار الأسد، ولكن إلى أي مدى سيكون هذا التصور في صالح الشعب السوري؟ .. هذا هو السؤال الأهم، الذي تباينت آراء المعارضة السورية في الإجابة عليه.
السواد الأعظم من المعارضة، رأى في هذه التصريحات التي تواترت خلال أسبوع، بأنها تمكين للأسد من فريسته، وهي "الشعب السوري".
وبينما كانت هناك فرصة لإجراء إسعافات تبقي الفريسة على قيد الحياة بعد التخلص من الأسد، يرى أصحاب هذا الرأي أن المجتمع الدولي لا يريد لهذه الفريسة أن تنجو، بل بالعكس يساهم في وضع الشباك التي تعرقلها، وتمكن الأسد من الإجهاز عليها.
العقيد المنشق فايز الأسمر، واحد ممن يمثلون هذا الاتجاه، كتب على صفحته الرسمية بالفيس بوك، واصفًا هذه التصريحات بأنها "تمثل مؤامرة من الجميع وجزء من سيناريو وأْد الثورة وتمييع أهدافها".
ووصف الأسمر، وهو عضو الآن في شبكة الثورة السورية، رحيل الأسد وإقالة المسؤولين الذين تورطوا في المجازر السورية وجميع القوى الطائفية والمتطرفة، التي دعمت النظام الذي ذبح السوريين واغتال أبناء سوريا، بأنها "من بديهات الثورة السورية".
واكتفى المعارض السوري برهان غليون بردٍّ مقتضب على صفحته بموقع "فيس بوك"، حيث وضع رابطًا لصحيفة بريطانية تتحدث فيها مواطنة بريطانية من أصل سوري عن التعذيب الذي تعرضت له في سجون سوريا، وقال: "هذا هو النظام الذي يريد كيري وبوتين الحفاظ عليه".
وكان رد فصائل الجيش السوري الحر أكثر حزمًا، وكتب أبو يحيى الحموي القائد العام لحركة أحرار الشام الإسلامية على حسابه بـ"تويتر"، منددًا بهذه التصريحات.
وقال: "لن تفقدنا التصريحات توازننا ولن تحرفنا الضغوطات عن مبادئنا، لعبة الإعلام لن تغرينا ولا هي تستهوينا، اللهم امكر لنا ولا تمكر علينا".
وتابع: "أدعو إخواني جميعًا إلى كلمة سواء نفرضها على من يريدنا أن نرضى بالذل والهوان ونهدر دماء وتضحيات شعبنا، ومن لا يرغب فليتلطف بنا ولا يزايد علينا".
بين السطور
هذه الآراء تعكس قراءة مباشرة للتصريحات، ولكن عضو الائتلاف السوري المعارض بسام الملك يقول إن هناك قراءة لما بين السطور، تحيل نتيجتها إلى حقيقة أن هناك فخًّا يتم نصبه للأسد، لدفعه للجلوس على مائدة المفاوضات.
ومنذ أن أعلنت القوى الدولية عن توصلها الشهر الماضي لاتفاق بشأن الحل السياسي في اجتماع فيينا، أجرى الأسد سلسلة من الحوارات الصحفية والتليفزيونية، ركزت جميعها على نقطة واحدة، وهي صعوبة الاتفاق على تنفيذ مقررات اجتماع فيينا، خلال مؤتمر جنيف في يناير المقبل، طالما أن الإرهاب يهدد سوريا.
ويقول الملك في تصريحات خاصة لبوابة العين: "إذا رجعنا لتفاصيل الحل السياسي الذي أقره اجتماع فيينا، وهو تشكيل حكومة خلال 6 أشهر تضع جدولًا زمنيًّا لعملية صياغة دستور، وإجراء انتخابات خلال 18 شهرًا، سنكتشف أن حظوظ بشار الأسد في البقاء، إذا جلس على مائدة التفاوض لن تتعدى ستة أشهر، وهي الفترة التي تحتاجها القوى الدولية للاتفاق على تشكيل الحكومة.
ويضيف: "تحمل هذا الكابوس ستة أشهر، أفضل من أن يظل جاسمًا على صدور السوريين".
ويملك عضو الائتلاف السوري من الدلائل ما يبرهن بها على حديثه، ومنها تصريح علي أكبر ولايتي، كبير مستشاري المرشد الأعلى الإيراني، لقناة "الميادين" الموالية لإيران وحزب الله اللبناني قبل ثلاثة أيام، والذي قال فيه إن "إيران على أتم الاستعداد لاستضافة بشار الأسد".
ومن الدلائل الأخرى إعلان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، أمس الأحد، عن جولة ثالثة من المباحثات حول الأزمة السورية تعقد قبل مؤتمر جنيف في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة، يوم 15 ديسمبر الجاري، وهو ما يعني -بحسب الملك- أن هناك جديدًا تم الاتفاق عليه بشأن رحيل الأسد، بعد فترة لن تتجاوز -في رأييه- الستة أشهر.
فهل يكون أسبوع تصريحات البقاء "فخًّا للأسد"، كما يتوقعه الملك، أم تمكينًا له، كما يرى آخرون .. عوَّدتنا الأزمة السورية بتقلباتها السريعة على صعوبة الانحياز لرأي دون آخر، وفي انتظار ما ستُسفر عنه الأيام.
aXA6IDE4LjIxOC43Ni4xOTMg
جزيرة ام اند امز